حين قلب التحالف العربي المعادلة

  • 1/18/2016
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

مع احتدام المواجهات العسكرية التي تدور الآن على جبهات القتال المنتشرة بعرض اليمن وطوله، تزداد الصورة وضوحاً وتقترب من النهايات المؤكدة لهذه الحرب اللعينة التي أشعلت نارها فئة لم تقرأ التاريخ السياسي لليمن ولا محيطه الإقليمي ولم تع خطورة الأوضاع المحيطة باليمن وصراع القوى الإقليمية والدولية ولم تدرك مغبة اصطفاف قوى حاقدة تتربص بالإقليم لتحقيق أهداف عقائدية استحضاراً لنموذج الصراع القديم والمتجدد بين الفرس والعرب. فالحرب التي تفتك باليمنيين الأبرياء هي في حقيقة الأمر حرب بين الهادي من طرف وهو المؤسس الأول للإمامة في اليمن ابتداء من ٨٩٧ م وبين اليمنيين من جيل القرن الواحد والعشرين في ربعه الأول من طرف ثاني. فكيف إذاً نقرأ التطورات الأخيرة على إيقاع الإفراج عن جانب من الأسرى وتأكيد الحوثيين للمبعوث الدولي بأن وزير الدفاع محمود الصبيحي ومن معه أحياء يرزقون وارتفاع حجم التوقعات بنجاح المبعوث الدولي بجمع الوفدين على طاولة واحدة فماذا عسانا أن نقول عن مستقبل الصراع؟ وماذا تخبئ الأيام القادمة لليمنيين شرعيين وانقلابيين؟ وأي استراتيجية يمكن أن تتحقق على وقع المواجهات العسكرية والسياسية معاً؟ هل هي الإيرانية أم الوطنية المعمدة بدعم خليجي عربي قل أن يحدث له مثيل في التاريخ العربي منذ الثورة العربية بقيادة الشريف حسين. هناك ثلاثة سيناريوهات تقدم إجابات متعددة ليس بمقدور أحد التنبؤ بأي منها قابل للتحقيق، فالوضع ملتبس ومقدار الكذب والخداع الذي ينتحله الحوثيون لا يقدر بحجم منذ أن أعلنوا التمرد على الشرعية من أيام صالح. السيناريو الأول وهو الأقرب للتحقيق يرى بأن المواجهات الحاسمة التي تكبد فيها الحوثيون وصالح خسائر فادحة عبرت عن نفسها بالاقتراب من العاصمة صنعاء ومن قمم جبال صعدة أجبرت الانقلابيين على إعادة النظر في الخطة العسكرية التي وضعها صالح، وجاءت ضربات التحالف لتوقظه من حلم ظل يراوده طوال إقامته خارج السلطة وأن يقينه بعودته رهن بتحالفه مع الحوثي وإيران، ولم يكن يدري أن الأمن الخليجي والقومي العربي بات يتعرض لخطر حقيقي وأن الجيوش الخليجية قررت الدخول بجد في مواجهات عسكرية للحفاظ عليه وأن العرب الشرفاء قرروا خوض المعارك للذود عن هذا الأمن. إن الإجماع العربي الذي حظي به الموقف السعودي والإجماع الذي ميز اجتماعات الجامعة العربية بالقاهرة الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى قرار مجلس الأمن القومي المصري الذي أكد الدور العسكري المصري طوال فترة الحرب لابد أنه منح زخماً كبيراً للجهد العسكري الخليجي وأصاب المعسكر الإيراني الحوثي بالدوار ومن ثم فقد بادروا لاتخاذ قرار باللجوء لسياسة المرونة في المحادثات السياسية والبحث عن مخرج يحفظون به ماء وجوههم أمام حتمية الهزيمة الساحقة التي تنتظرهم في الأسابيع أو الشهور القليلة المقبلة. ربما يكون هذا السيناريو هو الأقرب للتحقيق إذا لم يبيت الحوثيون النية لخديعة أخرى قادمة. السيناريو الثاني ويقوم على احتمال اعتقاد التحالف الإيراني بأن في مقدوره أن يقلب المعادلة ويعيد الأزمة إلى مربع الصفر بتحييد التحالف عن طريق اختلاق مواجهة على سطح الخليج تجد فيها القوة العسكرية العربية نفسها في حالة الضرورة مجبرة على نقل عتادها إلى الشمال ويخلو الجو للحوثي وصالح لمواجهة جيش يمني هزيل ومحدود في الرجال والعتاد ويتم تحقيق حلم صالح في انهيار الجبهة العريضة التي تواجهه وهو ما كانت إيران تعمل لتحقيقه باختلاق المواجهة مع المملكة السعودية. كانت إيران تطمح إلى تحقيق هدفها بترك الغوغاء الإيرانيين يقتحمون السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد، إلا أن الوعي السياسي السعودي النشط قلب ظهر المجن وأفشل الأحلام الإيرانية وأعاد كيدها إلى نحرها. ولم تقتصر الاحتجاجات على العرب فقد كانت ردود الفعل أكثر حدة مما كان يدور في خلد إيران، إذ أبدى العالم سخطاً كبيراً وأعاد للذاكرة إيران على أنها دولة الفوضى والهمجية والخروج على الأعراف الدولية ومواثيق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأسره. لقد فشل السيناريو الذي وضعته إيران وعملاؤها اليمنيون. ولكن ولا ندري ماذا يخططون بليل.. لكننا على ثقة بأن يقظة التحالف سوف تفوت الفرصة على فريق بيع اليمن في سوق النخاسة، وأن المخطط الإيراني آيل إلى الفشل وأن الهزيمة محققة في آخر المطاف بإذن الله. drsubaihi@gmail.com

مشاركة :