الاقتصاد الياباني وأزمة الثقة بعد آبي «1من 2»

  • 11/7/2022
  • 23:40
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن لأحد أن يتوقع أن تتدهور شعبية رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، إلى هذا الحد بعد فترة وجيزة من انتصار الحزب الديمقراطي الليبرالي في انتخابات تموز (يوليو) لاختيار أعضاء مجلس الشيوخ في البرلمان الياباني. حتى وقت قريب، كانت مستويات شعبية حكومة كيشيدا مرتفعة على نحو ثابت. لكن ارتباطات الحزب الديمقراطي الليبرالي بجماعة دينية مثيرة للجدال، إلى جانب جنازة رئيس الوزراء السابق آبي شينزو، الرسمية باهظة التكلفة، تسببت في زعزعة قاعدة كيشيدا السياسية، ما عرض لخطر التعافي الاقتصادي الهش في اليابان. السببان الرئيسان وراء انخفاض مستويات شعبية كيشيدا مترابطان. فبعد اغتيال آبي أثناء حدث انتخابي في نارا في يوليو، أفادت المنافذ الإعلامية بأن قاتله كان يضمر رغبة شخصية في الانتقام ضد كنيسة التوحيد، الحركة الدينية التي أصبحت علاقاتها الوثيقة بالمشرعين في الحزب الديمقراطي الليبرالي الآن في قلب فضيحة سياسية كبرى. كانت علاقات الحزب الديمقراطي الليبرالي بكنيسة التوحيد والجدال الذي أحاط بجنازة آبي الرسمية، من الأسباب التي دفعت كثيرين إلى فقدان الثقة بالحكومة. يأتي تدهور شعبية كيشيدا في وقت أصبحت فيه الثقة الشعبية مطلوبة لمحاربة التضخم. لا يبشر هذا بخير للاقتصاد الياباني، الذي تعافى من جائحة مرض فيروس كورونا 2019 كوفيد - 19 ببطء مقارنة بأغلب الاقتصادات المتقدمة. عاد الناتج المحلي الإجمالي الياباني إلى مستويات ما قبل الجائحة في النصف الأول من 2022، بعد عام واحد من الولايات المتحدة. وعلى الرغم من ازدياد مؤشر أسعار المستهلك في اليابان بأكثر من 2 في المائة طوال خمسة أشهر متتالية ـ وهو ارتفاع حاد وفقا للمعايير اليابانية ـ فإن الطلب الكلي يظل أضعف من أن يسمح لبنك اليابان بإلغاء السياسة النقدية مفرطة التساهل التي أبقى عليها منذ أطلق آبي برنامجه الاقتصادي "اقتصاد آبي" في 2013. مع إقدام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي على رفع أسعار الفائدة لترويض التضخم، تسبب تباعد السياسة النقدية في انخفاض قيمة الين بسرعة. وبسبب التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة والصين ـ الشريكان التجاريان الرئيسان لليابان ـ يتعين على اليابان أن تبتكر سياسات الاقتصاد الكلي التي تستهدف تعزيز الطلب. ينبغي لصناع السياسات في اليابان أيضا الضغط على أصحاب العمل لحملهم على زيادة الأجور بما يتماشى مع التضخم، كما فعل كيشيدا عدة مرات، خاصة في صناعات رعاية كبار السن، ورعاية الأطفال، حيث الغـلبة لحضور القطاع العام. تكمن المشكلة الأساسية في توقعات التضخم الغريبة والمحافظة في اليابان، التي يمنع تشكيلها معدل التضخم من الارتفاع. للتخفيف من هذا، ينبغي لصناع السياسات أن يعكفوا على بناء استراتيجية قادرة على تغيير عقلية عامة الناس، على سبيل المثال، من خلال توليد روايات إيجابية حول الاقتصاد في ظل معدل تضخم معقول. أفضت زيادات الأجور البطيئة وشبه الانكماش إلى عقود متواصلة من الركود الاقتصادي. والآن حان وقت تغيير المسار. مع فشل إصلاحات عصر آبي البنيوية ـ "السهم الثالث" في جعبة اقتصاد آبي ـ في تعزيز النمو الاقتصادي، بات لزاما على صناع السياسات في اليابان تنفيذ سياسات داعمة للنمو أكثر فاعلية. لتحقيق هذه الغاية، ينبغي لهم أن يعملوا على إنشاء آلية حكومية يمكن التعويل عليها لدعم الزخم الإصلاحي، كما اقترحت مجموعة أعمال بارزة في آب (أغسطس)، وتفويض التحسين المستمر للسياسات المعمول بها، استنادا إلى مراقبة تأثيرها... يتبع. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.

مشاركة :