إذا كانت اليابان لم تنسَ إلى اليوم، قنبلتي ناغازاكي وهيروشيما، وإذا كان الهنود الحمر أو ما تبقى منهم لم ينسوا إلى اليوم محو هويتهم الثقافية على يد الأمريكي الأبيض، وإذا كانت إسبانيا لم تنسَ إلى اليوم ويلات ديكتاتورية الجنرال فرانكو، فإن البرازيليين أيضاً لم ينسوا إلى اليوم هزيمتهم في كرة القدم على يد الأورجواي في مونديال عام 1950، وفي كتابه «.. كرة القدم.. الحياة على الطريقة البرازيلية» يفرد ألكس بيلوس حوالي 100 صفحة من الكتاب الذي يتألف من 439 صفحة من القطع الكبير (أي حوالي ربع الكتاب) حول هذه الهزيمة الكروية للبرازيل، وأثرها الاجتماعي والثقافي والنفسي في الجيل البرازيلي الشاب الذي شهد المباراة آنذاك، وقد أصبح بعض ما تبقى من ذلك الجيل في الثمانين الآن، ومع ذلك يتذكر هؤلاء الكهول البرازيليون تلك الهزيمة وتسقط دموعهم حارّة على ثيابهم حتى الآن. لم تدخل مباراة البرازيل والأورجواي في مونديال 1950 ذاكرة الشعبين الجارين فقط لتصبح حدثاً تاريخياً في أمريكا اللّاتينية كلّها وربما العالم كله، بل دخلت تلك المباراة الأدب البرازيلي، إذ تقوم رواية الكاتب البرازيلي باولو بيردغاو وهي بعنوان «يوم خسرت البرازيل الكأس» على المباراة نفسها، ويقول بيلوس إن هذه الرواية تحولت في ما بعد إلى فيلم روائي قصير جرى ترشيحه لأكثر من جائزة، وَيُعَدّ أحد الأفلام المهمّة في السينما البرازيلية. أما الكاتب «خوسيه ليس دو ريغو» فكتب يصف حال الجماهير بعد نهاية مباراة 1950.. «.. لقد رأيت الناس يغادرون الماراكانا «وهو الملعب الذي جرت فيه المباراة» مطأطئي الرؤوس، كأنهم عادوا لتوّهم من جنازة أحد أقربائهم، كانت الأمّة مهزومة بلا أمل، ولن أنسى ما حييت منظر الجماهير الخارجة من الملعب كأنها بقايا الرماد الذي خَلّفته النار التي كانت مشتعلة في بداية المباراة..». سَجّل هدف الفوز على البرازيل لاعب أورجواني اسمه: جيجيا، ويقول بيلوس إن هذا اللاعب يتذكر ذلك اليوم ويقول.. «.. لم يُخَيّم الصمت المطبق على ملعب الماراكانا في تاريخه إلاّ ثلاث مرّات، حين غَنّى فيه فرانك سيناترا، وعندما حضر إليه البابا يوحنا بولص الثاني، أما المرة الثالثة فعندما سَجَّلْتُ هدف الفوز للأورغواي في المباراة النهائية عام 1950». كاتب برازيلي آخر دخلت تلك الهزيمة في نصّه الأدبي، وهو «باولو بيردغيو» الذي وضع كتاباً بعنوان «شرح الهزيمة»، أما «ألْدير غارسيا شيلي» صاحب كتاب «حكايات كروية» فقد كان في الخامسة عشرة حين هزيمة 1950 الكروية، وهو صحفي ورسّام، والأهم من ذلك أنه هو من صَمّم ألوان قمصان المنتخب البرازيلي (الأصفر والأخضر).
مشاركة :