إيرادات المالية العامة في أوقات الأزمات «1من 2»

  • 11/18/2022
  • 22:02
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

تشكل الأزمات المتعددة التي تواجهها الدول النامية اليوم انتكاسة كبيرة للتنمية. فقد أدت الحرب في أوكرانيا والتوابع الناجمة عن جائحة كورونا إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية والأسمدة والطاقة. وقد أسهم هذا بدوره في ارتفاع مستويات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، فضلا عن مخاطر الركود التضخمي. وعلى الصعيد العالمي، أدى ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة إلى زيادة مخاطر انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والجوع، وهو ما أضعف أشد الناس فقرا في العالم. وقد تحملت الأسر الفقيرة بالفعل العبء الأكبر لأزمة كورونا. ففي 2020 وحده، ارتفع عدد من يعيشون تحت خط الفقر المدقع، من يعيشون على أقل من 2.15 دولار للفرد في اليوم، بأكثر من 70 مليون شخص ـ أكبر زيادة منذ 1990 على الأقل. وأصبح كثير من الناس الذين كانوا يعيشون بالفعل في فقر مدقع أكثر فقرا. وواجهت الأسر الضعيفة أيضا أكبر انتكاسات في مجالي الصحة والتعليم. نحو 70 في المائة من الأطفال في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل يعانون فقر التعلم، ما يعني أنهم في سن العاشرة لا يستطيعون قراءة نص أساسي أو فهمه. وإضافة إلى ذلك، أصبحت التحديات طويلة الأجل، ولا سيما بسبب تغير المناخ والتغيرات الديموغرافية، أكثر إلحاحا، وأصبحت آثارها الاقتصادية والمالية العامة أكثر بروزا. فقد تسببت فيضانات باكستان الأخيرة في مقتل أكثر من 1500 شخص، في حين أن نوبات الجفاف تلحق أضرارا بالغة بالقرن الإفريقي وأمريكا الجنوبية، ما يؤثر في إنتاج الغذاء وتوليد الطاقة الكهرومائية ويلقي ملايين الأشخاص في دائرة انعدام الأمن الغذائي الشديد. وقد أدت الأزمات المتعددة إلى خسائر كبيرة في الإيرادات في عديد من الدول النامية. في الوقت نفسه، فإنها توجد احتياجات تمويلية إضافية للتخفيف من الآثار السلبية على الأسر والشركات المعرضة للمعاناة. ونتيجة لذلك، شهد وضع المالية العامة لمعظم الدول النامية مزيدا من التدهور. ويتعرض أكثر من نصف الدول منخفضة الدخل والشريحة الدنيا من الدول متوسطة الدخل المؤهلة للحصول على تمويل من المؤسسة الدولية للتنمية ـ صندوق البنك الدولي لمساعدة الدول الأشد فقرا في العالم ـ حاليا، لمخاطر مرتفعة من حيث المديونية الحرجة أو تعاني بالفعل تعثرا في المديونية. ويؤدي ذلك إلى تفاقم الفجوات التمويلية الهائلة والمتزايدة في سعي الدول النامية إلى تحقيق التنمية الخضراء القادرة على الصمود والشاملة للجميع. فكيف يمكن للدول تقليص هذه الفجوات التمويلية الكبيرة وصنع حيز مالي تشتد الحاجة إليه ـ ولا سيما مع زيادة أسعار الفائدة على التمويل بالدين؟ أولا، سيكون تحسين قدرة الدول على تعبئة الموارد بكفاءة أمرا بالغ الأهمية لاستعادة قدرتها على الاستمرار في تحمل أعباء المالية العامة والديون. وتراجعت الإيرادات الضريبية في 2020 بسبب جائحة كورونا بـ12 في المائة بالقيمة الحقيقية على مستوى العالم، و15 في المائة في الدول منخفضة الدخل والشريحة الدنيا من الدول متوسطة الدخل... يتبع.

مشاركة :