أوضح الصندوق في السنوات الأخيرة أنه مستعد للنظر في فكرة الاقتصادي ومناهجه المعنية بالسياسات، وهو ما أطلق عليه البعض وصف الثورة، فهل هو وصف صحيح؟ وأود أن أصف هذه العملية بالتطور وليس الثورة. فطالما حاول الصندوق استثمار خبراته الميدانية وأبحاثه الجديدة لتعزيز فعاليته في الرقابة الاقتصادية، والمساعدة الفنية، والتحرك لمواجهة الأزمات. ومن الإنصاف أن نقول إن الصدمة التي أحدثتها الأزمة المالية العالمية أدت بالمجتمع الأكاديمي والمعني بالسياسات على مستوى العالم إلى القيام بعملية إعادة نظر واسعة النطاق في السياسة الاقتصادية الكلية والمالية. وقد كان الصندوق جزءا من هذه العملية، ولكن بالنظر إلى تأثيرات قراراتنا على البلدان الأعضاء والنظام الاقتصادي العالمي، نرى أنه من المهم للغاية أن نواصل إجراء عمليات إعادة تقييم للفكر الذي نتبناه في ضوء الأدلة الجديدة. ولم تؤد هذه العملية إلى تغيير جوهري في منهجنا الأساسي، الذي يقوم على الأسواق المفتوحة التنافسية، وأطر السياسات الاقتصادية الكلية القوية، والاستقرار المالي، والمؤسسات القوية. ولكنها أضافت رؤى مهمة حول أفضل السبل لتحقيق هذه النتائج على أساس قابل للاستمرار. لقد تعرض هذا المقال إلى سوء تفسير واسع النطاق ـــ وهو لا يعني أي تغير كبير في منهج الصندوق. وأعتقد أنه من المضلل صياغة السؤال على نحو يشير إلى كون الصندوق إما مع التقشف أو ضده. فما من أحد يريد تقشفا لا داعي له. إننا نؤيد سياسات المالية العامة التي تدعم النمو والعدالة على المدى الطويل. أما ماهية هذه السياسات فهو أمر يمكن أن يختلف من بلد إلى آخر ومن موقف إلى موقف. والأمر ببساطة هو أن الحكومات عليها أن تتصرف في حدود مواردها على أساس طويل الأجل، أو تواجه نوعا من العجز عن سداد ديونها، وهو ما ينطوي بالطبع على تكلفة عالية بالنسبة للمواطنين، خاصة الشرائح الأفقر. هذه حقيقة، وليست موقفا أيديولوجيا. ووظيفتنا هي تقديم المشورة للحكومات حول أفضل السبل لإدارة سياسات المالية العامة بما يجنبها النتائج السيئة. ويتطلب هذا في بعض الأحيان أن نقر بوجود مواقف يؤدي فيها الإفراط في تخفيض الموازنة إلى نتائج عكسية تضر بأهداف النمو والعدالة حتى استمرارية أوضاع المالية العامة. تحتاج البلدان إلى أطر مالية موثوقة متوسطة الأجل تبث في الأسواق الثقة بشأن إمكانية سداد الدين العام دون تضخم شديد الارتفاع. وعادة ما تكون لدى البلدان التي تمتلك مثل هذه الأطر مساحة لتخفيف أثر فترات الهبوط الاقتصادي عن طريق أدوات المالية العامة، بما في ذلك أدوات الضبط التلقائي.author: موريس أوبستفلدImage:
مشاركة :