منذ تأسيسها قبل أكثر من 3 عقود دأبت منظمة "ميموريال" الحقوقية على الدفاع عن حقوق الإنسان في روسيا والتذكير بضحايا الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين وأخيراً الوقوف بوجه حرب بوتين على أوكرانيا. مقر منظمة "ميموريال" الحقوقية في موسكو صعّدت موسكو حملتها ضد منظمة ميموريال منذ أن نالت المنظمة الحقوقية جائزة نوبل للسلام الشهر الماضي، لكن مديرتها التنفيذية تقول إن أعضاءها مثابرون على عملهم رغم الأخطار. وقالت إيلينا جيمكوفا في مقابلة مع وكالة فرانس برس "بالطبع، الأمر صعب جدا (...) لكنّنا مستمرّون في عملنا". تعتبر ميموريال التي تقاسمت جائزة نوبل للسلام هذا العام مع المركز الأوكراني للحريات المدنية والناشط البيلاروسي المحتجز أليس بيالياتسكي، أكبر منظمة حقوقية في روسيا. كيف ردت روسيا على فوز المنظمة بنوبل؟ قالت جيمكوفا إن الإعلان في السابع من تشرين الأول/أكتوبر عن تكريم المنظمة التي شاركت في تأسيسها عام 1989 مع أندريه ساخاروف، الحائز أيضا جائزة نوبل السلام في العام 1975، كانت مفاجأة. وروت المرأة البالغة 66 عاما إنها كانت متوجّهة في سيارة أجرة إلى افتتاح معرض عندما اتصل بها زميل ليخبرها بأن شيئا ما قد حدث طالبا منها "مشاهدة الأخبار". وأضافت "لم أكن لأتخيل أننا كنا نتحدث عن مثل هذه الجائزة الكبرى" مشيرة إلى أنها خشيت "أن يكون قد حدث شيء سيّئ جدا". وتابعت "لقد اعتقدت أن الأمر كان يتعلّق بقنبلة ذرية". وعندما أدركت أنه بدلا من ذلك فازت ميموريال بجائزة السلام الأعرق في العالم، قالت إنها "كانت سعيدة جدا" خصوصا بتشاركها مع مدافعين حقوقيين من بلدين يقعان في قلب حرب روسيا على أوكرانيا . وقالت إن ذلك "يظهر أن أشخاصا من المجتمع المدني من بلدان مختلفة يمكن ويجب أن يواجهوا الشر معا". في غضون ذلك، بدت السلطات الروسية أقل تأثرا بفوز ميموريال بالجائزة. وواجهت المنظمة التي عملت على مدى عقود من أجل الحفاظ على إحياء ذكرى الأشخاص الذين لقوا حتفهم في غولاغ أو معتقل سيبيريا خلال عهد الديكتاتور السوفياتي جوزيف ستالين فيما تقوم أيضا بجمع معلومات حول القمع السياسي المستمر في روسيا، حملة قمع متزايدة في السنوات الأخيرة. وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، أمرت المحكمة العليا الروسية بحل ميموريال، وبعد ساعات فقط من إعلان لجنة نوبل فوز المنظمة بجائزتها للسلام، أمرت محكمة في موسكو بوضع اليد على مقرها في العاصمة الروسية. وقالت جيمكوفا "تلقينا نبأ فوزنا بجائزة نوبل، ثم للأسف في اليوم نفسه، سلب منا منزلنا". وأضافت "بالتالي، كان ذلك رد الحكومة الروسية". لكن رغم التحديات، أصرت على أنه "يجب علينا ويمكننا مواصلة عملنا". بين ضحايا ستالين وضحايا بوتين والأسبوع الماضي، مُنعت منظمة ميموريال من تنظيم تكريمها السنوي لضحايا ستالين المعروف باسم "إعادة الأسماء"، في موسكو. لكن جيمكوفا أشارت إلى أن القراءة الماراتونية لأسماء القتلى في ظل نظام ستالين ما زالت تجري في 22 بلدا و77 مدينة. وقالت "لا يمكنهم إيقاف عملنا". وفي روسيا، تواصل ميموريال افتتاح معارض وتنظيم رحلات و"الدفاع عن حقوق الناس في المحاكم" بحسب جيمكوفا. وقالت إن الفوز بجائزة نوبل كان مفيدا "لأنه دليل مهم جدا على الدعم". وجيمكوفا التي كانت في جنيف لإلقاء خطاب كوفي أنان السنوي للسلام، أقرت بأنها وأعضاء آخرين في منظمة ميموريال يخشون على سلامتهم في روسيا. وقالت "هناك اضطهاد جماعي لأشخاص ومؤسسات تعارض وجهة النظر الرسمية. بالطبع نشعر بالخوف... نحن أشخاص عاديون. نحن لسنا أبطالا لكننا نحاول اتخاذ خطوات صغيرة شجاعة". بالإضافة إلى الأخطار الأمنية التي يواجهونها، قالت جيمكوفا إنها والعديد من زملائها مستهدفون بـ"قضايا جنائية غير قانونية ومعقدة". ما زالت جيمكوفا خارج روسيا، لكنها أعربت عن أسفها لعدم تمكّنها من العيش في بلدها. وأوضحت "أحترم كل القواعد. لم أخالف أي قانون، أنا أقوم بعمل قانوني" لكنها أضافت "أنا ضد الحرب، وفي الوقت الحالي، (هذا) يكفي لفتح تحقيق جنائي ضدي". ولدى سؤالها عن رأيها بشأن تصرفات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قالت جيمكوفا "لا أفكر في بوتين. لست مهتمة به على الإطلاق. أفكر في عدد الأجيال الروسية التي سيتعيّن عليها دفع ثمن ما فعله". خ.س/أ.ح (أ ف ب)
مشاركة :