جمد قانون تأسيس محكمة دستورية في بنغازي المحادثات بين مجلس النواب ومجلس الدولة لتشكيل سلطة تنفيذية جديدة وإصدار قاعدة دستورية تُجرى عليها الانتخابات. طرابلس - يهدد إصدار البرلمان الليبي قانونا ينص على إنشاء محكمة دستورية في بنغازي، التحالف القائم بين رئيس البرلمان عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري الذي أعلن تعليق العملية السياسية إلى حين إلغاء القانون. ومن غير المعروف ما إذا كان القانون هو سبب إلغاء لقاء كان من المفترض أن يعقد الأحد بين عقيلة صالح والمشري في الزنتان. ودافع البرلمان الليبي عن قانون إنشاء المحكمة الدستورية وقال الأربعاء إن “القانون يُحقق العدالة ولا تأثير له على المسار الدستوري الذي عندما يصدر من خلاله الدستور ستلغى كافة القوانين المخالفة لنصوصه”. جاء ذلك في بيان لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح نشره المتحدث باسم المجلس عبدالله بلحيق عبر صفحته الرسمية على فيسبوك. مراقبون يصفون تحركات عقيلة صالح و المشري بالعبثية في ظل استمرار الدعم الدولي للدبيبة وخاصة الدعم التركي ونقل البيان عن صالح قوله إن إصدار القانون هو “تأكيد على حماية الحريات والحقوق وإضافة قضاء متخصص في الشأن الدستوري”. وقبل ذلك علّق المشري التواصل مع صالح وأعمال اللجان المشتركة بينهما، إلى حين إلغاء قانون إنشاء محكمة دستورية بمدينة بنغازي (شرق) بدلاً من الدائرة الدستورية في المحكمة العليا بالعاصمة طرابلس (غرب). وقد جاء ذلك خلال رسالة وجّهها المشري إلى صالح، نشرها المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة عبر صفحته الرسمية على فيسبوك. وقال المشري “لا نعتبر قانون إنشاء محكمة دستورية من ضمن الصلاحيات التشريعية، بل هو شأن دستوري”. ورأى أن “إجراء مجلس النواب يزعزع الثقة التي نحاول أن نبنيها بين مجلسيْ الدولة والنواب ويهدم جهود التوصّل إلى توافق حول المسار الدستوري ويعمق الانقسام المؤسسي في البلاد”. والثلاثاء أقر مجلس النواب في طبرق (شرق) بالغالبية مقترح القانون الذي قدّمه صالح لتشكيل محكمة دستورية في بنغازي تتكون من 13 عضوًا يعيّنهم المجلس في أول تشكيل لها. وفي رسالته دعا المشري رئيس ومستشاري المحكمة العليا ورئيس وأعضاء المجلس الأعلى للقضاء وأعضاء الهيئات القضائية إلى عدم الاعتداد أو العمل بقرار البرلمان. وحذّر الجهات القضائية من “خطورة إقدام أي جهة قضائية على تسمية أي من رجال القضاء لعضوية المحكمة المستحدثة”. ووصف خطوة مجلس النواب بأنها “التفاف على ما تم التوافق عليه لإخضاع المحكمة الدستورية لرغبات خاصة لا تخدم الوطن وتعطيل الدائرة الدستورية حتى لا تنظر في الطعون المقدمة أمامها”. والمجلس الأعلى للدولة شريك استشاري لمجلس النواب في الخطوات المصيرية لحل الأزمة في ليبيا، وفقًا للاتفاقات السياسية بينهما. وبعد أن كانت مغلقة منذ عام 2016 عادت الدائرة الدستورية الموجودة في طرابلس إلى العمل في 18 أغسطس الماضي، بقرار من الجمعية العمومية للمحكمة العليا، بعد مطالبة بتفعيلها لفصل نزاعات على قوانين وتعديلات دستورية قادت البلاد إلى أزمة سياسية حول شرعية مؤسسات البلاد وقراراتها. وعقب هذه العودة جاء قرار مجلس النواب الليبي. مجلس النواب في طبرق أقر بالغالبية مقترح القانون الذي قدّمه صالح لتشكيل محكمة دستورية في بنغازي تتكون من 13 عضوًا يعيّنهم المجلس في أول تشكيل لها وتعطل هذه الأزمة تحركات سياسية بين البرلمان ومجلس الدولة بدعم إقليمي، خاصة من مصر، لتشكيل سلطة تنفيذية جديدة تنهي سلطة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة. وتخدم هذه الأزمة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة ويطالب البرلمان ومجلس الدولة بإصدار قاعدة دستورية تُجرى وفقها الانتخابات، في حين يصف مراقبون تحركات عقيلة صالح وخالد المشري بالعبثية في ظل استمرار الدعم الدولي لحكومة الدبيبة وخاصة دعم أنقرة التي باتت مفاتيح الغرب الليبي بيدها. ومنذ نحو سنة طرأ تقارب غير مسبوق بين الإخوان المسلمين والسلطات شرق ليبيا (البرلمان والقيادة العامة للجيش)، انتهى بتعيين فتحي باشاغا رئيسا لحكومة موازية تعمل من سرت لكن لا يبدو أنها تتمتع بأي سلطة أو صلاحيات. وفي حين يبدو موقف مجلس الدولة من حكومة باشاغا غامضا، حيث لم يدعمها في بداية تشكيلها، إلا أن انخراطه مؤخرا في محادثات لإعادة تشكيل السلطة التنفيذية يعكس موقفا معارضا للدبيبة. ويقول مراقبون إن ما جمع عقيلة صالح وخالد المشري هو التخوّف من تحقيق الدبيبة مبادرته التي تنص على إجراء انتخابات تشريعية فقط وتأجيل الرئاسية، ما يعني انتهاء سلطتهما، خاصة في ظل استشعار تراجع شعبيتهما، وهو ما أكدته المبعوثة الأممية السابقة ستيفاني ويليامز التي أكدت أن البرلمان ومجلس الدولة هما أول معرقل للانتخابات.
مشاركة :