استضاف مجلس صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في قصر البطين في أبوظبي، عصر أمس، محاضرة بعنوان نتائج مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ: المضامين والفرص، ألقتها كريستيانا فيغيريس الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. شهد المحاضرة الدكتورة أمل القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي، والفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسموّ الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، والدكتور سلطان الجابر وزير الدولة والمبعوث الخاص لشؤون الطاقة وتغير المناخ، وعدنان أمين المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي. وقالت كريستيانا فيغيرس في بداية المحاضرة: من دواعي اعتزازي وسروري أن أتحدث في مجلس صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي أسس أطراً للنقاش في مختلف المجالات. وأكدت أنه في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ الذي عقد مؤخراً في باريس، أنصت فيها العالم لكلمات فقيد الأمة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، رحمه الله، مشيرة إلى أن الاتفاقية ليست بجديدة للإمارات، وإنما تجسد ما قاله المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، قبل 50 عاماً، حيث اتفق في المؤتمر، ومن خلال الاتفاقية، زعماء ورؤساء 195 دولة على نص ملزم يجسد الكلمات الملهمة لمؤسس دولة الإمارات في شأن تغير المناخ والحفاظ على البيئة ومصادر الطاقة، ما قاد إلى التوصل إلى اتفاقية مهمة في ظل تنوع الموارد وصولاً إلى رؤية مستقبلية تسهم في حماية العالم. وقالت إن دولة الإمارات العربية المتحدة أعطت الأولوية للانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وتعدّ مدينة مصدر اختباراً لحياة مستدامة وقليلة الانبعاثات الكربونية، وشهادة على القيادة الحكيمة للبلاد، مشيرة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة حضرت لمستقبل مختلف، وقطعت شوطاً في مجال استخدامات الطاقة المتجددة في قطاعات النقل وغيرها، والسعي إلى تحقيق الأمن المائي والغذائي، وأصبحت اليوم الإمارات، والعاصمة أبوظبي مكاناً رائعاً للتجمع العالمي لمناقشة السياسات المتصلة بالتنمية المستدامة واستخدامات الطاقة المتجددة، مشيرة في ذلك إلى القمة العالمية لطاقة المستقبل وأسبوع أبوظبي للتنمية المستدامة الذي ينطلق اليوم في العاصمة أبوظبي، ومن المتوقع أن يستقطب أكثر من 30 زائراً. وأكدت أن الإمارات تعدّ اليوم رائدة ولاعباً رئيسياً وأساسياً في مجال طاقة المستقبل والطاقات المتجددة، وأنها تمتلك دوراً ريادياً في هذا المجال خلال المرحلة المقبلة، وهي تعمل على اغتنام الفرص في هذا المجال وتخطط بنجاح للمستقبل معتمدة على رؤية 2020 ورؤية 2030، مشيرة بذلك إلى مقولة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: إذا كنا نستثمر بشكل صحيح فسنحتفل بعد 50 عاماً بتحميل آخر برميل من النفط. وتطرقت المحاضرة إلى أربع فرص للمستقبل في الإمارات والمنطقة، أولاها الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي، وانخفاض أسعار النفط وتأثير ذلك في تأخر الاستثمارات واستكشافات النفط المكلفة، الأمر الذي يجعل حصة السوق من الغاز الأقل تكلفة أكبر مما يتوقع، موضحة أن الإقبال على الغاز يزداد في المقابل يتراجع السوق العالمي للفحم بالذات في الصين والهند، وقبل