أعرف كم استهلكت كلمة تنمية وكم نُوعت واستُهدفت وخُذلت، برغم هذا سأمضي، مضطرا، مع سياق التسميات هذا للوصول لما أريد. تحدث كثيرون عن مفردتي تنمية اقتصادية واجتماعية ثم دمجوهما في تنمية شاملة ثم استقروا على تنمية مستدامة، وتبحث في الرؤية، انسوا الرسالة الآن، تبحث في الأهداف في البرامج في الآليات في كل هذه «التنميات» فلا تجد إلا أمنيات وينبغيات لا تأسيس لها. ساهمت الطفرة المادية ولا شك في تهميش مفهوم التنمية الاجتماعية، وهي حاصل جمع وضرب وقسمة كل التنميات، وطغى على السطح الحديث عن الأضخم والأكبر والأفضل في تنميتنا الاقتصادية المادية، وشاعت مفاهيم مثل «حط رجلك»، و«الخير موجود»، وانتهينا إلى مرحلة تعثر أكثر مشاريعنا التنموية. يضع كثيرون اللوم على الأجهزة الحكومية، وبالخصوص وزارة الشؤون الاجتماعية في تردي خدماتنا، وبالتالي تنميتنا الاجتماعية، وهو لوم في غير محله، إذ حتى في أكثر الدول رفاه لا تقوم الحكومات بكل شيء، هناك دائما دور أهلي يلعبه المواطنون لتنمية مجتمعاتهم، والحقيقة أن هناك ثلاثة قطاعات تقود عملية التنمية الاجتماعية في كل دول العالم، القطاعين المعروفين العام والخاص والقطاع الأهلي. لذا سعدت كثيرا عندما قرأت أن مجلس الشورى يدرس مشروعا لمؤسسات المجتمع المدني، صحيح أنه خرج من المجلس جزئيا، إلا أني سعدت ثانية بصدوره من مجلس الوزراء قبل فترة، محددا لمناشط بعينها، وسبب ذلك ربما للتدرج المفهوم في تقديم الخدمات الجديدة، وآمل أن يتم العمل به سريعا ليتم تطويره من واقع تجربة ليؤدي ما يؤديه أمثاله في بقية دول العالم. منظمات المجتمع المدني، أو ما اصطلح عالميا على تسميته:Non Government Organizations وتختصر في «NGO`s» تنظيم أهلي لا علاقة مباشرة له بالقطاعين الآخرين إلا مساعدتهما والاستعانة بهما لتنفيذ برامج عدة لخدمة المجتمع بأيدي أبنائه، لتحفيز روح التعاون والتآخي بين أفراد المدينة الواحدة، وهذا أساس التنمية الاجتماعية التي افتقدناها طويلا. التنمية الاجتماعية ليست ضمانا ماليا يصرف للمحتاج، وليست برامج عناية من أي نوع، هي لتنمية روح التكافل والتعاضد بين أفراد المجتمع الواحد لتنمية وتحقيق احتياجاتهم المعنوية، ولإذابة الهويات الهامشية كالعشيرة والقبيلة والطائفة والمنطقة، وترسخ فكرة الانتماء للوطن الواحد والمجتمع المتماسك، لذا تسمى أم التنميات. Hadeelonpaper@gmail.com
مشاركة :