ها قد انفضّ السامر، وارتحل كلُّ إلى وجهته، وبقيت العين تعيش حالة الفرح والتوهج، وتتقدّ حاراتها، وشوارعها، وفرجانها، وآثارها، وقلاعها، وحصونها شغفاً بكل شيءٍ جميل يُزهرُ بين جنباتها، تودّع العين «مهرجان العين للكتاب» والأيام الحلوة التي عاشتها معه، سكاناً ومواقعَ ذات قيمة تاريخية عريقة، وعميقة في حضورها فينا نحنُ أبناء العين الذين أسعدنا تنظيم مهرجانٍ بهذا الحجم والإتقان والتنوع والثراء الثقافي والفنّي والمعرفي. عشنا أياماً حلوة بكل ما فيها من جمال وتجدد وجديد حملته هذه النسخة من المهرجان، وحسناً فعلت دائرة الثقافة والسياحة ومركز أبوظبي للغة العربية، عندما اختارت هذا العنوان للاحتفالية الثقافية التي عاشتها مدينة العين بسكانها المُتعطّشين لمثل هذه الفعاليات بما حفل به من أمسيات وندوات واحتفاء بالأطفال ومعرض للكتاب، ولأول مرة أرى هذا الإقبال عليه من الجمهور بعكس السنوات الماضية، وربما كان للمكان أثره في اتجاه الناس إليه وهو استاد هزاع بن زايد الذي كان حافلاً بالأنشطة التفاعلية والاستعراضية. ورغم توزع برنامج المهرجان في أكثر من مكان في المدينة، إلاّ أن المهتمين من المثقفين والمبدعين وسكان المدينة كانوا يتنقلون بين الفعاليات بسعادة، ويقضون الوقت كاملاً للاستماع للمتحدثين وفتح الحوارات والنقاشات العميقة كذلك، ولعل من أبرز الفعاليات التي شهدها المهرجان «كاسيت» التي استقطبت من الجمهور ما لم يتّسع له المكان من الفئات العمرية كافة، وسط أجواء من المرح والمتعة واستحضار الذكريات الجميلة التي تم عرضها على شاشة ضخمة في قلعة الجاهلي، حيث ليل العين ينثر السّحر والبهاء. وتأتي أمسيات الكلمة المُغنّاة لتصنع تغييراً وتأثيراً واضحاً، حيث حرص سكّان المدينة وضيوفها على حضور النشاط الذي تناول سير الراحلين من شعراء العين، وكانت ليلة الراحلة الكبيرة الشاعرة عوشه بنت خليفة «برقا روس الشرايف» من الأمسيات التي شهدت إقبالاً جماهيرياً لم يسبق له مثيل، وحاولنا في تلك الأمسية أن نأتي على سيرة الشاعرة، رحمها الله، خلال الوقت المحدد للأمسية بمشاركة نخبة من الشعراء والإعلاميين والفنان خالد محمد الذي كان في حالة توحد مع القصائد التي تعيش في وجداننا، وتألق في أدائها بشكل رائع. إن العين وهي تودّع مهرجانها الكبير، تزجي الشكر والتقدير للقائمين عليه، وتحتفي معهم بما حققه من نجاح، وعلى أمل اللقاء في مهرجانات قادمة كل التوفيق نتمناه للعاملين على نشر الثقافة والإبداع، والمُحتفين بالكتاب، شكراً دائرة الثقافة والسياحة ومركز أبوظبي للغة العربية، وشكراً لكل الشركاء والداعمين، والمثقفين والمبدعين، وللعين وسكانها كل المحبة والتقدير.
مشاركة :