يتحول الاقتصاد العالمي، بكل مجالاته تقريبا، ببطء شديد جدا اقتصادا أخضر يسهم في درء أزمات التغير المناخي، بحسب تقرير صدر أمس، عن مجموعة من المؤسسات البحثية. من المتوقع أن يتسارع التقدم في 40 مؤشرا رئيسا التفت إليها فريق إعداد التقرير، من الطاقة والصناعة والنقل وإنتاج الغذاء وإزالة الغابات والمالية، بعشرة أضعاف أو أكثر في بعض الحالات، تماشيا مع هدف اتفاق باريس للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل 1.5 درجة مئوية. وأظهر أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أن الكوكب شهد احترارا بنحو 1.2 درجة مئوية، مقارنة بمعدل ما قبل الثورة الصناعية، بسبب الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة البشرية. ولفت التقرير الذي صدر أمس، قبل 12 يوما من انطلاق مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب 27" في شرم الشيخ، إلى أن التقدم في خمسة مجالات على الأقل يتحرك بالاتجاه الخاطئ تماما. وتشمل هذه المجالات استخدام الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء والمسافات، التي تقطعها السيارات والتلوث الكربوني الناجم عن الزراعة. وقال آني داسجوبتا، مدير معهد موارد العالم، الذي أسهم في إعداد التقرير "لسنا نحقق أي نجاح في أي قطاع، خلاصات التقرير تدق ناقوس الخطر لصناع القرار من أجل الالتزام بإحراز تحولات حقيقية عبر كل جانب من جوانب اقتصادنا". قام الباحثون بتحديد الفجوة العالمية في العمل المناخي، عبر مقارنة الجهود الحالية بالجهود المطلوب إحرازها بحلول 2030 وبحلول منتصف القرن في سبيل الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل 1.5 درجة مئوية. وقالت صوفيا بوهم، رئيسة فريق إعداد التقرير، وهي باحثة في منصة "سيستمز شينج لاب"، "الحقيقة الصعبة هي أنه لا يوجد أي مؤشر من المؤشرات الـ40 التي قمنا بتقييمها يسلك المسار الصحيح لتحقيق أهداف 2030". لمنع ارتفاع درجة الحرارة بشكل خطير، يجب أن ينخفض التلوث الكربوني العالمي 40 في المائة بحلول نهاية العقد. وبحلول 2050، يجب أن يكون العالم محايدا للكربون ويعوض أي انبعاثات متبقية بإزالة ثاني أكسيد الكربون. ووجدوا أن التخلص التدريجي من الفحم المستخدم لتوليد الكهرباء دون تصفية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يجب أن يحدث ست مرات أسرع، مما يحصل حاليا، أي ما يعادل إيقاف تشغيل نحو ألف محطة طاقة تعمل بالفحم سنويا مدى الأعوام السبعة المقبلة. والفحم، الذي يمثل نحو 40 في المائة من الكهرباء في جميع أنحاء العالم، هو إلى حد بعيد أكثر أنواع الوقود كثافة كربونية. وقالت لويز جيفري المشاركة في إعداد التقرير، وهي محللة في معهد المناخ الجديد، "إذا كان حلنا لعديد من الأشياء هو الكهربة، فنحن بحاجة إلى التأكد من أن الكهرباء نظيفة وخالية من طاقة الفحم". لم تكن الزيادات الهائلة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كافية لمواكبة الطلب المتزايد على الطاقة، ويجب زيادة الجهود في منع إزالة الغابات مرتين إلى ثلاث مرات للحفاظ على تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية في مستقبل قريب، بحسب التقرير. وقالت كيلي ليفين المشاركة في التقرير، وهي مسؤولة قسم العلوم والبيانات وتحولات الأنظمة في صندوق بيزوس للأرض، "خسارة الغابات الأولية لا رجعة فيها، سواء من حيث تخزين الكربون أو كملاذ للتنوع البيولوجي". وأضافت "إذا كان بلوغ هدف 1.5 درجة يمثل تحديا الآن، فسيكون ذلك مستحيلا تماما عندما نتخلص من أحواض الكربون الخاصة بنا"، في إشارة إلى دور الغابات والتربة في امتصاص نحو 30 في المائة من تلوث الكربون الذي يتسبب به الإنسان. وتحدث التقرير عن ضرورة زيادة أنظمة النقل العام "المترو والسكك الحديدية الخفيفة وشبكات الحافلات العامة" ست مرات أسرع، إضافة إلى تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة من إنتاج الأسمنت أسرع بعشر مرات، فضلا عن تخفيض استهلاك اللحوم وضرورة تحويل النظم الغذائية إلى نظم مستدامة أسرع بخمس مرات. وقالت كلير فايسون المحللة لدى "كلايمت أناليتيكس" "تفشل الحكومات والمؤسسات الخاصة في تحقيق أهداف اتفاق باريس لمواءمة التدفقات المالية مع الالتزام بحد 1.5 درجة مئوية". وأظهر التقرير أن تمويل جهود حماية المناخ يجب أن يزيد بمعدل أسرع عشر مرات من الاتجاهات الحالية.
مشاركة :