تلفزيون الواقع: وجه آخر لثقافتنا

  • 12/18/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تلفزيون الواقع: وجه آخر لثقافتنا برامج الواقع برامج مستنسخة عن تلفزيونات أجنبية واقعها الاجتماعي غير واقعنا، كان يفترض تعريبها وتونستها ليس بسرقة الفكرة، ولكن من خلال نقلها إلى واقع محلي لديه خصوصيات وضوابط. تراجع الحماس لتلفزيون الواقع تراجع الحماس لتلفزيون الواقع مع انتقال جمهور التلفزيون إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بات بإمكانه أن يقرأ ويسمع ويشاهد القصص الحية دون الحاجة إلى انتظار الموعد المسائي أو موعد الإعادة لهذا البرنامج أو ذلك. ومع ذلك ما تزال بعض البرامج تعرض قصصا من حياة الناس وتستدعيهم إلى التلفزيون ليرووا مآسيهم. الملاحظة الأبرز أن الذين يتم استدعاؤهم لعرض مشاكلهم يتخلون عن كل شيء من أجل الإقناع بأنهم على حق، وأن الشريك الذي يشتكون من ظلمه وتجافيه فيه كل عيوب الدنيا. يمكن أن يظهر ولد أو بنت لمواجهة الأب أو الأم أو الاثنين معا، ويبدأ كل منهما في توجيه الاتهام لضيفه والدا أو أما، من مثل أنه لا يعطيه المصروف الكافي، أو أنه يضيّق عليه حركته، ويسأله في الخروج والدخول عن تفاصيله اليومية، في أسئلة يراها مملة أو أنها تتعدى على حقوقه. يبلغ الأمر أن يتهم الضيف والديه، أحدهما أو كلاهما، بالكذب، وسوء النية، أو اختلاق قصص. والمفارق أن المنشط يطلب منهما في آخر الحلقة أن يتصالحا، وأن يعودا معا إلى البيت وكأن شيئا لم يكن. وأيّ مصالحة هذه التي أطاحت بجدار الاحترام والستر، ونزعت الحياء. وأكثر الحلقات التي تثير الجدل ويتابعها الناس هي التي يعمد فيها الشاكي، طليقا أو طليقة، زوجا أو زوجة إلى عرض أسرار الود والقصص القديمة أيام الحب، يتاجر بها ليقوّي موقفه، فليس مهمّا الضرر الذي يلحق بالطرف الآخر، المهم النجاة الفردية في مواجهة تلفزيونية يشاهدها الآلاف سواء في التلفزيون أو على مواقع التواصل. ينسى المتخاصمان أن لديهما جيران وأقارب، وأنهم سيلاقون الناس بعد نهاية عرض الحصة، وأنها ستقصم ظهور أبنائهم وآبائهم وإخوتهم. لكن المثير للاستغراب أن يعمد كل شاك باك إلى محاولة استدرار عطف الناس والدولة، ويزيد منشط البرنامج الوضع سوءا حين يتحول إلى متسوّل على الهواء يطلب الدواء والغذاء والعمل لمن يستضيفهم، وتكتمل الفضيحة بأن تزيد التسول إلى هتك أسرار الضيوف. برامج الواقع برامج مستنسخة عن تلفزيونات أجنبية واقعها الاجتماعي غير واقعنا، كان يفترض تعريبها وتونستها ليس بسرقة الفكرة أو طريقة التنشيط، ولكن من خلال نقلها إلى واقع محلي لديه خصوصيات وضوابط دون أن يمنع ذلك التشويق وجلب أنظار الجمهور وشد المعلنين. والنتيجة، أن هذه البرامج تكشف عن أن مجتمعاتنا تحصل داخلها تغييرات كبيرة تمس ثوابتها، من دون ثقافة قادرة على رعاية هذا الانتقال المتسارع. مختار الدبابي كاتب وصحافي تونسي

مشاركة :