أعلنت وزارة الداخلية العراقية، أمس، أن الأجهزة المعنية تجمع الأدلة بشأن أميركيين اختطفوا في بغداد، لكن لم ترشح حتى الآن أية معلومات يمكن أن تقود إلى الكشف عن مصيرهم وإطلاق سراحهم». وكانت السفارة الأميركية في بغداد تحدثت، أمس، عن «اختفاء ثلاثة مدنيين أميركيين»، ولم تؤكد بعد فرضية الاختطاف. وقال إبراهيم العبادي، المدير العام للعلاقات والإعلام في وزارة الداخلية العراقية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «العملية على ما يبدو اختطاف من قبل جماعة مسلحة، لكن لم يرشح شيء رسمي يمكن أن يؤدي إلى معرفة مصيرهم»، مبينا أن «الأجهزة الأمنية تبحث عن خيوط ومعلومات لكي تكون منطلقا لعملية بحث عنهم، فضلا عن الدوافع التي تقف خلفية عملية الاختطاف». وبشأن التضارب في الأنباء حول عدد المختطفين وفيما إذا كان منهم من أصل عراقي، قال العبادي إن «العدد المؤكد على ما يبدو هم ثلاثة وليس أربعة وإن أحدهم من أصل عراقي». وكان مصدر أمني عراقي أعلن أن مجموعة مسلحة ترتدي الزي العسكري اختطفت ثلاثة أميركيين أثناء تحركهم على طريق سريع جنوب العاصمة بغداد. وقال المصدر الأمني في تصريح إن «مجموعة مسلحة ترتدي الزي العسكري وتستقل سيارات دفع رباعي اختطفت ثلاثة مواطنين أميركيين ومترجمًا أثناء مرور سيارتهم على طريق الدورة السريع جنوب بغداد، بعد أن أوقفت سيارتهم واقتادتهم إلى منطقة مجهولة»، مبينًا أن «المختطفين كانوا قادمين من مطار بغداد الدولي ومتوجهين إلى المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد». وأضاف المصدر أن «القوات الأمنية انتشرت على طريق الدورة السريع خصوصًا في المقطع المؤدي إلى منطقتي الصحة وأبو دشير جنوب العاصمة، وبدأت عملية تفتيش بحثًا عن المخطوفين». وبينما انطلقت عملية أمنية للبحث عن الأميركيين المختطفين في حي الصحة التابع لمنطقة الدورة جنوب غربي العاصمة بغداد؛ حيث كانت المجموعة المسلحة قد اقتادتهم إلى تلك المنطقة، فإن التضارب في المعلومات والأنباء لا يزال سيد الموقف حتى بين الأميركيين أنفسهم. ففي الوقت الذي أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أن ثلاثة مواطنين أميركيين فقدوا في جنوب العاصمة بغداد، مؤكدة «وجود تنسيق مع الحكومة العراقية للبحث عنهم وإيجادهم»، فإن سفارة الولايات المتحدة الأميركية في بغداد أعلنت أن المفقودين الأميركيين مدنيون، وعددهم غير معروف. وقال الناطق الرسمي باسم السفارة الأميركية، سكوت بوز، في تصريح أن «السفارة لم تؤكد أن عملية اختطاف جرت بل مفقودين داخل العراق». وأشار إلى «وجود تنسيق عال مع الحكومة العراقية للحصول على معلومات أكثر عن فقدان المواطنين الأميركيين؛ لأن أمنهم حمايتهم من مسؤولية البلدين». على صعيد متصل، أكد مصدر مسؤول في تصريح لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الكشف عن اسمه، أن «عملية الاختطاف وقعت بالقرب من إحدى نقاط التفتيش ومن قبل إحدى الجماعات المسلحة لكن حتى الآن لم تعرف هوية الجماعة التي تورطت في عملية الاختطاف»، مبينا أن «السيارات الرباعية الدفع والزي العسكري والقوة التي مع الخاطفين حالت دون أن تتمكن السيطرة من ملاحقتهم أو اعتراضهم، لا سيما أن المختطفين كانوا يرتدون الزي المدني ويستقلون سيارة عادية». وأوضح أن «عملية الاختطاف حصلت يوم الجمعة الماضي، ولكن لم يتم الإعلان عنها إلا مساء أول من أمس لأسباب لا تزال غير معروفة من قبل الأميركيين». وفيما أوضح أن «المعلومات الأولية تشير إلى أن أحد الأميركيين من أصل مصري»، كاشفا: «إنهم يعملون لدى شركة عراقية وإن الشركة تقدمت ببلاغ عن اختطافهم في أحد مراكز الشرطة في حي الدورة بالقرب من مكان الاختطاف». ومما زاد الوضع غموضا إعلان العميد سعد معن، المتحدث باسم وزارة الداخلية، في بيان مقتضب أن الأميركيين اختطفوا «خلال وجودهم في الدورة (حي الصحة)، داخل شقة مشبوهة». وأضاف أن «القوات الأمنية باشرت البحث عنهم واتخاذ الإجراءات اللازمة». بدوره، أكد ضابط برتبة عقيد أن المترجم الذي يعمل معهم دعاهم إلى شقة في الدورة، لتمضية «سهرة حمراء»، لكن «ميليشيات مجهولة قامت باقتحام المكان وخطفتهم». بدوره، استنكر رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، تزايد حالات خطف الأجانب في هذا البلد الأمر الذي من شأنه أن «يسيء إلى علاقات العراق» مع الدول الأخرى. وشدد رئيس البرلمان على أن «اختطاف المواطنين الأميركيين ومن قبلهم القطريين الذين لا يزال مصيرهم مجهولا، يشير دون شك إلى تنامي عمل العصابات المنظمة، ويسيء إلى علاقات العراق مع الدول الشقيقة والحليفة والصديقة». وكان عدد من القطريين والأتراك تعرضوا للخطف مؤخرا، إلا أنه لم يتعرض أميركيون للخطف في السنوات الأخيرة، وكان العراقيون هم الأكثر عرضة للخطف من أشخاص إما انتقاما أو لطلب فديات. وخطف تنظيم داعش، الذي سيطر على مناطق شاسعة من العراق في 2014، الآلاف وأعدم الكثيرين، كما قامت فصائل شيعية مسلحة بالكثير من عمليات الخطف والقتل. وكانت السلطات العراقية لجأت إلى الفصائل شبه العسكرية الشيعية المدعومة من إيران للمساعدة في مواجهة تنظيم داعش. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية إلا أن هذه الفصائل المعروفة باسم «الحشد الشعبي» متهمة كذلك بارتكاب انتهاكات بينها عمليات إعدام تعسفية وخطف وتدمير للممتلكات. وشهدت العاصمة العراقية كذلك انتشارا لعصابات إجرامية مدججة بالسلاح تنفذ عمليات قتل وخطف وابتزاز. وأقامت الشرطة العراقية نقاط تفتيش إضافية في الدورة، أمس، وحلقت طائرات هليكوبتر للبحث. وقال سكان إن طائرتين هليكوبتر للجيش العراقي شوهدتا تحلقان فوق المنطقة بينما قامت سيارات الشرطة بدوريات في الشوارع.
مشاركة :