عيون تركيا على الاستثمار في أنبوب الغاز النيجيري–المغربي الرباط – لم يخف السفير التركي لدى الرباط عمر فاروق دوغان اهتمام بلاده بخط الغاز الذي يجري التحضير له بين المغرب ونيجيريا، في وقت تؤكد فيه تركيا اهتمامها كذلك بالخط الذي تقول الجزائر إنها اتفقت مع نيجيريا على التحضير له. كما شجعت أنقرة الليبيين كذلك على بحث اتفاق مع نيجيريا على إنشاء خط يمر عبر ليبيا وينقل الغاز إلى أوروبا. ويرى مراقبون أن الاهتمام التركي المتعدد بخطوط الغاز الثلاثة يعكس حرص أنقرة على الاستفادة من مختلف الفرص التي تتاح لها بما في ذلك الفرص التي قد تكون صعبة التحقيق، مشيرين إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نجح في بناء علاقات مع الدول المغاربية الثلاث بشكل يسمح لبلاده بأن تحصل على دور مّا من خلال الاستثمار في هذه الخطوط، أو في أيّ واحد منها. كما ربطت علاقات مباشرة مع نيجيريا لتأمين هذا الدور. وفي شهر سبتمبر الماضي، دعا وزير الدولة المسؤول عن الموارد النفطية في نيجيريا تيميبرا سيلفا تركيا إلى الاستثمار في أصول البترول والغاز الطبيعي في بلاده، جاء ذلك خلال لقائه ألب أرسلان بيرقدار، نائب وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، على هامش فعالية حول أبحاث الطاقة، بولاية تكساس الأميركية. اهتمام تركيا بخطوط الغاز الثلاثة يعكس حرص أنقرة على الاستفادة من مختلف الفرص التي تتاح لها في مجال الغاز وأكد الوزير النيجيري أن بلاده منفتحة لاستقبال المزيد من المستثمرين الأتراك في قطاع الهيدروكربون، لافتا إلى أن تعزيز تركيا لاستثماراتها في أصول البترول والغاز الطبيعي التي على البرّ سينعكس إيجابياً على استثماراتها الأخرى في نيجيريا. من جانبه طالب بيرقدار الوزير النيجيري بتقديم الدعم لتكون الاستثمارات التركية جزءاً من قطاع البترول والغاز الطبيعي في نيجيريا، مؤكدا أن أنقرة مستعدة لزيادة استثماراتها في قطاعي الغاز الطبيعي والبترول بنيجيريا، متى ما أتيحت لها الفرصة من أجل ذلك. ويشير المراقبون إلى أن تركيا تراهن على الدخول في مختلف مشاريع الغاز في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وتريد أن تكون وسيطا ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا ضمن إستراتيجية كبرى تؤمن باستفادة تركيا من كل الفرص الممكنة لتعويض عن عدم امتلاكها للغاز من جهة، ومن جهة ثانية حتى تصبح رهينة في أيّ أزمة للطاقة مثلما هو حاصل الآن مع أوروبا في ظل الخلاف مع روسيا والعجز عن إيجاد البدائل. ويلفت هؤلاء إلى أن تركيا لا تبحث فقط عن الغاز من خلال مساعيها للاستثمار في أيّ خط يربط بين نيجيريا وأوروبا، وأن ذلك يدخل ضمن أجندة أوسع تقوم على تعميق التواجد الإستراتيجي في أفريقيا، حيث نجحت أنقرة في بناء علاقات متينة في غرب القارة وشرقها وشمالها، ونوّعت من أشكال حضورها سياسيا وعسكريا واقتصاديا وإنسانيا لتكون منافسا من الحجم المؤثر لدول كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا المتراجعة أفريقيا. ووصف السفير التركي لدى المغرب مشروع أنبوب الغاز المغربي – النيجيري بـ”المهم جدا”، مشددا على “أهمية التمويل بالنسبة إلى هذا المشروع”، وأن “التعاون القويّ على المستوى الدولي سيساهم في إتمام المشروع”. وتظهر هذه المفردات نية تركيا في أن تكون شريكا مباشرا في المشروع. وقالت وفق أمينة بنخضرة، المديرة العامة للمكتب المغربي للهيدروكربورات والمعادن إن مشروع خط أنبوب الغاز المشترك مع نيجيريا الذي وصل إلى مرحلة الدراسات التقنية والهندسية التفصيلية، ستستفيد منه 13 دولة. وأفادت بنخضرة بأن “مشروع خط أنبوب الغاز المشترك مع نيجيريا سيسرع التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدان التي سيمرّ منها”. وأضافت أن “المشروع له بعد إستراتيجي واقتصادي واجتماعي، لأنه سيمكّن من نقل الطاقة في أحسن الظروف إلى أكثر من 13 دولة”. وسيمكّن الأنبوب من توطيد الاندماج الاقتصادي بين هذه الدول وهي بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا، إضافة إلى المغرب ونيجيريا. والأحد الماضي، وصف العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب متلفز خط أنبوب الغاز المشترك مع نيجيريا، بأنه مشروع إستراتيجي تستفيد منه دول غرب أفريقيا وأوروبا. وقال الملك محمد السادس في خطاب الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء “إنه مشروع من أجل السلام والاندماج الاقتصادي الأفريقي والتنمية المشتركة، مشروع من أجل الحاضر والأجيال القادمة”. وأضاف “نريده مشروعا إستراتيجيا لفائدة منطقة غرب أفريقيا كلها التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 440 مليون نسمة”. ويرى محللون سياسيون أن المغرب يراهن على نجاح هذا الأنبوب في أن يكون أحد البدائل الجادة والأكثر أمانا بالنسبة إلى أوروبا، مشيرين خاصة إلى أن أوروبا لا تثق في الجزائر كمزوّد دائم وثابت لاعتبارات من بينها أن الأخيرة مارست الابتزاز في ملف توريد الغاز مع المغرب وإسبانيا، وهي سابقة لا يوجد ما يؤكد أنها لن تتكرر في المستقبل إذا وثق الأوروبيون بالجزائر وراهنوا على غازها كأحد البدائل الثابتة عن الغاز الروسي.
مشاركة :