مريم ما زالت وعائلتها في مخيم للنازحين في مدينة أربيل، ونصير مازال وعائلته في إحدى المدن التركية، بعدما هربت عائلتاهما حالها حال الكثير من الأسر العراقية، خشية أن تتجرد من كرامتها، وصولاً إلى الموت إبان دخول تنظيم «داعش» الإرهابي عام 2014 إلى مدن تقع شمال وغرب البلاد. فمريم ذات العشرين عاماً ارتبطت بنصير واتفقا على تكوين عائلة وبناء بيت في الجانب الأيسر من مدينة الموصل، لكن أحلامهما ارتطمت بجدار الخوف والهرب من «داعش» الذي دخل مدينتهم بغفلة من الزمن، وفي توقيت لم يتوقعه أحد، فنصير قرر الهروب مع عائلته بعد مقتل أحد أفرادها إلى تركيا، ومريم استطاعت مع إخوتها ووالدتها الهرب إلى أربيل بعد أن اقتادوا اثنتين من شقيقاتها أسيرتين لدى التنظيم الإرهابي ولم يعرف مصيرهما حتى الآن. لم تتمكن مريم من معرفة مصير شقيقتيها، كما لم تتمكن من معرفة المكان الذي فر إليه نصير إلا قبل عامين من الآن، وتقول إن «التنظيم الإرهابي اختطف الحب كما اختطف أختيّ اللتين لم نعرف مصيرهما حتى الآن». حكاية مريم ونصير واحدة من مئات الحكايات التي مرت في زحام الحرب التي استوطنت مدناً عراقية استولت على أراضيها التنظيمات الإرهابية منذ عام 2014 حتى عام 2017، لتترك مدناً مهدمة وسكاناً بلا مساكن. وأحيا العراق، أمس، الذكرى الخامسة لـ «يوم النصر» على تنظيم «داعش» بعمليات مركزة ضد خلايا التنظيم الإرهابي. وفي العاشر من ديسمبر عام 2017، أعلن العراق انتصاره على تنظيم «داعش» بعد ثلاث سنوات من حرب خاضها ضد التنظيم قتل فيها عشرات الآلاف وشرد مئات الآلاف. وحيا رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، في تغريدة عبر حسابه على «تويتر»: «النصر على داعش»، وقال: «سيبقى العاشر من ديسمبر عنواناً عراقياً للشجاعة والتضحية بامتياز، المجد لكل من صنع هذا النصر، وبُورك الدم الطاهر الذي أعاد النبض للعراق والعراقيين، ذكرى النصر حافز لبناء العراق وخدمة شعبه». واستذكر العراقيون الذكرى الخامسة لتحرير مدنهم رغم أن الجراح لا تزال تنزف جراء فقد الأعزاء والدمار الكبير والنزوح لأكثر من ثلاثة ملايين عراقي عاد الكثيرون منهم لديار مهدمة وذكريات ممتلئة بالوجع والألم. وقال سعيد، وهو أحد أفراد العائلات الموصلية التي لم تغادر مكانها إبان الحرب، إن «المدينة بدت وكأنها دخلت حرباً ستطول وأن شوارعها باتت ميتة إلا من صوت الرصاص والتفجيرات»، مؤكداً أنه وبعض العائلات التي لم تتمكن من الهرب بدأت بتخزين المواد الغذائية تحسباً لأي طارئ، لكن التحسب لم يمكنهم من اجتياز الأيام الصعبة والجوع والخوف حتى انتهاء المعارك، حيث شعروا بأن العيد قد هل، وأن الحياة قد منحتهم فرصة جديدة.
مشاركة :