يزداد تركيز خبراء الصحة العامة في جميع أنحاء العالم على تحديد الأمراض الناشئة وبؤر انتشارها وإدارتها، وإعادة تشكيل المواقف والسلوكيات، بينما تسهل التكنولوجيا جمع البيانات وتبادل المعلومات اللازمة لتحسين النتائج. لكن جمع هذه البيانات وتقييمها يعتمد على التعاون مع الشركاء التقليديين وغير التقليديين. ويجب أن تتحرك هذه الجهود بسرعة، وتكون مدفوعة بأولويات المجتمعات المحلية، وتقوم على أساس البيانات المشتركة المستمدة من التشخيص، والتتبع، والنمذجة. فخلال الجائحة، تميزت جنوب إفريقيا بتسلسلها الجينومي السريع، الذي يضمن التعاون بين عديد من الجهات الفاعلة، ومكّن الدولة من اكتشاف متغيرات بيتا Beta، وأوميكرون Omicron في وقت مبكر. كذلك، سيمكّن الجمع بين مجموعات البيانات الكبيرة، وقوة الحوسبة، والخوارزميات، مسؤولي الصحة العامة من رصد انتشار المرض، ونقص المواد، والتحديات اللوجستية، والتفاعلات الدوائية. وتسهل التكنولوجيا السحابية عملية التنقيب عن البيانات، ومشاركة المعلومات، والبحث، والتطوير، وتمكننا من تحديد حالات تفشي الأمراض، ومسببات الأمراض الجديدة، والمجتمعات التي تحتاج إلى مساعدة فورية. ولتحقيق هذه الغاية، يجب أن يتضامن مجتمع الصحة العامة العالمي لتمكين الابتكار، وتنمية بيئة تنظيم المشاريع من خلال التركيز على الشركات الناشئة المحلية. ويجب إنشاء صندوق التأثير لتوفير رأس المال للشركات الناشئة المحلية، إلى جانب آليات لتبادل المهارات والخبرات التشغيلية. ويدعم صندوق التأثير التابع لشركة Sanofi Global Health الذي أطلق في تموز (يوليو) بتكلفة تبلغ 25 مليون دولار، المبتكرين المحليين القادرين على تقديم حلول قابلة للتطوير لتحقيق رعاية صحية مستدامة في المناطق التي تواجه نقصا في الخدمات. ونظرا لحاجة الدول ذات الدخل المنخفض إلى مزيد من العاملين في المجال الطبي، فإن تعزيز الخبرة المحلية أمر بالغ الأهمية. وفي الأسواق الناشئة، يجب أن يتدرب المختصون الطبيون المحليون، وخبراء سلسلة التوريد ليصبحوا "اختصاصيين خبراء" يمكنهم معالجة المخاوف فيما يتعلق بالصحة العامة الملحة، والتقليل من الحواجز التي تقف عائقا أمام إتاحة الرعاية. وهنا، يمكن أن توفر التكنولوجيا بديلا للتدريب الشخصي الذي أصبحت إدارته أصعب نتيجة لارتفاع التكاليف، والصراعات السياسية المستمرة، وقيود السفر، ونقص العمالة. وتعمل شركة سانوفي - على سبيل المثال - مع Reach52 ريتش 52، وهي منصة تقنية في سنغافورة، توفر التثقيف الصحي والفحص، والأدوية للمناطق الريفية بأسعار معقولة في خدمة اشتراك واحدة متاحة. وتعتمد منصة ريتش 52 على نهج "لا يتصل بشبكة الإنترنت" في تعاملها مع الأسواق التي تعاني ضعف جودة شبكات الاتصال، ما يمكّن عمال الإغاثة المحليين من تسجيل المقيمين في جلسات فحص مجتمعية مخصصة لمرض السكري وارتفاع ضغط الدم، ويجريها ممرضون وممرضات تلقوا تدريبا يؤهلهم لمزاولة مهنة مدربين في مجال الصحة. إن تعزيز الوصول بصورة مجدية إلى الرعاية الصحية في الدول ذات الدخل المنخفض يتطلب أكثر من تزويدها بالأدوية منخفضة التكلفة. فنحن بحاجة إلى إطار جديد للتعاون لمواجهة التحديات المترابطة التي لا تعد ولا تحصى، وفي الوقت نفسه التكيف مع التقنيات الجديدة، وتعزيز الابتكار المحلي. وبصفتنا شركات أدوية، فإن مهمتنا هي تغيير طريقة تفكيرنا، وتشجيع المبتكرين على أرض الواقع. ويجب أن يركز هذا النهج متعدد الجوانب على نموذج رعاية مستدام مدفوع محليا ومصمم للوصول إلى الفئات السكانية الضعيفة. وقد كتب أنجوس ديتون، الخبير الاقتصادي الحائز جائزة نوبل، قائلا إن المساعدة التي تمنح ولا تعزز غير مفيدة، بل يمكن أن تعرقل المكاسب المستقبلية. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.
مشاركة :