أيام دار حديث عن الإنفاق الرأسمالي على إنتاج واستخراج النفط من المياه العميقة التي وصلت إلى 400 مليار دولار، ما يعزز من فرص حصة السوق من الغاز. وأضافت في ظل تقلبات وتغير أسعار النفط التوجه هو للغاز الطبيعي للتخفيف من انبعاثات الكربون، وتمثل هذه التصورات فرصاً مناسبة للإمارات ودول المنطقة. وقالت فيغيريس إن الفرصة الثانية تركز على الاقتصاد القائم على المعرفة، والإمارات قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال وتشهد حالياً تطوراً وتحولاً كبيراً في مجال الطاقات المتجددة، مشيرة إلى أن إمارة دبي سبق أن طرحت مناقصات لإقامة مشاريع لإنتاج الطاقة الكهربائية من الرياح، فهناك زيادة في الطلب على الطاقة المتجددة في المقابل هبوط في الطلب على النفط. وأكدت أن الإمارات لديها 4 مجالات مثيرة للاهتمام في مجال الطاقة المتجددة تركز على البحث والتطوير وتوليد الطاقة المتجددة وشبكات تخزين الطاقة والابتكارات الجديدة، مشيرة إلى أن دولة الإمارات أعطت الأولوية للانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وتعدّ مدينة مصدر اختباراً لحياة مستدامة وقليلة الانبعاثات الكربونية، وشهادة على القيادة الحكيمة للبلاد، وقد تمّت مؤخراً إقامة شراكات بهدف خفض البصمة المناخية لمحطات تحلية المياه، كما تعدّ التقنيات المبتكرة الجديدة لتخزين الطاقة عناصر أساسية لهذا الانتقال، وانه لا شك في أن منطقة الخليج تعدّ ضمن قادة الطاقة اليوم، وفي هذه المنطقة، نرى للتو تنوعاً في الاقتصادات يبشّر بالخير من أجل مستقبلنا المشترك. وقالت تأتي هذه الإجراءات في دولة الإمارات استكمالاً للتركيز على الطاقة الشمسية في المنطقة، الذي يشير إلى الانتقال الحتمي والنهائي نحو نموٍ أكثر نظافة وملاءمة للبيئة، وتمثل اتفاقية باريس فرصة مهمة لدولة الإمارات ولكامل المنطقة، والأهم في هذه الاتفاقية أنها تتواءم مع الخطط الشاملة لدولة الإمارات ولرؤيتها في التنوع الاقتصادي. وأضافت أن استخدامات الغاز ستكون هي المسيطرة بحلول عام 2030 إلى جانب الطاقات المتجددة، وأن معظم الاستثمارات في الطاقة المتجددة تأتي من البلدان النامية، وتشير التقارير إلى إنفاق نحو 300 مليار دولار خلال الربع الأخير من العام الماضي على قطاعات الطاقة المتجددة عالمياً نسبة منها في البلدان النامية. وقالت إن الفرصة الثالثة تتمثل في الطلب المتزايد على أجهزة التكييف في المنطقة نظراً لارتفاع درجات الحرارة، والمثير للاهتمام أن الإمارات تعتمد على أجهزة تبريد حديثة وتركز على الابتكار في هذا القطاع، ما يفتح آفاقاً أوسع نحو زيادة الطلب على صناعة التبريد. وأشارت إلى الفرصة الرابعة المتمثلة في النظر بتقييم زيادة رأس المال في مخاطر الطاقة المتجددة، مؤكدة أنه مع تصاعد الطلب على الطاقة المتجددة يزداد الاستثمار في هذا القطاع، حيث من المتوقع إنفاق نحو 500 مليار دولار عالمياً خلال السنوات المقبلة على الاستثمار في الطاقة المتجددة، وسيصل حجم الإنفاق بحلول عام 2020 إلى تريليون دولار، وهذا يؤكد أن مخاطر الاستثمار في هذا المجال ستكون قليلة. وأضافت إذ وحّدت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ دول العالم بصورة عملية من أجل التصدي لتحدي تغير المناخ، وربما تحفّز على إيجاد نموذج جديد للنمو العالمي، وبعد صدور المقررات، تعهّدت مئات الجهات ذات الصلة حول العالم بالإسهام في نجاح اتفاقية باريس، ولا شك في أن ذلك يعدّ نقطة انعطاف مهمة. وأضافت أنها فرصتنا المواتية لنترك وراءنا ميراثاً من الاستقرار والرفاه لكوكبنا، ونحن بحاجة إلى قيادة قوية من حكومات الدول للتوقيع على اتفاقية باريس والانتقال بسرعة نحو المصادقة عليها، ونحن بحاجة إلى قيادة قوية من جانب القطاع الخاص من أجل الانضمام إلى تعهد باريس للعمل، والانتقال بسرعة نحو نموذج جديد للنمو، ومعاً سنقهر التحدي الأكبر لهذه البلاد ونفتح باب الفرص أمام الأجيال القادمة. 