سوق الجمعة حاضر غائب - د. شروق الفواز

  • 2/21/2014
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

بعد كل صلاة جمعة وأمام كل جامع تصطف سيارات بعض الباعة بشكل عشوائي عارضة بضاعتها المختلفة على المصلين، الذين يجدون في بعض هذه البضاعة المزجاة غاية لهم. سنون مضت والحال على ما هو عليه دون أن يجد له فكرة تنظمه أو تستثمره. يوم الجمعة هو عيد للمسلمين يجتمعون فيه لأداء الصلاة وهم في أجمل حلة، تربية إسلامية مميزة بأن يجتمع المسلمون في كل أسبوع ويتقابلوا فلماذا لم تستغل أمانات المناطق هذا المشهد الجميل وتجعله سوقاً أسبوعياً ينظم في الأحياء والمناطق تحت إشرافها؟ الأسواق الشعبية الوقتية المرتبطة بالأيام مثل أسواق السبت أو الآحاد هي طابع مميز في كثير من المدن المتحضرة ومطلب شعبي لكل بلد. لكننا لا نزال نفتقره في مدننا. وحتى وإن كان موجوداً فهو قائم على تنظيم شعبي من بعض الباعة في بعض المناطق ولكن ليس له هوية رسمية تنظمه وتحمي حقوق من فيه. مدينة كبيرة مثل الرياض لا يوجد بها مثل هذه الأسواق تعكس هويتها وطابعها التراثي وتكون ملتقى لأبنائها الراغبين في تبضع أشياء خاصة بهم وتناول أطعمتهم المحلية في أجواء شعبية. ما الذي يمنع الأمانة من أن تحدد أماكن معينة في الأحياء لتكون أسواق جمعة يجتمع فيها أبناء الحي والوطن ليبيعوا منتجاتهم التي يتميزون بها في كل أسبوع سوق متاح للصغار والكبار للرجال والنساء. تبيع الأسر المنتجة فيه منتجاتها والمزارعون خصرواتهم وفواكههم الموسمية. والنساء البارعات أكلاتهن الشعبية وبهاراتهن. هذا المشهد الثري هو غائب في ثقافتنا كمجتمع وليس له وجود يذكر بالرغم من تعطش المجتمع له. الأمانات تطور مدننها بالدوارات الجمالية وبعض الحدائق العامة، لكنها عاجزه عن فهم احتياجات مدنها الحقيقية. ما تحتاجه المدن هو أن تستعيد هويتها السابقة والتي يكاد أن يطمسها الزمن. أن يكون لأبنائها مكان مريح يعكس هويتهم التي يعتزون بها فيكون متنفساً لكبارهم وآمناً لصغارهم مجهز بوسائل السلامة والراحة. بدورات المياه النظيفة وأماكن الجلوس البسيطة والمنظمة. ومن المحزن فعلاً أن تكون المدينة غاصة بالمولات الفارهة المتكلفة والمطاعم السريعة ولا يكون بها نشاط شعبي لأبنائها ليبيعوا فيه ويقضوا يوم الجمعة وهم يستحضرون مكانة هذا اليوم في ثقافتهم المحلية. إحياء أسواق الجمعة وإعادة الروح والهوية الوطنية لها هي حاجة ملحة لأنها ستعيد للمدن عبقها الذي يضفيه عليها أبناؤها بما يبيعونه فيها. كما انها باب رزق لهم. المجتمع السعودي الآن أصبح أكثر توازناً وتقبلاً لعمل أبنائه. وهو مهيأ لأن تكون هذه الأسواق معرضاً أسبوعياً لمنتجاتهم التي يتميزون بها بعيداً عن منافسة الوافد الأجنبي غير المنصفة.

مشاركة :