الشاعر حسين سرحان قامة أدبية مهمة أثرت المشهد الثقافي في المملكة على مدى أكثر من ستين سنة، بإنتاج غزير شعراً ونثراً ولقي إنتاجه اهتماماً نقدياً لافتاً. تميز شعره بـتجلي روح البداوة فيه، من حيث التصوير، والأخيلة، والمعجم الشعري، ومن حيث الهيكل العام للنص الشعري القديم، كما أن ثقافة الشاعر العربية القديمة، واطلاعه الواسع على الشعر العربي القديم أسهما في وسم شعره بهذه السمات، وأبرزا مدى تأثره بالقدماء في شعره، إذ إن «اقتباساته الشعرية تُظهر بعض تأثره بالبحتري، وصالح بن عبد القدوس، وابن الرومي، وابن المعتز، ومهيار الديلمي، وأبي نواس، والفرزدق، وأبي العلاء»، مما يوضح مدى تنوع قراءات الشاعر في عصور الشعر العربي المتعاقبة ومدى انعكاس ذلك على شعره. ولم تقتصر قراءات الشاعر على الشعر فقط، فقد كان يستمد بعض معانيه من أمثال العامة وبعض الأساطير الإغريقية ويشير إلى هيلانة فاكارسلو وفولتير ورومان ورولان وفاوست ويستشهد بالشعراء الرمزيين مما يدل على غزارة ثقافته وتنوعها، وتركيزه على المعنى الشعري المراد إيصاله للمتلقي من خلال ربطه بالأثر المقروء، سواء كان شعراً، أو مثلاً، أو أسطورة، أو غير ذلك. السيرة الذاتية حسين علي سرحان، شاعر وكاتب سعودي، ولد في مكة المكرمة عام 1914م، وكان أحد طلبة مدرسة الفلاح ولكنه لم يكمل تعليمه فيها، خرج منها وتعلم بشكل ذاتي في عدد من العلوم، ومارس الأعمال الحرة في سن مبكرة، ثم تنقل بين عدة وظائف في وزارة المالية، ثم أصبح رئيساً للجنة التنفيذية لتوسعة الحرم المكي، ثم عمل كرئيساً للتحرير في مطابع الحكومة السعودية إلى أن تقاعد عام 1973م، كان شاعراً بالدرجة الأولى، وكاتباً للمقالات بالدرجة الثانية وقد غلب على مقالاته الطابع القصصي، فيما كانت قصائده تحمل النزعة الرومانسية، وتتراوح ما بين الشعر النبطي والفصيح، ذُكرت له ترجمة كأحد شعراء الحجاز ضمن كتاب عبد السلام الساسي (شعراء الحجاز في العصر الحديث)، إضافة إلى تراجم أخرى، ونُشر له في حياته 3 دواوين هي الطائر الغريب، أجنحة بلا ريش، والصوت والصدى. تجربته الأدبية يعتبر حسين سرحان شاعراً بالدرجة الأولى، إلى جانب بروزه في فن النثر والقصص، وله ثلاثة دواوين أحدها مخطوط، وقد جمع بعض قصائده المتناثرة أحمد المحسن، وجعلها ملحقًا بدراسته تحت عنوان:(شعر حسين سرحان: دراسة نقدية)، كما أصدر عبد المقصود خوجة أعمال حسين سرحان الكاملة في ثلاثة مجلدات (تضمنت الديوان المخطوط والقصائد التي جمعها المحسن). وأشعار حسين سرحان تتجه إلى الشعر الرومانسي، ويتخلل أكثرها الغزل الرومانسي المجلل بالأحزان والكآبة. وشعره في ديوانه (أجنحة بلا ريش) لا يعتبر قصيدًا غنائيًا محضًا، بل هو شعر إنساني ذو طابع فلسفي تأملي، ورغم التزامه بعمود الشعر التقليدي وزنًا وقافية ولكنه يميل إلى استخدام القافية المنوعة، ويغلب على شعره الحزن والقتامة حتى في قصائده الساخرة. أما ديوانه (الطائر الغريب)، فتنوعت أغراضه الشعرية بين: الرثاء، والسخرية، والفلسفة، والشكوى، والمديح الإخواني، والطابع العام للديوان النزعة الواضحة إلى الفلسفة والتأمل الذي يتخلله الحزن والكآبة. أما ديوانه الثالث (الصوت والصدى)، عبر حسين سرحان عن فلسفته، ومكنوناته الذاتية، ويقترب فيه من الرومانسيين ويختلف عنهم في أنه أكثر صرامة في اعتماده على البعد الفكري لرؤيته المستندة على الفكر لا على الوجدان وأبعاده. ويعتبر حسين سرحان من أوائل الشعراء السعوديين المجددين، وله دعوة خاصة تجمع بين قوة الشعر القديم وسهولة المدارس الحديثة ورقتها. وفي مجال النثر أصدر حسين سرحان رسالة في إحدى وعشرين صفحة سماها (في الأدب والحرب) وذلك عام 1398هـ/1978م، ثم قام يحيى ساعاتي بجمع 54 مقالة ونشرها في كتاب (من مقالات حسين سرحان) وذلك عام 1400هـ/1979م. كما قام نادي أدبي الرياض بنشر كتاب بعنوان: (آثار حسين سرحان النثرية: جمعًا وتصنيفًا ودراسة)، ويقع في ثلاثة مجلدات، ويتضمن مقالاته وقصصه ومقابلاته الصحفية. أما إنتاج حسين سرحان القصصي فمحدود جدًا، وقد بلغ 13 قصة، وكانت ذات طابع اجتماعي تناول من خلالها مشكلات عدة، منها: مشكلة الانحراف، وظاهرة الإسراف، والصراع الطبقي، ومشكلات الزواج. أما أسلوبه القصصي، ففي البدايات كان يميل إلى الألفاظ الفخمة، وفي القصص التمثيلية يميل إلى الألفاظ السهلة والدارجة، وأما بقية القصص فيميل إلى اللغة العربية الفصحى البسيطة الواضحة. وفاته توفي حسين سرحان في 28 أبريل 1993م بمكة المكرمة.
مشاركة :