«الجمعة السوداء» حلبة صراع بين الواقع والأحلام

  • 11/26/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تأتي «الجمعة السوداء» والتي تعد فاتحة لموسم التسوق الشتوي، هذا العام في وقت حساس، مع تراكم ضغوط كبرى من التضخم إلى التقشف على كاهل المستهلكين في نهاية الأمر. ويترقب الجميع ما ستسفر عنه من أرقام، والتي ربما تكون «مقياسا» جيدا لمدى قدرة المستهلكين «المستنزفين» على الاستمرار في الإنفاق، الذي يعد أحد أهم شرايين النمو الاقتصادي في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء. ورغم أن المعطيات القائمة تشير إلى واقع محبط، مع مشاهد تشير إلى تراجع اقتصادي في «الصين المغلقة» أو «بريطانيا المضربة»، وصولا إلى «أميركا المتأففة» من زيادة الأسعار، فإن الآمال لا تزال قائمة بقوة، حيث قد تعطي «الجمعة السوداء» شريان أمل جديد لتجارة التجزئة في ظل موجات التضخم التي اجتاحت العالم على مدار عام كامل، وتبعات فيروس كورونا التي تلوح في الأفق من جديد، بالتزامن مع ارتفاع محتمل في حالات الإفلاس. وقال أوين باسيت، خبير البيع بالتجزئة ومدير الاكتتاب في أرتيدس التي توفر تأمين الائتمان التجاري، في تصريحات نشرتها «فاينانشيال تايمز»، إن الجمعة السوداء مهمة للغاية لتجار التجزئة هذا العام. وكان طلب المستهلكين منخفضا نسبيا حتى هذه اللحظة من العام، وربما كان أول المؤشرات على «الخريف الصعب» ما شهده «يوم العزاب» في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي من نتائج هي الأضعف في تاريخه على الإطلاق. وفي ظل الضغوط أصبح يتعين على الناس اتخاذ قرارات صعبة حول المكان الأجدر بالصرف الذي ينفقون فيه أموالهم في ضوء ارتفاع تكلفة المعيشة... وبذلك قد تصبح «الجمعة السوداء» فرصة لتجار التجزئة لإغراء المستهلكين بفك قيودهم المالية. شركات في مأزق وتأمل الشركات في الاستفادة من عروض الجمعة السوداء الترويجية كفرصة للتخلص من فائض المخزون الذي يحتفظون به، وتوليد النقد من أجل تحسين آفاقهم الاقتصادية للعام المقبل. وإذا فشل تجار التجزئة في إدارة مخزونهم وسلسلة التوريد الخاصة بهم بشكل فعال، فقد نواجه تدفقا للإعسار في هذا القطاع في الربع الأول من عام 2023. وقد يتعين على الشركات في بريطانيا مثلا تقديم خصومات أكثر قوة من المعتاد، لتشجيع المتسوقين على قضاء يوم «الجمعة السوداء»، في ظل إضرابات لا تتوقف... لكن هذا سيؤذي هوامش الربح. ويرى المحللون أن الشركات سوف تكافح بشدة من أجل الحصول على قدر جماعي مخفض من الإنفاق الاستهلاكي المحتمل. ومع ذلك، تواجه الشركات أيضا زيادة كبيرة في التكاليف من الطاقة إلى الأجور إلى المواد، وسيؤدي هذا المزيج المزعج من التكاليف المتزايدة والخصومات المرتفعة إلى الضغط على الهوامش، مما يجعل من الصعب على تجار التجزئة الحفاظ على أرباحهم. وقد يعانون أيضا من مخلفات كثير من المخزون إذا كانت المبيعات أقل من التوقعات، مما قد يؤدي إلى المزيد من الخصومات بعد عيد الميلاد في العام الجديد وحتى بهوامش ربح ضيقة. ولا تزال أسهم التجزئة الأميركية، وهي مقياس لثقة المستهلك مع اشتداد التضخم، تحت الضغط بعد هدوء في أرقام مبيعات أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني). مستهلكون مستنزفون ورغم العروض والخصومات، فإن المستهلكين المستنزفين ماديا، أصبحوا يترقبون مزيدا من الخصومات والعروض، متوقعين أن الانتظار لما بعد «الجمعة السوداء» سيكون أكثر مناسبة للشراء. وتعني أزمة تكلفة المعيشة المتفاقمة أن المتسوقين في المملكة المتحدة وأوروبا سيكونون عازمين على إيجاد تخفيضات قوية. وتوصلت الأبحاث التي أجرتها مجموعة بوسطن الاستشارية إلى أن المتسوقين في أوروبا يخططون لإنفاق ما يقرب من الخمس خلال فترة الخصم السنوية لهذا العام، بسبب ضغط التضخم. ومن المقرر أن يخفض المستهلكون في بريطانيا بأكبر هامش في المنطقة، حيث ينفقون أقل بنحو 18 بالمائة، بينما يخطط المستهلكون في فرنسا وألمانيا لخفض إنفاقهم بنحو 15 بالمائة، وإسبانيا بنسبة 13 بالمائة.

مشاركة :