فرص كامنة .. أين تكمن؟

  • 10/28/2022
  • 20:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تعد صناديق أسواق المال بالتجزئة من الأدوات الاستثمارية في النقد وما يعادله، كما تعد هذه الصناديق أيضا نوعا من الصناديق المشتركة، التي تستثمر في أدوات الدين قصيرة الأجل، مثل الأوراق التجارية وأذون الخزانة وشهادات الإيداع، وعادة ما يتم استخدام هذه الأموال من قبل المستثمرين الذين يرغبون في وضع أموالهم في استثمار آمن يدفع سعر فائدة أعلى من حساب التوفير أو الودائع تحت الطلب. فهي خيار شائع للحفاظ على أمان أموالهم مع كسب سعر فائدة أعلى. وفي الأغلب ما تقدم صناديق أسواق المال للأفراد امتيازات تحرير الشيكات، التي يتوقع أن تكون مفيدة للمستثمرين الذين يرغبون في الوصول إلى أموالهم، وتوفر عمليات استرداد عند الطلب، ما يجعلها قريبة للودائع المصرفية، لكنها تختلف عن الودائع من حيث إن هناك تأمينا على الودائع المصرفية، بينما هذه الصناديق لا تحظى بمثل ذلك التأمين، فهي بهذا تعد أعلى مخاطرة من الودائع المصرفية، لكنها مخاطر منخفضة المنظور، مقارنة بالاستثمار المباشر في الأسهم والأوراق المالية، مع ذلك فإنها خيار مناسب لمستثمري التجزئة الذين تجتذبهم العوائد المرتفعة، مقارنة بالودائع المصرفية مع توافر السيولة عند الطلب، ولعل جاذبية هذا النوع من الصناديق تكمن في الموقع الذي تحتله، فلا هي تتعرض للضغوط نفسها التي تتعرض لها الأسهم بالذات، ولا هي منخفضة العوائد القريبة أحيانا من الصفر في حال الودائع المصرفية، كما أنها تسمح بالتخارج السريع عندما تتقلب أجواء الأسواق ومناخها، فهي تشبه الظلال الآمنة عندما تتساقط الأمطار، بينما يريد الناس البقاء في الخارج وعدم العودة إلى المنزل. ورغم أنها تمثل نوعا من الثقة العامة بالاقتصاد، ذلك أن هذه الصناديق لا تأمين عليها، كما هي الحال في الودائع، إلا أنها أيضا ترسم ملامح القلق من تقلبات أسواق الأسهم. وفي تقرير نشرته "الاقتصادية" يوضح بجلاء هذه الصورة، فالعوائد المرتفعة المتاحة على صناديق أسواق المال زادت بشكل مطرد منذ أن بدأ الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة في مارس، وهي تغري المستثمرين العاديين، خاصة أن أسعار الفائدة على حسابات التوفير في البنوك الكبرى، مثل جيه بي مورجان تشيس وبانك أوف أمريكا، تحوم بالقرب من الصفر. فقد كانت عوائد صندوق سوق المال الحكومي التابع لشركة فايديليتي، الذي يدير 240 مليار دولار، نحو 2.6 في المائة، بينما ارتفعت العوائد على صندوق سوق المال الفيدرالي التابع لشركة فانجارد، الذي يدير 218 مليار دولار، إلى 2.83 في المائة هذا الشهر، وهذه العوائد تأتي مستفيدة من رفع "الفيدرالي" الفائدة، وتأتي أيضا في أعقاب عمليات بيع طويلة ومتقلبة في أسواق الأسهم الأمريكية هذا العام، التي قضت على نحو 15 تريليون دولار من تقييم الشركات المتداولة في الأسواق المالية، وهنا أنهى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي في "وول ستريت" الشهر الماضي أطول سلسلة من الخسائر الفصلية منذ الأزمة المالية 2008. وفي هذا الوقت المضطرب، كما يقول كبير الاستراتيجيين في إحدى شركات الوساطة المالية وفقا لتقرير "الاقتصادية"، فإن صناديق أسواق المال التي عادة ما تجذب الأفراد، أصبحت تجذب كبار مديري الأصول، الذين يحتفظون بالمال جانبا بشكل متزايد أثناء محاولتهم الانتظار حتى انتهاء الاضطرابات في كل من أسواق الأسهم وأسواق الدخل الثابت. ولا شك أن الحالة الاقتصادية العالمية اليوم تعيش حالة من الغموض والترقب، فالولايات المتحدة تعمل على مكافحة التضخم المرتفع من خلال رفع أسعار الفائدة، ما يعني ارتفاع تكاليف الاقتراض مع قلق عدد متزايد من الاقتصاديين اليوم من ركود، وتراجع أسواق الأسهم في كل مكان في العالم تقريبا، والحرب تتجه إلى سيناريو مفزع، ومشكلة سلاسل الإمدادات، ومتحورات كورونا التي ما زالت تجوب الأنحاء. فالعلاقة واضحة بين النمو في صناديق أسواق المال وقلق المستثمرين من طول اضطراب الأسواق المالية، خاصة أسواق الأسهم، واختيار الاستثمار في هذه الصناديق يعني أن مدى الحالة الاقتصادية الراهنة غير واضح، لكنها أيضا ترسم حالة ثقة داخلية بالاقتصاد والقرارات التي تم اتخاذها، فالبقاء في هذه الصناديق يعني أن هناك فرصا كامنة في الأسواق، لكن لا أحد يدرك أين هي بالتحديد وكيف يمكن اقتناصها، والحل هو أن تكون قريبا بما يكفي، فالمسألة قد تطول نوعا ما، لكن البقاء في حالة النقد السائل على شكل ودائع مصرفية في انتظار الفرص، قد يكون أطول ولا يدر عوائد مناسبة، ولهذا تزدهر صناديق أسواق المال كحل وسط. أخيرا، في مقابل كل هذا، فإن نمو هذه الصناديق يضع تساؤلات حول نجاح خطة "الفيدرالي" في كبح التضخم، فالاتجاه نحو هذه الصناديق يشير إلى رغبة الأفراد في الفوز ببعض العوائد نتيجة رفع الفائدة، وفي هذا يقول مدير منتجات الدخل الثابت النشطة في "فانجارد"، "إن صناديق أسواق المال لم تكن لها شعبية منذ فترة طويلة، لكن إذا ظل التضخم مرتفعا، فإنه يضمن بقاء أسعار الفائدة إيجابية لفترة أطول، وستحتفظ صناديق الأسواق المالية بأهميتها لفترة أطول".

مشاركة :