من المؤكد أن تقريرا حديثا صادرا عن مركز أبحاث السياسة الاقتصادية يوصي بأن تزيد أوكرانيا من عائدات الضرائب، وأن تبيع دينها المحلي بدلا من تحويله إلى نقود. لكني أشك في أن تكون مثل هذه التدابير قابلة للتنفيذ أثناء الحرب. ذلك أن أوكرانيا لا تستطيع خفض النفقات العسكرية "لأسباب واضحة"، كما أنها قلصت بالفعل معظم النفقات العامة الأخرى إلى أدنى حد ممكن. الواقع أن التضخم المفرط شائع للغاية أثناء وبعد الحروب أو غير ذلك من التحولات البنيوية الضخمة. في نهاية الحرب الباردة، ضربت معظم الدول الشيوعية سابقا موجة من التضخم المفرط، الذي لم يفشل قـط في تقويض الثقة العامة بالدولة. وتكون النتيجة عادة الحكم الاستبدادي، كما نجد في مختلف أنحاء الاتحاد السوفياتي السابق. من جانبها، لم تعد روسيا تزعم أنها تشن حربا ضد أوكرانيا فحسب، بل تقول بدلا من ذلك الآن إنها تواجه "الغرب الجماعي". وينبغي لنا - نحن الغربيين - أن نصدقه، وأن ندرك أن واجبنا المشترك يملي علينا أن نعمل على إبقاء الدولة الأوكرانية واقفة على قدميها أثناء الحرب. في الأمد القريب، تعد زيادة المساهمات الغربية في الميزانية الأوكرانية السبيل الوحيد لتلبية هذا الهدف. ورغم أنه من المعقول أن نتوقع الحاجة إلى إصلاحات أخرى وآليات تمويل بديلة، فإن هذا العمل يجب أن ينتظر إلى أن تنتهي الحرب. فضلا عن ذلك، مع ارتفاع دين أوكرانيا العام إلى عنان السماء ـ من 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية 2020 إلى ما يقدر بنحو 85 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية هذا العام ـ من الأهمية بمكان أن تتلقى أوكرانيا المنح بدلا من القروض. بينما يبدو أن الولايات المتحدة تتفهم هذا، فمن الواضح أن الاتحاد الأوروبي لا يتفهمه. إذ تشمل مساعداته المالية الكلية القروض فقط "رغم أن معظم المساعدات الثنائية المقدمة من أعضاء الاتحاد الأوروبي اتخذت في المقام الأول هيئة المنح". الآن، يجب أن تتبدل هذه الحال. لا يجوز لنا أن نسمح بفشل أوكرانيا ماليا دون أي خطأ من جانبها، لمجرد أن الاتحاد الأوروبي منشغل للغاية بقواعده البيروقراطية. الحل الأفضل، كما زعمت من قبل، هو مصادرة نحو 400 مليار دولار من الاحتياطيات الروسية المجمدة الموجودة في سبع دول غربية، وإرسال هذا المبلغ إلى أوكرانيا كتعويضات. تبنت كندا بالفعل قانونا يسمح بهذا، وإن كانت لم تصادر بعد أي أموال روسية. قدم الاتحاد الأوروبي منحا كبيرة لدعم اقتصادات أعضائه أثناء جائحة كوفيد - 19، ولا يوجد سبب وجيه يمنعه من جمع المبالغ الأصغر كثيرا اللازمة لمساعدة أوكرانيا. وإذا لزم الأمر، ينبغي له أن ينظر في المطالبة باشتراكات إلزامية من أعضائه، كما فعل في 2016 لتمويل اتفاقية الهجرة مع تركيا. إذا توافرت الإرادة فسينفتح عديد من الطرق لتعزيز موارد أوكرانيا المالية. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.
مشاركة :