اليوم بتاريخ 20 نوفمبر 2022 نكون قد وضعنا أولى خطواتنا نحو الفصل التشريعي الجديد (2022)، واليوم يعرف كل شخص من هم السادة النواب الذين سيمثلون الشعب في مجلس النواب مدة أربع سنوات وكذلك يعرف الجميع السادة أعضاء المجالس البلدية المختلفة. فنحن اليوم على موعد جديد مع فصل تشريعي جديد، ونجد أنه قد ولجت وجوة جديدة وخرجت بعض الوجوه القديمة، ولا نرغب في التحدث عن الأفضلية وشخصنة الموضوع، وإنما نرجو في السادة النواب وأعضاء المجالس البلدية لهذا الفصل التشريعي كل خير، والله يعينهم على حمل هذه الأمانة مدة أربع سنوات قادمة، وكل ذلك من أجل البحرين وشعب البحرين. أيها السادة، اسمحوا لي أن أبدأ بهذه الحكمة التي أرسلها لي أحد الأخوة من دولة شقيقة، تقول هذه الحكمة (لا يمكنك أن تحرث حقلا بتقليبه في ذهنك، فقط). نجد أن هذا الكلام أو هذه الحكمة صحيحة إلى حد كبير، فالنوايا لا تصنع المعجزات والإنجازات، وإنما كل النوايا الحسنة تحتاج إلى جد وعمل واجتهاد حتى تنضج وتتحقق، وهكذا هو العمل النيابي والبلدي. واليوم أيها السادة، اختاركم الشعب لتكونوا في هذا الموقع، فيا ترى ماذا يمكن أن تعملوا لتحققوا تطلعات ورغبات الشعب الذي أوصلكم إلى هذا الذي أنتم فيه؟ وكيف يمكنكم العمل وتحقيق النوايا والرغبات، وتحقيق الآمال والاحتياجات والطموحات؟ ونحن نعلم أنه ليس لديكم عصا سحرية، يمكنها أن تحول الحديد إلى ذهب، والفحم إلى ألماس، ولكنكم أيضًا وضعتم أنفسكم في هذا الموقع وطلبتم من الشعب أن يختاركم بهدف تحقيق رغباته وطموحاته، والآن فنحن نخاطبكم من خلال العهود التي قدمتموها وقطعتموها أمام الله ثم الحكومة والناس، فنقول: أولاُ، العودة إلى البرنامج الانتخابي: نعتقد أن كل نائب قدم برنامجا انتخابيا سمينا ودسما، وثريا بالمعلومات والعهود والأماني، والذي نريده منك – أيها النائب وعضو المجلس البلدي – اليوم أن تعود إلى هذا البرنامج وتبدأ في وضع مخطط لتنفيذ كل كلمة وجملة كتبتها في هذا البرنامج، وإلا فإنك قد تكون بعت الوهم للناس من أجل نفسك فقط. ثانيًا، وضع مخطط وخطة استراتيجية مدة أربع سنوات: نعتقد أن العمل النيابي أو البلدي لا يمكن أن يكون عملا من فئة ردود الفعل أو وضع الحلول المؤقتة البندولية، وإنما نؤمن تمامًا أن العمل النيابي والبلدي هو عمل منظم ومرتب، يبدأ منذ اليوم وينتهي في نهاية الفصل التشريعي، فالخطة يجب أن تشمل كل هذه السنوات القادمة، فالنائب – البرلماني أو البلدي – يجب أن يعرف ماذا يريد؟ وكيف يمكن تحديد ما يريد؟ وإلى أين يمكن أن يصل؟ وكيف يمكن تحقيق ما يريد، فالتخطيط ليست بالعملية السهلة وليست بالعملية الصعبة، فالتخطيط يعني ببساطة: أين نحن؟ وإلى أين نريد أن نصل؟ وكيف نصل؟ وهذه ثلاثة مستويات أو أسئلة، المستوى الأول: يجب على النائب والعضو البلدي أن يشخص كل الموضوعات التي يجد أنها تحتاج إلى خطة وبرنامج عمل، وهذا التشخيص قضية أساسية ومهمة لأنها هي التي تعطي المؤشر للسير في طريق العمل، فمن غير تشخيص لا يمكن العمل. المستوى الثاني، فبعد التشخيص وكشف القضايا التي تحتاج إلى دراسة ووضع الحلول الناجعة لها، يجب على النائب والعضو البلدي أن يعرف ما الحلول التي يمكنه أن يتبناها لكل مشكلة، فيضع على الورق أمام كل مشكلة حلولها، ليس ذلك وحسب وإنما كل البدائل الممكنة، فإن عجز عن السير في هذا الطريق فإنه يمكنه أن يغير الطريق ويقفز إلى الطريق التالي أو البديل، فلا توجد مشكلة من غير حل، ولا توجد معضلة من غير أن يجد لها الإنسان الحل المناسب، ولكن يجب أن نفكر وأن نستخدم بعض الأدوات والطرق التي تساعد في وضع الحلول، ومن الجدير بالذكر أن هناك العديد من الآليات التي يمكن أن نستخدمها في وضع الحلول الناجعة لكل معضلة أو مشكلة. أما المستوى الثالث في وضع الخطة، وهي كيف نحقق هذه الحلول بعد أن نكشف المشاكل وطرق حلها، وربما هنا نأتي إلى ما يعرف بإدارة المشكلة أو المعضلة، فالإدارة أكبر بكثير من مجرد حل المشكلة، فالإدارة تعني كيفية توفير الميزانية، كيفية توفير فرق العمل، وحصر الموارد البشرية والمالية واللوجستية التي نحتاجها لحل أو إدارة تلك المعضلة. ثالثًا، العمل الجماعي: وجدنا خلال الفصول التشريعية السابقة أن كل نائب وعضو مجلس بلدي يعمل بنفسه، ويفكر بنفسه، وربما يخطط بنفسه، أو بالأحرى يقوم بتحقيق بعض الطلبات الصغيرة والقصيرة المدى لأهالي الدائرة الانتخابية، وينتهي الفصل التشريعي، ولا نجد أن هناك مشاريع أو مخططات نجحت، واليوم عندما تجلس مع نائب سابق أو عضو مجلس بلدي سابق يقول بكل فخر وإعزاز إنه عمل مطبا هنا، وغير من توجه الشارع وقام وقام.. ولكننا في الحقيقة إن هذا ليس بالعمل المطلوب، وإنما نحن اليوم وفي هذا العصر نحتاج إلى برامج عمل متكاملة، وخطط واضحة، لذلك نرجو من: المجلس النيابي: أن يبدأ في وضع خطة مدة أربع سنوات، ويقول فيها ماذا سوف يفعل من أجل الأمور التالية: قضية توظيف العاطلين عن العمل، قضية العمالة الوافدة وخاصة بعد إلغاء التأشيرة المرنة، قضية السكن والمساكن، قضية التعلم الإلكتروني، قضية الأمن الغذائي والمائي، القضايا المتعلقة بالأمن البيئي، قضية الدين العام والقضايا الاقتصادية، وما شابه ذلك، وعندما ينتهي من وضع الخطة نجد أنه يجب أن تعرض بكل شفافية على الجمهور، حتى يتأكد الجمهور من صدق السادة النواب في حلحلة القضايا التي يعاني منها. المجالس البلدية: وكذلك على كل مجلس بلدي أن يضع خطة عامة للمحافظة بصورة متكاملة، ولكل دائرة انتخابية بصورة خاصة؛ من تلك القضايا: العشوائية في المجمعات وتداخل المناطق السكنية بالمناطق الصناعية والخدمية، فتح المطاعم أو البقالات بجانب ورش العمل، مداخل المناطق ومخارجها، البيوت الآيلة للسقوط، التعاون مع المؤسسات الكبيرة مثل المطاعم والسوبرماركت وما شابه ذلك بالمشاركة في