إن الدول الواقعة في دائرة الصراع ـ أشير هنا إلى "أفغانستان، بوركينا فاسو، بوروندي، جمهورية إفريقيا الوسطى، كوريا الشعبية الديمقراطية، إريتريا، إثيوبيا، غامبيا، غينيا، ليبيريا، مالي، موزامبيق، النيجر، رواندا، سيراليون، الصومال، جنوب السودان، السودان، سورية، توجو، واليمن" ـ على الغذاء هي الأكثر عرضة للمخاطر، نظرا إلى أنها تستورد الغذاء على أساس صاف، إلى جانب ما تعانيه من مشكلات في ميزان المدفوعات. ولذلك أقترح توفير تسهيل تمويلي لاستيراد الغذاء، وأن يضعه صندوق النقد الدولي في حيز التنفيذ. وتأتي أهمية هذه القضية من كونها تمس 1.7 مليار شخص. ونلاحظ في دول الصراع أنها أولا، لا تستورد احتياجاتها، وثانيا، يستورد بعضها أغذية ذات محتوى منخفض من السعرات الحرارية، وهو ما قد يؤدي إلى مشكلات كبيرة، وثالثا، لا تحصل هذه الدول على التمويل، نظرا إلى أنها مثقلة بالديون بالفعل. ونحن نؤمن بأن وجود تسهيل تمويلي لاستيراد الغذاء من شأنه أن يتيح دعما فوريا لهذه الدول باعتباره أداة مكملة لميزان المدفوعات، بما يجعلها قادرة على استيراد احتياجاتها والحد من خطر اندلاع الاضطرابات الاجتماعية التي قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع. ويمكن لهذه الدول أن تسدد لاحقا تكلفة فجوة الواردات التي تصل قيمتها إلى 24.6 مليار دولار. الدول قد تفعل ما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم هذه الأوضاع، نظرا إلى أن هذه السلع تتركز في الدول المصدرة الرئيسة، يمكن أن تنشأ أضرار بالغة عن القيود المفروضة على التصدير، علما بأنه تم تقييد الصادرات فيما يزيد على 20 بلدا في نهاية تموز (يوليو)، ما أدى إلى فرض قيود تجارية على 17 في المائة من السعرات الحرارية. وقد طال تطبيق القيود المفروضة على التصدير حاليا مقارنة بالفترة 2007 ـ 2008 عندما بلغت نسبة السعرات الحرارية الخاضعة للقيود التجارية 16 في المائة. وإذا ما واجهنا نقصا في الأرز، ستبدأ دول عديدة فرض قيود على التصدير. وهذا لن يزيد الأمر إلا سوءا. وفي ظل الاعتماد الشديد على الزراعة البعلية في المناطق التي تواجه أزمات غذائية، يتطلب الأمر مساعدة المنتجين في العثور على وسائل بديلة لزيادة الإنتاج الزراعي. ونجد أن لتغير المناخ تأثيرين محتملين، أولهما هو الأحوال المتطرفة كالجفاف والفيضانات، والآخر هو التقلبات. ويمكننا مساعدة المزارعين بتعزيز قدرتهم على الصمود، بما في ذلك من خلال التأمين عليهم. وتقدم الدول المتقدمة دعما كبيرا لشركات التأمين على المزارعين، بينما لا تتوافر للدول الفقيرة الموارد اللازمة لتوفير دعم مماثل أو معلومات كافية لشركات التأمين لحساب خسائرها بدقة. ونحن بحاجة إلى آليات مبتكرة لمساعدة شركات التأمين على خفض تكاليفها. فعلى سبيل المثال، بدأت المكسيك تنفيذ برنامج تأمين قائم على مؤشرات الطقس، وأتاحت له دعما كبيرا. أما الآن فقد أصبحت هناك منافسة بين الشركات، وتم خفض الدعم إلى الحد الأدنى. وسيمكننا بالعلم أيضا من خلال التعرف على البذور الأكثر مقاومة لأحوال الطقس على سبيل المثال ـ مساعدة المزارعين على تحديد نوعية المحاصيل التي يمكنهم زراعتها لتفادي الخسائر. لا يمكنني القول إننا نمر بأزمة غذاء في الوقت الحالي. لكنني أعتقد أننا نواجه مشكلة خطيرة للغاية في الحصول عليه. وإذا ما ساءت الأمور، وأصبحنا نواجه مشكلة في توافر الغذاء أو الحصول عليه، سيكون الوضع سيئا للغاية. وأنصح بمواصلة دعم الاستجابة الإنسانية، على أن تقترن هذه الجهود بتوفير المدخلات والنقود للمحافظة على نظم الإنتاج الحيوية ودعم سلاسل الإمداد في الدول التي تواجه طوارئ حادة، ومنها أوكرانيا. وعلى مستوى المنظومة بأسرها، تتمثل أولى الخطوات العاجلة في مساعدة الدول على سد الفجوة في فاتورة الواردات الغذائية. ويتعين علينا لاحقا تسريع وتيرة الجهود لزيادة الكفاءة. ونحن بحاجة أيضا إلى الحفاظ على الانفتاح التجاري، ولا سيما أن القيود المفروضة حاليا على التصدير تنشأ عنها مخاطر شديدة. وعلينا أيضا زيادة الشفافية بشأن المعلومات، وهنا يأتي دور "نظم معلومات الأسواق الزراعية". وفيما بعد، سيكون علينا زيادة كفاءة استخدام الأسمدة. ومن الضروري أيضا تحديد البؤر الجديدة على خريطة انعدام الأمن الغذائي بحيث يمكن إعادة توجيه برامج الحماية الاجتماعية لتصبح أكثر فاعلية وكفاءة.
مشاركة :