بيروت - قال رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي الخميس إن لبنان ما زال بإمكانه إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار على الرغم من عدم وجود رئيس أو حكومة كاملة الصلاحيات في محاولة للتخفيف من تداعيات الفراغ الدستوري الذي يمر به البلد على الوضع المالي. ويُنظر إلى الاتفاق مع الصندوق الذي ابرم في ابريل/نيسان الماضي على أنه خطوة أولى حاسمة للبنان للبدء في الخروج من انهيار مالي مستمر منذ ثلاث سنوات دفع معظم الناس إلى الفقر وأغرق البلاد في أسوأ أزمة منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990. ويرى خبراء اقتصاديون ان تصريح ميقاتي غير واقعي خاصة وان من أولى شروط المؤسسات المانحة لتقديم الدعم المالي هو تحقيق استقرار سياسي وبالتالي فان بقاء لبنان رهين الفراغ الدستوري سيعيق كل جهد لدغمه ماليا وإخراجه من مأزقه الاقتصادي والمالي. والشهر الماضي دخل لبنان رسميا متاهة الفراغ الدستوري بعد ان غادر الرئيس ميشال عون قصر بعبدا مع انتهاء ولايته الرئاسية لكنه وقع على قرار قالة حكومة ميقاتي ما تسبب في فراغ دستوري. ورغم ذلك أوصى البرلمان اللبناني حكومة ميقاتي، بمواصلة مهام تصريف الأعمال وفق الأصول الدستورية حيث ينص الدستور على أن تتولى الحكومة صلاحيات رئيس البلاد، في حال تعثّر انتخاب رئيس جديد قبل نهاية ولاية الرئيس الحالي. ويخيّم على الأوساط القانونية والسياسية في لبنان، خلاف بشأن تولّي الحكومة الحالية صلاحيات الرئيس، لأنها بحكم المستقيلة بموجب الدستور، منذ إجراء الانتخابات التشريعية في مايو/ أيار الماضي، لتتولى منذ ذلك الوقت مهامّ تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة. ورأى ميقاتي في كلمته الخميس خلال رعايته الجلسة الافتتاحية لورشة العمل لرؤساء مجلس القضاء الأعلى وغرف التمييز الأولى العربية الأوروبي أنه لا يجوز أن يبقى منصب رئاسة الجمهورية خاليًا، لأن خلوّ السدَّةِ الأولى في الحكم يعطب الحياة الدستورية ويعيق تعافي البلاد. وقال ميقاتي إن "هواة التعطيل يجاهرون بالسعي لشلّ الحكومة، وهذا التعطيل والشلل في مطلق الأحوال لن يصيب إلا شؤون البلد والمواطنين". مشيرا الى ان "ما تقوم به الحكومة في الوقت الراهن هو العمل المطلوب دستوريًا ووطنيًا، لتمرير هذه المرحلة الصعبة في انتظار انتخاب رئيس الجمهورية". ودعا ميقاتي جميع القوى السياسية إلى "عدم إطالة زمن الفراغ، وانتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة، بسرعة تحمي البلد وتحفظ الدولة، فتنتهي حالة تصريف الأعمال". وأوضح أن "حكومة تصريف الأعمال بوضعها الحاليّ بطبيعتها مؤقتة ومحصورة بالأمور التي تدخل في نطاق هذا المفهوم". وأضاف أن "كل مقاربة أخرى لهذه القضية الوطنية الكبرى، ليست سوى حساباتٍ سياسية شخصية ضيقة". واعتبر أن الإيحاء للرأي العام بأن الحكومة راغبة في الحلول مكان رئيس الجمهورية أو تعمل لمصادرة صلاحياته، تضليلٌ ونفاق. ورغم دعوة ميقاتي لتجاوز أزمة انتخاب الرئيس فشل البرلمان اللبناني للمرة الخامسة على التوالي في انتخاب رئيس جديد ما يعني ان الازمة ستطول. واقترع 47 نائباً بورقة بيضاء، فيما حظي النائب ميشال معوض المدعوم من القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع وكتل أخرى بينها كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، بـ34 صوتاً. وصوت ستة نواب إلى المؤرخ والأستاذ الجامعي عصام خليفة. وفشلت جلسة الخميس برغم توفر نصاب انعقادها بأكثرية الثلثين في الدورة الأولى، قبل أن ينسحب نواب ليطيحوا بالنصاب في الدورة الثانية. وعين رئيس مجلس النواب نبيه بري موعداً للجلسة السادسة الخميس المقبل، حسب الوكالة الوطنية للأنباء. ويحتاج المرشّح في الدورة الأولى من التصويت إلى غالبية الثلثين أي 86 صوتاً للفوز. وفي حال جرت دورة ثانية فالغالبية المطلوبة عندها 65 صوتاً.ولا تلوح في الأفق حلول قريبة. وتعارض كتل رئيسية بينها حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز، معوض وتصفه بأنه مرشح "تحدي"، وتدعو إلى التوافق على مرشح. ويعرف عن معوض قربه من الأميركيين. ويعتمد نواب حزب الله وحليفته حركة أمل برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري استراتيجية التصويت بورقة بيضاء، ثم الانسحاب من الجلسة للإطاحة بنصاب الدورة الثانية. ويُنظر على نطاق واسع الى الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية، على أنه المرشح الأمثل بالنسبة لحزب الله، وإن كان لم يعلن دعمه علنا له. لكن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، صهر عون والطامح بدوره للرئاسة والمتحالف مع حزب الله، أعلن معارضته لفرنجية. وقال نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، الذي ينتمي إلى كتلة التيار الوطني الحر، "كل فريق يتهم الآخر بالعرقلة"، موضحاً أن الأزمة تكمن "في أن كل فريق يريد مرشح من جانبه. لكن يجب أن يفكروا بطريقة مختلفة بأن يجري التفاهم على اسم يشكل حل وسط، ويقبل به على الأقل ثلثي المجلس". ومنذ العام 2019، يعاني اللبنانيون أزمة اقتصادية غير مسبوقة، أدّت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار، فضلا عن شحّ في الوقود والأدوية وهبوط حاد في قدرة المواطنين الشرائية.
مشاركة :