مونديال قطر .. أكبر من مجرد إنجاز كروي

  • 12/1/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مونديال قطر .. أكبر من مجرد إنجاز كروي   د. أكرم عبدالرزاق المشهداني العالم كله اليوم منشغل بكاس العالم من قطر، واسم QATAR صار يتردد في المنازل والمقاهي والنوادي والاماكن العامة وعلى الالسن وفي الاحاديث الخاصة والعامة في جميع دول العالم.. تقول الانباء اليوم أن هناك اكثر من خمسة مليار شخص في انحاء العالم يردد اسم قطر كونها حاضنة الحدث الرياضي الكروي الابرز في العالم.. منذ حظيت قطر بفرصة استضافة نهائيات مونديال كاس العالم 2022 تعرَّضت لحملة شرسة وظالمة وقاسية من جهات عديدة، سواء بدافع او منطلق عنصري برفض السماح لدولة عربية اسلامية وخليجية تقوم بتنظيم نهائيات المونديال.. وتصاعدت الحملات منذ 2010 حيث في البداية تم الترويج لافتراء مفاده ان قطر فازت بالاستضافة من خلال دفع الرشى للفيفا، ولكن تحقيقات المحكمة الكروية في الفيفا التي استمرت لمدة عامين توصلت الى عدم صحة الاتهام، وان قطر لم تقدم اي رشوة في الاتحاد الدولي او خارجه. سوء معاملة ثم انتقل الاتهام الى سوء معاملة قطر للعمال المشتغلين في تشييد منشآت كاس العالم ووفاة عدد من العمال بسبب ظروف الجو الحار والرطوبة العالية.. ولكن منظمة العمل الدولية توصلت من خلال تحقيقاتها الى عدم صحة الادعاء. في البداية لم يكن مفهوماً سبب تلك الحملة التي شُنَّت ضد دولة قطر والمناوئة لاحتضانها لأكبر تظاهرة عالمية تعرفها الكرة الأرضية، إلى درجة أن هذه الحملة وصلت إلى بعض برلمانات الدول الأوربية والبرلمان الاوربي داعية إلى مقاطعتها بكل الوسائل وتبنت الموقف وزارات خارجية اوربية وبدوافع عنصرية غير خافية مثل بريطانيا والمانيا وبلجيكا وغيرها.. ومع اقتراب انطلاق البطولة من قطر، ومشاهدة العالم كله لاستعدادات قطر من حيث تشييد الملاعب وانجاز البنى التحتية وتوفير كل متطلبات اقامة العرس الكروي الدولي الاكبر، حتى ظهرت على السطح الأسباب الحقيقية وراء هذه الحملة الخبيثة، وأصحابها فهموا رسالة دولة قطر التي أعدتها لهذه التظاهرة فحاولوا استباق الامر من خلال افتراءاتهم. فقد ظهرت على السطح الأسباب الحقيقية وراء هذه الحملة الخبيثة، وأصحابها فهموا رسالة دولة قطر التي أعدتها لهذه التظاهرة وتحولت نغمة الاتهام والاعتراض الى موضوع موقف قطر من (المجتمع ميم) كما يصفون (المثلية الجنسية) وكذلك موضوع السماح للخمور في ملاعب كرة القدم خلال المونديال. ولكن دولة قطر استطاعت أن تغير هذه الفكرة التي كانت مهيمنة علي بعدما أعطت للعالم صورة لم تكن متوقعة عن كأس العالم، أبهرت بها الجميع على مستويات عديدة سواء على مستوى جودة وجمالية وروعة الملاعب الرياضية والمرافق والفنادق والمواصلات وتطوير المطار الدولي الاول في المنطقة، والتي تعكس الذوق الرفيع الذي وصل حد الخيال العالمي، فهذا أضحى معلوما بالضرورة من خلال الصور الحية التي تنقلها وسائل الإعلام الدولية بإعجاب وانبهار وجودة الخدمات علما أن ذلك عمل في منتهى الذكاء والحكمة من أجل استقطاب أكبر عدد من المتفرجين من كل الجنسيات، ساعدت فيه الإمكانيات المادية التي تتوفر عليها دولة قطر، والتي أحسنت استعمالها واستغلالها في فترة مهمة وحرجة يعرفها المنتظم الدولي وبـــبراعة كبيرة . بعد ثقافي ولعل ما اثار حفيظة الغربيين واخرين معهم هو البعد الثقافي والحضاري الذي هو العنوان الحقيقي لهذه البطولة العالمية .. هذا البعد الذي جسدته هذه التظاهرة في أدق وأبسط التفاصيل التي لن تخطر على بال أحد .. فمن أكبر الانتصارات التي حققتها دولة قطر في هذه التظاهرة هو عدم السماح لمجتمع المثليين من التظاهر والتباهي بشذوذهم في الشوارع العامة، في زمن أصبحت أسهم المثليين ترتفع في بورصة السياسة والمال والإعلام، وأصبح لهم نفوذ في البرلمانات والحكومات العالمية، وشاهدنا وزيرة الخارجية الالمانية والوزير البلجيكي يحملون شعار المثلية على اياديهم في الملاعب الكروية بشكل ممجوج، إلا أن كل ذلك لم يستطع خرق ارادة دولة قطر وقامت بمنع سخافاتهم وشذوذهم المقيت .. وهذا يجسد حقيقة نجاحا أوليا قد يتجاوز نجاح التنظيم نفسه، أمام حجم وقوة الضغوط والمؤامرات التي حيكت بالليل والنهار ضد دولة قطر .. إلا أن الأمر لم يقف عند حد منع هذه المظاهر الشاذة والمسيئة للإنسان والإنسانية، والمضادة للفطرة السوية والسليمة، بل قامت دولة قطر بمبادرات ثقافية شجاعة ومتقدمة من حيث الفكرة والوسائل الإبداعية التي رافقتها .. فقد جعلت قطر من هذه التظاهرة الكونية فرصة كبيرة لا يجب إضاعتها من أجل التعريف بحقيقة الإسلام، ومحو تلك الصورة المشوهة التي يسوقها الإعلام الغربي فقد زينت دولة قطر كل شوارعها بالعديد من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد عظمة الإسلام ودعوته إلى التسامح والسلام والمحبة .. وهي بذلك تعبر عن اعتزازها بالإسلام وافتخارها به والدعوة إلى فهمه واعتناقه .. كما جهزت كل الملاعب والمرافق بمساجد وأماكن للوضوء.. واستدعت أجمل وأشجى الأصوات لرفع الأذان وقد بدأت علامات الانبهار والإعجاب تظهر على الوفود التي شاهدت وعاينت كل ذلك الجمال، وسمعت الأصوات الشجية التي تصدح بالأذان.. وهذا وحده نجاح كبير في تنظيم هذه التظاهرة .. قد يبدو للبعض أن ما قامت به دولة قطر ما هو إلا زوبعة في فنجان .. وبهرجة لا طائل ولا فائدة منها، فلو كان الأمر كما يتوهم هؤلاء ما قامت الدنيا ولم تقعد عند أعداء الفضيلة والفطرة الإنسانية، الذين أوصلوا رفضهم واحتجاجاتهم إلى البرلمانات الأوربية، ودعوا في مناسبات دولية عديدة إلى مقاطعة كأس العالم وإفشال هذه التظاهرة بكل الوسائل الماكرة ..إن دولة قطر لم تصل إلى هذا المستوى المبهر من التخطيط والإنجاز بين عشية وضحاها، فمنذ عقود وهذه الدولة الصغيرة في المساحة والكبيرة في الوعي والإدراك تعمل على استقطاب كل الكفاءات والخبرات العالمية، لا سيما العربية منها، ففتحت أبوابها لكل العقول والأدمغة المتميزة، وفتحت جامعاتها ومختبراتها ومدارسها ومراكزها العلمية لهم جميعا، ومكنتهم من كل وسائل العمل والإبداع والإنتاج الفكري. فإلى جانب إنجازاتها الاقتصادية والتنموية الكبيرة، هاهي دولة قطر تحقق نجاحات أخرى على المستوى الثقافي والحضاري، ونجاحات على المستوى التنظيمي والاحتفالي، كسرت به ذلك الاحتكار الذي هيمنت عليه الدول الغربية لوحدها .. فإذا كانت دولة قطر قد منعت الرذيلة بكل أنواعها .. فقد أبدعت في الفضيلة بكل أشكالها .. وحوَّلت المونديال من مجرد مهرجان كروي الى تظاهرة حضارية وثقافية واخلاقية واعتقد انها نجحت في ذلك بتميز مبهر.

مشاركة :