موضوع تجارة الأسلحة في الخليج قديماً كان قضية مهمة بالنسبة للإنكليز، وأخذ الكثير من وقتهم وجهدهم، ذلك أن السلاح، قديماً وحديثاً، يشكِّل خطورة على الأمن، ويحفز الأطراف المتنازعة على الانخراط في مواجهات دامية تعكِّر الاستقرار في المنطقة. وتوجد وثائق كثيرة في ملفات الأرشيف البريطاني توثّق المراسلات والمفاوضات بين الشيخ مبارك الصباح، الذي له ارتباط وثيق ومتين بالإنكليز، والدولة البريطانية، التي كانت حريصة على مراقبة انتقال الأسلحة في الخليج والسيطرة عليها. لقد كانت بريطانيا تعرف أن الشيخ مبارك الصباح يمكنه أن يلعب دوراً كبيراً في السيطرة على انتقال السلاح من منطقة إلى منطقة أخرى في الخليج، لذلك طلبت منه أن يتعهد بمساعدتها في منع نقل السلاح بالسفن إلا بموافقتها. وفي عام 1900م، وقَّع الشيخ مبارك على وثيقة يتعهد فيها بالتعاون مع الإنكليز في مسألة السيطرة على نقل السلاح الخاص بالكويت، أو الذي ينقل عبر الكويت إلى مناطق أخرى. هذه الوثيقة، ووثائق أخرى عديدة، سنعرضها في سلسلة من المقالات، بدءاً من اليوم، وكل جمعة لعدة حلقات قادمة، إن شاء الله. وفي هذه الوثائق سنكشف عن أسماء تجار السلاح في الكويت، وعن دور الشيخ مبارك في توجيه رعيته وتجار السلاح في الكويت، وعن مفاوضاته مع الدولة البريطانية بهذا الشأن. نبدأ اليوم بنشر نص التعهد الذي وقَّعه الشيخ مبارك بعد أن تفاوض مع الإنكليز على مراقبة انتقال السلاح ومحاولة السيطرة على انتشاره. إليكم نص التعهد: «من الشيخ مبارك بن صباح حاكم الكويت فليعلم الواقفون على كتابنا هذا أن مناور الدولة البهية القيصرية الإنكليز ومناور الدولة العلية الايران لهم إجازة ان يفتشوا السفن التي عليها بيرق الدولتين الفخيمتين المذكورتين وبيرقنا في البحر المتعلق على الكويت، وان يقبضوا بطريق بيت المال جميع التفقان وساير الأسلحة الحربية الموجودة فيها ان كانت الأسلحة الموجودة محمولة إلى بنادر الهند وممالك العجم، فجميع سفن أهالي الكويت حين مصادفتهم في البحر المتعلق بالهند أو بالايران بمناور الدولتين الفخيمتين الإنكليز والايران إذا يُظن فيها حمل الأسلحة إلى بنادر الهند وممالك الايران والكويت تكون معرضا للتفتيش المناور المذكورة وجميع الأسلحة التي توجد فيها ستقبض بطريق بيت المال تحريراً باليوم الرابع والعشرين من شهر محرم الحرام سنة 1318 مطابق ليوم الرابع والعشرين من شهر مي المسيحي سنة 1900». وفي وثيقة أخرى، وقّعها في اليوم نفسه، تعهّد الشيخ مبارك بمنع دخول الأسلحة او إخراجها من الكويت، هذا نصها: «أنا قد قبلت أن أمنع كلية دخول الأسلحة في الكويت والخروج منها ولأجل إجراء هذا المنع قد صدرت اعلانا واشتهارا إلى كافة المباشرين بهذا الأمر تحريرا باليوم الرابع والعشرين من شهر محرم الحرام سنة 1318 مطابق ليوم الرابع والعشرين من شهر مي سنة 1900».
مشاركة :