الرؤية الملكية المحلية والإقليمية والدولية (٦)

  • 10/25/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أعود لمتابعة مقالي السادس والأخير للرؤية الملكية بعد توقف الأسبوع الماضي للكتابة حول (مفاجأة أكتوبر) التي اطلقتها الصحف والفضائيات الامريكية في نشراتها الإخبارية بعد (قرار أوبك بلس) بتخفيض انتاج النفط بمقدار مليوني دولار يوميا في أسواق النفط العالمية وأثار الإدارة الامريكية بأنه قرار سياسي يدعم روسيا في الحرب الأوكرانية، كما اوقعوا اللوم على المملكة العربية السعودية ضاربين عرض الحائط بأن هناك 23 عضوا في اوبك بلس وافقوا على القرار بالاجماع!! وهذا الموقف يشكل ترجمة حقيقية تعكس التوتر القائم في العلاقات السعودية الامريكية بالسنوات الاخيرة.  في مقالي هذا الاسبوع اركز على الرؤية الملكية تجاه مجلس التعاون فنجد انها تتحدث عن قناعة راسخة بأهمية التنسيق والتقارب بين دوله الشقيقة بعد ما تحقق في الاربعين عاما الماضية منذ قيام المجلس من الإنجازات المشتركة والتقارب المنشود وهو -كما ترى الرؤية الملكية- مرشح للمزيد من التقارب والتلاحم والاتفاق على الحد الأدنى من الاتفاق الموحد حول القضايا التي تهم مجلس التعاون على مستوى العلاقات الخاصة بين دوله الاعضاء وعلى صعيد العلاقات مع الدول العربية والصديقة والحليفة صاحبة المصالح في المنطقة. لذلك فإن المجلس مطالب بالمزيد من التنسيق والتعاون بما يسمو به الى مستوى الاتحاد الفعال، مواكبة للحركة المتسارعة في العالم واستجابة لتطلعات الشعوب الخليجية المؤمنة بأن مصالحها لا يمكن ان تتحقق وتصان إلا بالتماسك والاتحاد.  الان الاتحاد الخليجي الذي يعتبر الحصن الحصين لدول المجلس وشعوبه من التهديدات والاخطار والطريق الحقيقي نحو تثبيت امنها واستقرارها ومستقبل رائع وجميل للأجيال القادمة، مما سيكون له دور بتفعيل دور المجلس على نحو يستشعره المواطن الخليجي خلال حياته اليومية، لذلك جاءت جميع مبادرات ومشاريع ومقترحات البحرين انعكاسا لايمانها بالمصير الواحد لمواطني مجلس التعاون وتحقيق المواطنة الخليجية الكاملة والتكامل الاقتصادي بين دوله الاعضاء، الا ان عدم الرغبة في تحقيق الاتحاد الخليجي المطلوب لدى بعض الدول الاعضاء، ادت الى تلاشي آمال قيام الاتحاد الخليجي ادراج الرياح.  لقد كان للرؤية الملكية تصور مهم حول المشاركة الشعبية الخليجية حيث رأت بأهمية تشكيل لجنة من ذوي الخبرة والاختصاص لمراجعة النظام الاساسي للهيئة الاستشارية بهدف توسيع صلاحياتها بما ينعكس على تفعيل الدور المأمول منها. وفي اعتقادي بأنها رؤية متقدمة نحو بناء نظام خليجي قائم على المشاركة الشعبية لدول المجلس من شماله بالكويت الى جنوبه بسلطنة عمان، الا ان هذه الرؤية التي اقرها قادة دول مجلس التعاون في قمته في ابوظبي بديسمبر 2009 ظلت قابعة في ادراج الدول الاعضاء والامانة العامة حتى الان.  وكان للرؤية الملكية تصور متقدم على الزمان والمكان فيما يتعلق بحقوق الانسان بفضل ما تم تحقيقه في الدول الاعضاء من انجازات وخطوات كبيرة في هذا المجال الذي كان كالشماعة التي عملت الدول الغربية على استقلاله للتدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون. لذلك رأت ان ما تمليه الظروف والتحديات القائمة وما تنص عليه قيمنا العربية النبيلة والشريعة الاسلامية السمحاء، تستوجب الوقوف امام كل التدخلات الخارجية المعتمدة على حقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير وتسليط الضوء على تلك الانجازات التاريخية التي حققتها دول المجلس في هذا المجال ودعمها خاصة وانها تتوافق مع كافة المواثيق والعهود الدولية بالشكل الذي يظهرها للعالم بالاسلوب الصحيح والتوجيه بالنظر في الطرق المناسبة لابراز هذه النجاحات منذ ستينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا. فهناك