شيخة الجابري تكتب: شيخة الجابري

  • 8/7/2023
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

كان من أساليب التربية في الزمن الماضي تلك التصرفات العفوية الإيجابية التي تتصل بالجيرة والصلات الإنسانية بين أبناء المجتمع الواحد، حيث يتشارك الجميع في تربية الأبناء، وتوجيههم والاعتناء بهم، وتعليمهم ومشاركتهم الخبرات الحياتية المختلفة، كان من الطبيعي أن يفرح الجار لأن جاره وجّه أحد أبنائه إلى عدم تكرار خطأ ما، أو نصحه بالذهاب إلى المسجد ليلحق بفرض من الفروض، أما أبسط رد فعل يتلقاه الجار من والد ذاك الشاب أو الطفل فهو «هذا ولدك أدّبْه وسلّم عينه». اليوم اختلفت تلك الأساليب وطرق التربية وحتى أنظمة الجيرة والشراكة المجتمعية الإنسانية لم تعد كما كانت، أُوصدت الأبواب، وانحسرت الزيارات حتى بين أفرد العائلة الواحدة إلاّ في بعض المدن التي لم تهاجمها الحضارة الجديدة ووسائل التواصل الحديثة من المكالمات المرئية إلى الرسائل الصوتية، حيث القلوب ما تزال بعدُ طازجة بما تحمل من نقاء المشاعر، وصفاء الأرواح، وتلك الحاجة الملحّة إلى التزاور والاطمئنان والتواجد في المناسبات المختلفة داخل الفريج أو الحي الواحد، وعدم الاكتفاء بتواصل بارد لا قيمة له. أما بعض الأبناء فما عادوا يتقبلون النّصح والإرشاد لا من الأسرة ولا من الجار، أقرب ما لديهم الاتصال بالجهات المعنية لتقديم الشكوى على والد وجّه أو أمٍ رفضت أن تخرج ابنتها في وقت ما مع صديقاتها خوفاً عليها، حتى مفهوم الاستعانة بالجهات المختصة لدى بعضهم غير واضح ولا يريدون له ذاك الوضوح الذي قد يمنعهم من تقديم الشكوى على صديق أو قريب، لأنه تنمّر عليهم كما يعتقدون بشكل ما، هُم لا يرتضونه لأنفسهم في فهم مغلوط لمفهوم التّنمر، ومفاهيم الحب، والقلق، والخوف على من نُحب حتى من أقربنا إليهم. ما زلنا نحن بنات الجيل الذي سبق جيلنا الحالي وكذلك الأبناء، نذكر «قرصة الأذن، وتحميرة العين علينا، أو قرصة في الفخذ تجعل واحدهم أو واحدتنا ترتعد وترتجف لشدة الرعب الذي يتسلل إليه مما يمارس عليه من إرهابٍ جميل، عندما كبُرنا أدركنا أهميته في حمايتنا، وقيمته في تعليمنا، وتوجيهنا، وتلقيننا أصول (السّنع والذرابة) وكم قالوا لنا (المذهب ذهب والمعاني حروف) وأن (الزين يا عليا خْضاب وينجلي، والسّتر يا عليا مْناخ الركايب)»، وكم تعرّض الأطفال إلى مواقف علّمتهم فيما بعد قيم الشجاعة والتواضع والوفاء واحترام الآخر. الله يرحم تلك الأيام، وناس الوقت الذهبي والقلوب المُحبة النقيّة التي لن تتكرّر، أو يحتملها أبناء هذا الزمان.

مشاركة :