يسقط طواف الوداع عن أهل مكة ثبت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (كانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ في كُلِّ وَجْهٍ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حتَّى يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِ بالبَيْتِ). إلّا أنّ جمهور الفقهاء اتّفقوا على أنّ طواف الوداع لا يجب على مَن حجّ أو اعتمر من أهل مكة، أو مَن كان بيته دون مواقيت الحجّ والعمرة كأهل جدّة ومن كان نحوهم. تسميته طواف الوداع والحكمة من سقوطه عن أهل مكة سُمّي طواف الوداع بهذا الاسم لأنّ الحجاج أو المعتمرين يودّعون مكة والبيت الحرام والشعائر وأماكنها بهذا الطواف الذي يكون سبعة أشواط، كما أنّ هذا الطواف يُسمّى باسم آخر وهو طواف الصدر؛ وذلك لأنّه لا يكون إلّا أذا أراد الحاجّ أو المعتمر الصدور من مكة والرجوع إلى وطنه أمّا كون هذا الطواف يسقط عن أهل مكة فذلك لانتفاء معنى الوداع في حقّهم، فمكة هي وطنهم وبلدهم. حكم طواف الوداع على غير أهل مكة اتّفق جمهور العلماء على أنّ طواف الوداع في حقّ الحاجّ من غير أهل مكة واجبٌ من واجبات الحجّ، وذلك لحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المُشار إليه مسبقا: (لا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حتَّى يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِ بالبَيْتِ)، لذا فمَن ترك طواف الوداع من الحجاج وجب عليه الدّم -أي الفدية-، وقد خالفهم في ذلك المالكية، فقالوا إنّ طواف الوداع في حق كل مَن أراد الخروج من مكة مندوب. فئات أخرى يسقط عنها طواف الوداع اتّفق جمهور العلماء على أنّ طواف الوداع يسقط عن الحائض والنفساء ولا يجب عليهما بتركه دم، وتجدر الإشارة إلى أمرين: أوّلهما: إنّ المرأة المستحاضة في حكم الحائض لذا يسقط طواف الوداع عنها أيضا. ثانيها: إنّ طواف الإفاضة يُجزئ المرأة الحائض عن طواف الوداع؛ لما ثبت عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (فَلَمَّا كانَ لَيْلَةَ الحَصْبَةِ -لَيْلَةُ النَّفْرِ-)، إلى قولها: (وحَاضَتْ صَفِيَّةُ بنْتُ حُيَيٍّ، فَقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: عَقْرَى حَلْقَى، إنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، أمَا كُنْتِ طُفْتِ يَومَ النَّحْرِ؟ قالَتْ: بَلَى، قالَ: فلا بَأْسَ، انْفِرِي).
مشاركة :