قبل أسابيع قليلة كنا نتحدث عن المواءمة بين السحب من الاحتياط أو طرح مستندات حكومية جديدة لتمويل عجز الميزانية، فجأة قفز بعضنا لفكرة بيع بعض الممتلكات العامة للحصول على نقد سائل. قبل الكتابة وصلتني رسالة بنصيحة رويال بنك أوف سكوتلاند لعملائه بيع كل شيء واسترداد رأس المال ونسيان عوائده والاستعداد لعام كارثي وانكماش كبير، وأن الملاذ الوحيد الآمن هو السندات ذات الجودة العالية، واتفق مع تحليل بنك سكوتلاند، الذي كان أول من حذر من الأزمة المالية العالمية قبل وقوعها العام 2008، كثير من الصحف العالمية كالجارديان والتليجراف وبيزنس انسايدر والوول ستريت جورنال، ومعهم كثير من بنوك العالم الكبرى بأن 2016 ستكون الأسوأ، ألم أقل لكم عند بدايتها أنها سنة كبيسة. نصيحة البنك قد تفيد عملاءه، بالنسبة لنا ظاهرها حل سريع لحظي وباطنها عوائق مستقبلية دائمة، بدأ الحديث ببعض مشاريع أرامكو الجديدة ومصافيها التي تدر مليارات، إلا أن البعض ذهب يتحدث عن أرامكو ذاتها، وقد كتبت سابقا أن أرامكو غير، لأنها عصب اقتصادنا ومصدر ثروته. قد يفهم الاحتفاظ باحتياطنا بافتراض أنه سندات ذات جودة عالية، وقد يفهم تردد البنوك المحلية في الإقبال على شراء السندات الجديدة بحجة انعدام السيولة الكافية، برغم توافرها الملاحظ عند أي اكتتاب فتغطي رأس المال المطلوب أضعافا مضاعفة، ولكنها حكمة رأس المال الجبان المعروفة، كل هذا مفهوم، غير المفهوم هو استمرار سياسة التساهل مع مؤسسات كثيرة استفادت طويلا من التسهيلات الحكومية الكمية والنوعية، والتساهل أكثر مع تكومات مالية طفيلية، الأراضي البيضاء مثلا، وكلاهما يوفر مليارات إضافية. استيراد الحلول دون تبيئتها له نتائج سلبية أحيانا، هناك سبل عدة لتوفير السيولة، وهنا نحتاج أدوات، بمعنى سياسات مالية ونقدية أكثر مرونة وأكثر شفافية، مؤسسة النقد يمكنها أن تكون أكثر حزما مع البنوك بتغيير سعر الفائدة أو تقليص الميزات الممنوحة، يمكنها أيضا التخلص من سعر صرف الدولار الثابت منذ عقود لتحرير اقتصادنا مع دول أخرى لا تتعرض لضغوطات الدولار، هذه أيضا ستوفر مليارات إضافية. وزارة المالية يمكنها المساهمة أو دعم إنشاء شركات عامة يساهم فيها المواطنون بمدخراتهم بضمان حكومي وهذه بدورها ستخرج مليارات أخرى تبحث عن أوعية استثمارية آمنة. هل قلت شيئا عن تحسين الأداء الحكومي؟ لا أظن.
مشاركة :