المحافظة على الشوارع الرئيسية ووضع برامج عمل للمحافظة على المناطق والشوارع الرئيسية والداخلية ونظافتها وتنسيقها، وبناء الحدائق ومواقف السيارات التي أصبحت اليوم من أكبر المشاكل التي يعاني منها الناس، وما إلى ذلك، وبعد الانتهاء من المخطط نجد أنه من المهم أن يعرض على الجمهور لمعرفة وسماع آرائهم ومتطلباتهم، فليس من المعقول أن يقوم مجلس بلدي بتمديد فترة عمل ورش عمل تصليح السيارات في منطقة يقطنها بشر من السكان والمواطنين إلى الساعة 11 مساء من غير أن يتشاور مع الأهالي، ثم يعلن المجلس البلدي ذلك بكل فخر. رابعًا: الشفافية والقرب مع ومن الأهالي: وجدنا أن بعض السادة النواب وأعضاء المجالس البلدية، قد يكونون أعضاء في بعض المجموعات على الواتساب ووسائل التواصل الاجتماعي، ولكنه ما أن يتسلم عمله الجديد حتى ينسحب من كل هذه المواقع بحجة أنه ليس لديه وقت لهذه المجموعات، وكأن المطلوب منه أن يقرأ ويعلق على كل ما يكتب، وهذا غير صحيح، أيها السادة هذه المجموعات مهمة بالنسبة لكم فهي نبض الشارع والدائرة التي تعيش فيها، فليس المطلوب منك أن تعلق على كل ما يكتب وإنما على الأقل اقرأ ما يقوله الناس واسمعهم من خلال كتابتهم. ليس ذلك فحسب وإنما المطلوب من السادة النواب وأعضاء المجالس البلدية أن يفتحوا مكاتب أو مجالس لاستقبال الناس والجمهور، فربما لكل شخص رغبة في التحدث مع النائب أو عضو المجلس البلدي من غير أن يسمعه أحد، فهناك مطالب عامة وكذلك مطالب خاصة جدًا لا يمكن البوح بها أمام الناس. فإن طرح عليك أحدهم قضية أو موضوع حاول ثم حاول وكذلك حاول فلا تحبط أحدا ولا تقول لأحد «إنك مستفز»، ولا تتضايق من أحد فهذا الشخص لم يلجأ إليك إلا لأنه توسم فيك الخير، فحاول بقدر ما تستطيع مساعدته. خامسًا: الاستعانة ببعض المستشارين: أجد أنه من المهم – في هذا الوقت– أن يستعين السادة النواب والمجالس البلدية ببعض المستشارين والخبراء من خارج إطار المؤسسة التي يعملون بها – ولا نقصد من خارج البلاد وإنما يفضل جدًا أن يكون هؤلاء المستشارون من الخبرات المحلية فهم أدرى بما يجري في البلاد – بهدف مساعدتهم في دراسة بعض المشاريع وإبداء الأفكار، فنحن جميعنا نعلم أن الإنسان لا يستطيع أن يلم بكل صغيرة وكبيرة في كل ما يعرض عليه، لذلك فإن الاستعانة ببعض الفئات المحلية المتفرغة الواعية من خارج المجلس يمكن أن يسهم بصورة إيجابية في إثراء الأفكار والأطروحات وتقديم الحلول والأفكار الإبداعية. عمومًا، هذه بعض الآراء والأفكار التي كنا نرغب في طرحها عليكم، قد تأخذون بها وربما لا تهمكم، ولكن دائمًا فإن المشاورة والحوارات تتيح لكم مساحة كبيرة في الوصول إلى الأفضل للوطن والمواطن، فكلنا نعرف المشاكل وإنما نرغب في وضع الحلول والإدارة التي تسهم في التطوير والتنمية المستدامة. والآن تفضلوا إلى الحلم، فالحقل في انتظارك. Zkhunji@hotmail.com
مشاركة :