90 تريليون دولارحجم الإنفاق المتوقععلى البنى التحتية كشفت المحاضرة أنه يتوقع إنفاق نحو 90 تريليون دولار، خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة في قطاعات البنى التحتية على مستوى العالم، وتحديداً في مجالات النقل والطاقة المتجددة والإسكان، إلى جانب إعادة بناء مدن صناعية قديمة ما يعزز من الاقتصاد العالمي. وأكدت في ردها على أسئلة الحضور أن اتفاقية باريس في شأن تغيّر المناخ تمثل الخطوة الأولى من أجل التحول في الاقتصاد العالمي، وأن نأخذ مفهوم الاقتصاد الجديد والاستخدام الأمثل للموارد، وفتح آفاق أوسع نحو الإبداع والابتكار. وأشادت بدور ايرينا ومقرها في الإمارات موضحة أن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة كانت نتاج رؤية الإمارات. وقالت إن لجهة الحوارات والمناقشات خلال أسبوع أبوظبي للاستدامة بعد اتفاقية باريس ستكون مختلفة عن السنوات السابقة لجهة وجود تفاؤل وتصميم على تحقيق الاستدامة. تشديد على ضرورة بقاء محركات الاقتصادمتوجهة نحو المستقبل قالت المحاضرة فيغيريس يجب أن تظل محركات الاقتصاد الآن متوجهة بقوة نحو المستقبل، بما يضمن أن تسهم كل دولة بما هو المطلوب منها في اتفاقية باريس، أو تتخطاه إلى ما هو أكثر، وإن لكلٍّ من الاستثمار والصناعة والإبداع دوراً يؤديه في تأسيس نموذج جديد للتنمية، مستدام وضمن الشروط العلمية، وقد حانت اللحظة لإحداث هذا التحول المطلوب في النمو العالمي. وأوضحت أن هذه اللحظة تمثل فرصة بالغة الأهمية، وأن أفضل طريقة لتحقيق انتقال سريع وحسن الإدارة نحو نموذج نمو يتواءم مع اتفاقية باريس، تكمن في المشاركة الفاعلة للجهات التي ستلبّي احتياجات الطاقة والغذاء والمياه وغيرها من الموارد لسكان العالم المتنامي، وأن قادة الطاقة اليوم يستطيعون، بل يترتب عليهم، أن يأخذوا بيدنا نحو الغد، حيث الطاقة النظيفة وأنماط المعيشة المستدامة تشكلان الأساس لنمو المجتمعات البشرية. وقالت إن تحقيق رؤية مستقبلية مستدامة يحتل أهمية خاصة في البلدان النامية، وتمثل هذه اللحظة أيضاً فرصة سانحة للحدّ من الفقر وتحقيق المساواة بين الناس وحماية الفئات الأضعف بينهم، ومن خلال العمل معاً كدول ومناطق ومجتمع عالمي واحد، يمكن لنتائج مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ أن تدفع عجلة النجاح المستمر على مستوى كوكبنا. المحاضرة في سطور المحاضرة كريستيانا فيغيريس حاصلة على الماجستير في الإنثروبولوجيا من كلية لندن للاقتصاد، وشهادة في التنمية المؤسسية من جامعة جورج تاون، ودكتوراه فخرية في القانون من جامعة ماساتشوستس. في عام 1995 أسست مركز التنمية المستدامة في الأمريكتين، وتشارك في مفاوضات تغير المناخ منذ سنة 1995. وفي سنة 2010 عيّنها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أمينة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وأعيد تعيينها لدورة جديدة مدتها ثلاثة أعوام في يوليو/تموز سنة 2013.
مشاركة :