الأسمدة وتجنب نشوب أزمة غذاء عالمية «2 من 2»

  • 7/29/2022
  • 23:28
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قد تكون التسهيلات الائتمانية والضمانات قصيرة الأجل، التي يتم تجهيزها بفضل الدعم المقدم من الجهات الفاعلة الدولية في مجال التنمية، ضرورية في بعض الحالات. فمن العامل الثاني الذي يدخل في منظومة تحسين إنتاج الأغذية يجب استخدام الأسمدة بمزيد من الكفاءة، وهو ما يمكن تنفيذه من خلال تزويد المزارعين بحوافز مناسبة لتشجيعهم على عدم الاستخدام المفرط للأسمدة. وتراوح الكفاءة في استخدام النيتروجين، على سبيل المثال، بين 30 و50 في المائة بوجه عام. وفي الوقت نفسه، توصي هيئة خبراء النيتروجين في الاتحاد الأوروبي بمعدل كفاءة استخدام النيتروجين يصل إلى نحو 90 في المائة. وتشجع إعانات الدعم ـ التي تشجع الاستخدام المفرط للأسمدة ـ الهدر أيضا، والأسوأ من ذلك أن لهذا الأمر تداعيات بيئية مدمرة وعواقب خطيرة على صعيد تغير المناخ. يمكن لزيادة الكفاءة في استخدام الأسمدة أن تساعد على ضمان وصول الإمدادات المتاحة إلى دول أكثر، ولا سيما الأكثر احتياجا منها. وتستهلك الدول الغنية 100 كيلوجرام من الأسمدة لكل هكتار، أي نحو ضعف ما تستهلكه الدول النامية للمساحة نفسها، ويعد استهلاك دول إفريقيا جنوب الصحراء أقل معدل، حيث يبلغ استهلاكها نحو 15 كيلوجراما لكل هكتار. هناك فرص لإعادة صياغة السياسات العامة وتوجيه النفقات العامة القليلة توجيها أفضل نحو وضع حوافز لاستخدام الأسمدة بدرجة أكبر من الإنتاجية والاستدامة. ومن أمثلة هذا النوع من التحول الممكن الإصلاحات التي نفذها قطاع الممارسات الزراعية المعتادة لـ1992 التابع للاتحاد الأوروبي. فقبل تنفيذ هذه الإصلاحات، أسهم الدعم المقدم إلى القطاع الزراعي في الاتحاد الأوروبي ـ مثل الحد الأدنى من الأسعار، وتعريفات الاستيراد، والمشتريات الحكومية ـ في إبقاء مستويات أسعار المزارع في الاتحاد الأوروبي فوق المعدلات العالمية، وهو ما شجع الاستخدام المفرط للأسمدة. أما بعد تنفيذ الإصلاحات، فقد تحول الدعم المقدم إلى قطاع الممارسات الزراعية المعتادة في الاتحاد الأوروبي إلى مدفوعات مباشرة، وأصبحت أسعار المزارع أقرب إلى الأسعار العالمية. وأدت هذه التغييرات إلى زيادة الحوافز التي تشجع استخدام الأسمدة بكفاءة أكبر. ثالثا، يجب علينا أن نستثمر في الابتكار لتطوير أفضل الممارسات وأحدث التكنولوجيات التي من شأنها أن تساعد على زيادة الإنتاجية لكل كيلوجرام من الأسمدة المستخدمة. ويتضمن ذلك الاستثمار في المعرفة لضمان استخدام الأسمدة الأنسب بالكميات الصحيحة المطلوبة لمحاصيل معينة. كما يجب علينا الاستثمار في صحة التربة لتعظيم فاعلية الأسمدة وفائدتها. وتعد الزراعة الدقيقة أحد أمثلة هذه التكنولوجيات المحسنة المتاحة بالفعل. ويعد الري المسمد مثالا آخر، وهو يجمع التسميد مع الري، حيث تستخدم الأسمدة بكميات مقاسة تحددها المستشعرات. لكن يمكن، بل يتعين، تنفيذ مزيد من خلال الاستثمار في توسيع حدود المعرفة للتأكد من الحد من الهدر، والحرص على ألا يستخدم سوى الكمية الصحيحة المطلوبة لكل نبات في مرحلة معينة من النمو. ومن الخيارات الأخرى المطروحة، تكملة الأسمدة التقليدية بأسمدة بيولوجية فاعلة وممارسات قابلة للتطبيق. ولن يساعد ذلك على التصدي لتحديات الإمدادات الحالية فحسب، بل إنه سيقلل أيضا من أثر الأسمدة في المناخ، وفي التربة والموارد المائية. إن قدرتنا على المحافظة على تجارة الأسمدة وحركتها على مستوى العالم ستكون أحد العوامل المحددة لمدة أزمة الغذاء الحالية وشدتها. وفي الوقت الذي بدأ فيه المزارعون تغيير إنتاجيتهم بسبب التحديات التي تشهدها الأسمدة، يجب على واضعي السياسات اتخاذ الخيارات الصحيحة على وجه السرعة حتى يتسنى للعالم إنهاء أزمة الغذاء الحالية.

مشاركة :