يولد الطفل على الفطرة السليمة، وتربية الوالدين له وخبراته التي يكتسبها من المجتمع المحيط به هي التي تشكل شخصيته في المستقبل. هي التي تجعل منه انسانا ملتزما محبا للنظام ومسؤولا، وهي التي تجعل منه انسانا مشتتا غير مبال أو حاقدا مجرما او إرهابيا. المجتمع السليم ينتج أفرادا أسوياء قادرين على العطاء محبين للخير ومتسامحين والأهم من ذلك أوفياء لأوطانهم مقولة نرددها دائما ونسردها في كتب التربية وفي نصوص المحاضرات والمقالات أو المدونات لكننا مع ذلك نجهل القيمة الحقيقية لكل طفل بيننا. الأطفال هم الخامة الأصيلة للمجتمع التي يستطيع بها أن يعزز مستقبله. نحن نخشى الإرهاب ونخشى الانحراف ونخاف على القيم ونسرف في اجتراع مخاوفنا، وأطفالنا هم أماننا بهم نستطيع أن نصحح أخطاء الماضي وقصور الحاضر ومخاوف المستقبل. في السنوات العشر الماضية حصلت تقلبات سياسية زادت العالم بؤسا وأشاعت الفتن وشتتت العقول وغيرت القناعات، الأطفال الذين عايشوا تلك الفترة القلقة المحيرة شبوا وهم يحملون هواجس جعلت من البعض منهم ارهابيين وقتلة وجعلت من آخرين أسودا وحماة لعرين الوطن، كلتا المجموعتين جادت بروحها الأولى ضد الوطن وأبنائه، والأخرى من أجل الوطن ومن فيه، ولدوا متشابهين واختلفوا على كبر! انشغالنا بحاضرنا مهما كان مضطربا يجب ألا يشتتنا عن التفكير بمستقبلنا وأطفالنا. أطفالنا اليوم ما الذي يتلقونه من دروس في مدارسهم؟ وما الذي يقرؤونه ويشاهدونه في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، في أوقات فراغهم؟ وما الذي يعيشونه ويؤمنون به في بيوتهم ومع أهلهم؟ كل هذه العوامل لعبت دورا في تشكيل شخصياتهم وقناعتهم وستظهر بمكنوناتها وعللها في مستقبلنا لذا يجب أن نحسبها جيدا ونعطي اهتماما أكبر لبراعمنا لتكبر خضراء وصحيحة المبدأ. السعوديون مؤخرا عاشوا مساوئ الغفلة التي كانوا عليها وتفاجأوا بما رأوه من بعض صغارهم بعدما غرر بهم وجذبوا للعب أدوار قذرة لتحقيق أهداف من هم أكبر منهم ولا يزالون يتجرعون من نفس الكأس. لذا في يوم الطفل الخليجي يجب أن نسعى لإطفاء فتيل أي قنبلة تنتظر وأن نعزز حق الطفل في أن نحمي فكره وفطرته السليمة من أن تشوه أو تغتصب. فمن حقه علينا أن نهتم بفكره وببناء شخصيته ليكون قادرا على حمل راية النهضة والبناء وليكون ركيزة لمجتمعه في المستقبل لا قنبلة موقوتة تنفجر مع أي محفز لها. الطفل لم يعط حق الاختيار فيما يعيشه الان ويتعامل معه من علوم وأفكار وتقنيات نحن من يقدم له كل هذا ويغذيه به فلنكن مسؤولين وأمينين معه، ولننتبه ونتعلم من أخطاء الماضي، ونوجه أطفالنا التوجيه الصحيح ليحسنوا الاختيار في المستقبل. الأطفال هم أمانة المجتمع فلنتق الله فيما اؤتمنا عليه فهم مستقبلنا الذي نحلم بأن نسعد به.
مشاركة :