من الناحية المبدئية فإننا عندما نتحدث عن النائب فإننا نقصد النائب البرلماني والنائب البلدي، فكلاهما سواء فيما يخص إدارة المعلومات، ولكن ما إدارة المعلومات؟ وما علاقة السادة النواب بإدارة المعلومات؟ وكيف يمكن الاستفادة من منظومة إدارة المعلومات في العمل النيابي أو البلدي؟ المعلومات ببساطة هي بعض البيانات التي يمكن الوصول إليها بطريقة أو بأخرى، ومن ثم عولجت بطريقة منهجية علمية لتصبح ذات معنى ومغزى مُعيّن يمكن استخدامها لبعض الأغراض المحددة ومنها لأغراض اتخاذ القرارات، وكذلك يمكن تداولها، وتسجيلها، ونشرها، وتوزيعها، بصورة رسميّة أو غير رسميّة وفي أي شكلٍ، لأنها تكون حقائق ينتهي إليها التقرير أو الكتاب أو ما شابه ذلك. على أن يتم الحصول عليها بصورة منهجية استقصائية بطرقها المتعددة. وهذا يعني أنه من غير أي معلومات لا يمكن – أو حتى على الأقل يصعب على – الإنسان استثمار أي مورد آخر، وعليه فإن مفهوم كلمة (معلومات) وبما يتوافق مع (عصر المعلومات) الذي نعيشه اليوم ينص على «أن المعلومات سلعة يتم في العادة إنتاجها أو تعبئتها بأشكال متفق عليها، وبالتالي يمكن الاستفادة منها تحت ظروف معينة في التعليم والإعلام والتوظيف والتسلية أو لتوفير محفز مفيد وغني لاتخاذ قرارات في مجالات عمل معينة». واليوم ونحن على أبواب استحقاق نيابي جديد، نطرح هذه الفكرة بين يديّ السادة النواب وأعضاء المجالس البلدية، فهل لديكم المعلومات التي تحتاجونها من أجل العمل ووضع الخطط وتقديم الأفكار؟ أم أنكم مازلتم تفكرون بطريقة ردود الأفعال، إي إنكم تفكرون في اللحظة أو الملف الذي بين يديكم فقط؟ أيها السادة النواب وأعضاء المجالس البلدية، أنتم بحاجة إلى كم من المعلومات التي يمكنكم من خلالها تقديم أفكار ومشاريع والأطروحات والحلول للعديد من المشكلات التي يعاني منها الإنسان، سواء فيما يخص الإسكان أو البطالة والعمالة الوافدة أو فيما يتعلق بموضوع الأمن الغذائي والمائي، أو حتى موضوع الازدحامات المرورية أو كل تلك الأزمات والمشاكل التي يعاني منها البلد. فلنفترض التالي: ملف البطالة والعمالة الوافدة: أعتقد أنه يحتاج إلى أن يكون لديكم ملف متكامل لأعداد العاطلين عن العمل، وتخصصاتهم، وجنسهم؛ كم منهم من الذكور وكم منهم من الإناث؟ في أي القطاعات يمكنهم العمل؟ هل هذه القطاعات التي يمكن انخراطهم فيه متاحة أم مشغولة؟ فإن كانت مشغولة فمن قِبل من هي مشغولة؟ وإن كانت متاحة فكم يمكنها أن تستوعب من العاطلين؟ وكم من الوافدين يمكن ترحيلهم والاستغناء عنهم سنويًّا وخاصة الذين يعملون في الوظائف النوعية وحتى في المهن؟ ما برامج الدولة في إحلال العاطلين مكان الوافدين؟ والكثير من تلكم المعلومات التي يمكن عمل ملف متكامل منها؟ ملف الإسكان والسكن: كلنا نعلم أن البحرين – من الناحية الجغرافية – بلد ذو مساحة صغيرة، إلا أننا نجد أن بعض الأراضي المتاحة والتي لا تستخدم وخاصة في بعض المناطق، فكم تبلغ تلك المساحات؟ لو تم استغلال البعض من تلك المساحات، فكم وحدة سكنية يمكنها أن تحوي وبالتالي كم عائلة تأوي؟ فلنحصر الأراضي التي يمكن الاستفادة منها أولاً، كما يمكن اللجوء إلى البناء العمودي في العديد من المناطق، ولكن كم المساحات التي نحتاج إليها في مقابل زيادة عدد السكان؟ وبعد كم سنة يمكن أن تستكفي البحرين من بناء هذه المساكن؟ وهل هناك أفكار وطرق أخرى يمكن استغلالها من أجل البناء والاستفادة من مساحات الأراضي المتاحة؟ ملف المناهج والمعاهد المهنية: نعتقد أنه آن الأوان أن نعيد التفكير في مناهجنا الأكاديمية سواء في المدارس أو الجامعات، إذ إن هذه الأكاديميات تخرج الطلبة من نوعين: الأول: الباحثين عن العمل في المؤسسات الحكومية أو الخاصة، بمعنى أن يصبح موظفا فقط، والثاني: تقوم هذه المؤسسات بتخريج الطلبة المتخصصين في تخصصات ليست لها علاقة بسوق العمل والأعمال المتاحة في سوق العمل، بمعنى أنه يجب أن يجد واسطة لعمل في أي قطاع بعيدا عن مجال تخصصه أو أن يجلس في البيت من أجل فرصة ربما لا تأتي. وهذه من الأمور الكبيرة التي تخص الأجيال القادمة الذين يجب تعليمهم وتدريبهم على أمرين: الجانب المهني والتطبيقات الحديثة من العلوم والتخصصات الحديثة لتواكب متطلبات سوق العمل المبني على منهجية الرقمنة والذكاء الاصطناعي والإبداع الفكري وما إلى ذلك، والثاني: تمكين الطالب من إنشاء عمله بنفسه، وذلك فيما يعرف بريادة الأعمال، بمعنى أن تقوم تلك المناهج وتلك المعاهد المهنية بتعليمه وتدريبه على منهجيات تمكنه من إنشاء عمله الخاص بنفسه من غير أن يسعى إلى الوظيفة في أي قطاع كان، فهل فكر السادة النواب في ذلك؟ إن كان كذلك فما معلوماتهم بشأن هذا الخصوص؟ ملف المتقاعدين والتقاعد: هل لدى سعادة النائب إحصائية بعدد المتقاعدين في البحرين؟ كم عدد الذين سيتقاعدون خلال السنوات الخمس القادمة؟ كم سيشكل راتبهم التقاعدي من نسبة بالمقارنة مع الدخل الوطني والدين العام؟ كم ستؤثر نسبة الاستقطاع من الزيادة السنوية في رواتب هؤلاء؟ هل يمكن إعادة تقسيم وتصنيف نسب الاستقطاع من رواتب المتقاعدين؟ أي الأنظمة في العالم هي الأفضل بالنسبة إلى المتقاعدين؟ هل هناك طريقة أفضل لإدارة أموال المتقاعدين؟ هل يمكن تقديم خدمات للمتقاعدين بدلاً من الاستقطاع الشهري الذي اعتمد في دورة الاستحقاق النيابي السابق؟ ملف الضرائب والرسوم: غدت فكرة الضرائب والرسوم المفروضة واقعا لا محال، ولكن هل لدى السادة النواب إحصائيات وفكرة عن مستقبل تلك الضرائب والرسوم؟ إلى متى يمكنها أن تستمر؟ وهل يمكن اللجوء إلى فرض ضرائب جديدة؟ وكم تبلغ نسبة الضرائب؟ وكم تحتاج الدولة من مبالغ لسد الدين العام؟ كم نسبة الضرائب التي فُرضت على المؤسسات الأجنبية التي تعمل في البحرين؟ كم نسبة الضرائب والرسوم المفروضة على تحويل أموال العمالة الوافدة إلى بلدهم الأم؟ ملف الأمن الغذائي والمائي: نحن نعلم أن البحرين لا تُعد من الدول المنتجة للغذاء، وحتى الثروة السمكية التي كان من المفروض أن تستثمر بصورة جيدة لم تستثمر، وإنما ذهبت ضحية الدفان والصيد الجائر وما إلى ذلك، ولكن هذا الملف مهم، فكم يمكن أن تصمد مخازن الأغذية في البحرين في حال حدوث كارثة أو جائحة لا سمح الله؟ ما الخطط البديلة في مثل هذه الأزمات أو الكوارث في ظل شح الأراضي الزراعية وتملح التربة وشح المياه العذبة؟ هل لدى السادة النواب فكرة عن هذا الموضوع وإحصائيات عن كميات الأغذية التي تدخل البلاد ومن أي الدول؟ وما تربطنا من علاقات مع تلك الدول من علاقات سياسية واقتصادية؟ ماذا يحدث إن تعرضت تلك الدول لكارثة بيئية وطبيعية، هل سيتوقف الاستيراد منها، ومن أي الدول يمكن الاستيراد؟ أما بالنسبة إلى الماء، ففي ظل شح الماء، والاعتماد التام على مياه التحلية، هل لدينا قراءات وإحصائيات عن كمية المياه المتاحة للمواطنين والمقيمين في البلاد في حالة تلوث مياه الخليج بالمواد النووية والإشعاعية أو حتى بالتلوث بالنفطي؟ ملف الخدمات والبنية التحتية: كم من السادة النواب وأعضاء المجالس البلدية لديه إحصائيات عن عدد المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية في الدائرة الانتخابية؟ كم روضة في الدائرة الانتخابية؟ كم عدد المراكز الصحية في الدائرة الانتخابية؟ وهل كل تلك المنشآت تتوافق مع حجم وعدد سكان الدائرة؟ كم عدد المتنزهات والحدائق؟ كم عدد المراكز الشبابية سواء الرياضية أو العلمية أو الاجتماعية؟ كم عدد المرافق الأخرى بمختلف الأنواع؟ وكم من كل تلك المنشآت تتوافق مع متطلبات ذوي الإعاقات المختلفة؟ بعض الدوائر الانتخابية تختنق بالعشوائيات وتداخل المناطق الخدمية بالسكانية، والمصانع الصغيرة بالسكن وما إلى ذلك، فكم من تلك العشوائيات موجودة لدى سعادة النائب في دائرته الانتخابية؟ يجدر بنا أن نتوقف هنا، فمن الصعب أن نطرح وأن نتحدث عن جميع الملفات التي يحتاج إليها سعادة النائب أو عضو المجلس البلدي حتى يقوم بعمله، إلا أننا نعرف اليوم أن المعلومات غدت أهم عامل من عوامل النجاح، فمن غيرها فإن النائب وعضو المجلس البلدي سيتخبط وسيعمل بطريقة عشوائية غير مدروسة ولن ينجز أي عمل خلال فترة الاستحقاق البرلماني، وهذا أمر حتمي. ولكن وعلى الرغم من ذلك إلا أن العملية لا تتوقف عند حد المعلومات وجلبها وتجميعها وتصنيفها، وإنما السؤال الأهم: كيف يمكن لسعادة النائب أو عضو المجلس البلدي أن يستفيد من هذا الكم الكبير من المعلومات في وضع خطة أو مجموعة من الخطط لتقديمها تحت قبة البرلمان؟ كيف يمكن تحليل كل هذه المعلومات؟ كيف يمكن تحويلها إلى تقرير وإلى معرفة وإلى خطط ومنهجيات وبرامج عمل؟ وقد قلنا في مقال سابق، نحن هنا اليوم لا نتحدث عن نوعيات مشاكلنا وأزماتنا، وإنما كيف يمكن تحويل كل تلك الفرص والمعلومات إلى برنامج وآليات عمل يمكن تقديمها للبرلمان وبالتالي للدولة حتى يتم تنفيذها. Zkhunji@hotmail.com
مشاركة :