التجربة الكويتية التي لم تزل تقدم نماذج رائعة للمشاركة الشعبية، وما يجري هذه الايام من حراك ديمقراطي رائع في البحرين لانتخابات المجلس النيابي والمجالس البلدية التي تعكس ايمان القيادة العليا بأهمية استمرار العمل على تثبيت المشاركة الشعبية على اوسع نطاق. وهناك تعيينات وانتخابات لمجالس الشورى والمجالس البلدية في السعودية والامارات وقطر وعمان وكلها تنصب في طريق واحد وهو طريق المشاركة الشعبية في الحكم خطوة خطوة حتى تكتمل بعد نضوج الفكر الديمقراطي لدى شعوب دول مجلس التعاون.  الا ان كل تلك العناصر المهمة والجادة في الرؤية الملكية، ترى اهمية وجود آلية للمتابعة وتنفيذ القرارات لانها تساعد على دعم مسيرة التعاون المشترك في كل المجالات حرصا على تسريع اجراءات تنفيذ القرارات في الدول الاعضاء لذلك ترى اهمية تعيين وزير لشؤون مجلس التعاون في كل دولة من دول المجلس ليكون مسؤولا عن متابعة جميع قرارات المجلس الاعلى والمجلس الوزاري.  كما كان للرؤية الملكية بعد سياسي عربي مرتبط ارتباطا وثيقا بالامن الخليجي يقوم على نظرة واقعية للاخطار والتهديدات التي تواجه مجلس التعاون وتداعياتها، ومن اهمها:  اولا: من مصلحة دول وشعوب منطقة الخليج العربي التوصل الى حل سلمي لازمة الملف النووي الايراني، الا ان الازمة مرشحة للتصعيد والتصادم المرتقب لذلك ترى الرؤية الملكية التي رفعها جلالة الملك المعظم عام 2008 والموافقة عليها عام 2009 من قبل اصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس في قمتهم بأبوظبي، بأن على دول المجلس الاستعداد لخطة طوارئ تجابه مضاعفات الموقف على امن شعوب مجلس التعاون ودوله وعلى مصالحها الاقتصادية والمعيشية المباشرة.  ثانيا: اما التهديد الآخر للامن الخليجي المباشر فهو التمرد الحوثي الذي لم يعد يهدد امن اليمن بل تعداه الى امن المملكة العربية السعودية وبقية الدول الاعضاء في دول المجلس بعد ان اصبحت الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة التي تزودها ايران للحوثيين مصدر الخطر والتهديد المباشر للامن الخليجي، لذلك ترى الرؤية الملكية اهمية الاتفاق في التقييم لمجريات الاحداث لاتخاذ الحد الأدنى للموقف السياسي المناسب بين دول المجلس والدول العربية تحت مظلة الجامعة العربية ثم الاتفاق على خطة مواجهة مشتركة من شأنها وقف استمرار التهديدات والاعتداءات انطلاقا من ان الامن الخليجي العربي واحد لا يتجزأ.  يبقى امر مهم على دول مجلس التعاون مواجهته وهو العبث الامريكي في المنطقة منذ تحرير الكويت وغزو العراق والانسحاب من العراق وتقديمه لقمة سهلة الى ايران والانسحاب من العراق وايران وافغانستان والمفاوضات مع ايران حول ملفها النووي واستمرار الحرب في اليمن للضغط على السعودية لتحقيق اهدافها واهداف ايران في المنطقة، إذ يؤكد على ان الادارة الامريكية اصبحت عبأ على نفسها وعلى غيرها من دول مجلس التعاون بعد ان باعدت الخلافات وتوتر العلاقات حتى وصلت الامور الى حد التآمر علي دول المجلس لاسقاط انظمتها، فلم يعد الحليف حليفا موثوقا به ولم تعد المواقف الضبابية الامريكية ممكنا قبولها من القيادات الجديدة الشابة في دول مجلس التعاون، واصبح البديل تمتين الروابط وبناء الاستراتيجية الخليجية على مبادئ واسس مقبولة من الدول الست الاعضاء في مجلس التعاون والتي من اهمها باختصار:  - ازالة كل الخلافات التاريخية والخاصة والبحث عن حلول واقعية لها لتعزيز الثقة وبناء جسور من القناعة بالمصير المشترك.  - النظر في اعطاء الامانة العامة وامينها العام دورا تنفيذيا صريحا يقوم على اساس تحويل الامانة العامة الى مفوضية كاملة الصلاحيات، والا فإنها ستعرض نفسها الى مزيد من الضغوطات والتآمر على كياناتها وحرمة استقلالها كدول ذات سيادة.

مشاركة :