آلية عرض برنامج عمل الحكومة على النواب والآثار القانونية المترتبة عليه

  • 12/24/2022
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬من‭ ‬تشكيل‭ ‬اللجان‭ ‬النوعية‭ ‬للمجلس‭ ‬تنطلق‭ ‬أولى‭ ‬مراحل‭ ‬العمل‭ ‬النيابي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عرض‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬الحكومة‭ ‬للسنوات‭ ‬الأربع‭ ‬المقبلة‭ ‬على‭ ‬المجلس،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تعتبر‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المراحل‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬التشريعي‭ ‬وذلك‭ ‬لسببين؛‭ ‬أولها‭ ‬أن‭ ‬البرنامج‭ ‬يرسم‭ ‬ملامح‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬الحكومة‭ ‬للفترة‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬وثانيها‭ ‬أنه‭ ‬يرسم‭ ‬ملامح‭ ‬عمل‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬من‭ ‬الناحيتين‭ ‬التشريعية‭ ‬والرقابية‭ ‬تجاه‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭.‬ وبناء‭ ‬عليه‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬الحكومة‭ ‬يمثل‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬الذي‭ ‬تنهض‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬صلاحيات‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬في‭ ‬تحريك‭ ‬أدواته‭ ‬الرقابية‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها‭ ‬على‭ ‬أعمال‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية،‭ ‬وهو‭ ‬البرنامج‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬ماهية‭ ‬خطط‭ ‬الحكومة‭ ‬وسياساتها‭ ‬ومشاريعها‭ ‬وأساليب‭ ‬عملها‭ ‬للسنوات‭ ‬الأربع‭ ‬المقبلة،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عرض‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬هو‭ ‬إحدى‭ ‬ثمار‭ ‬التعديلات‭ ‬الدستورية‭ ‬التي‭ ‬أجريت‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬فعززت‭ ‬من‭ ‬صلاحيات‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي،‭ ‬ووسعت‭ ‬اختصاصاته‭ ‬الرقابية‭.‬ فبموجب‭ ‬هذا‭ ‬التعديل‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬مناقشة‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬الحكومة‭ ‬وإبداء‭ ‬رأيه‭ ‬فيه‭ ‬بالقبول‭ ‬أو‭ ‬الرفض،‭ ‬كما‭ ‬يملك‭ ‬حق‭ ‬اقتراح‭ ‬ادخال‭ ‬تعديلات‭ ‬على‭ ‬البرنامج‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تراءى‭ ‬له‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬التشاور‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬قبل‭ ‬التصويت‭ ‬عليه‭.‬ فمن‭ ‬جهة،‭ ‬تتولى‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬اعداد‭ ‬برنامج‭ ‬عملها‭ ‬وعرضه‭ ‬على‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬بينما‭ ‬الأخير‭ ‬يتولى‭ ‬مهمة‭ ‬المناقشة‭ ‬والإقرار‭ ‬وفقًا‭ ‬للصلاحيات‭ ‬الممنوحة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الدستور،‭ ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬المادة‭ (‬46‭) ‬منه،‭ ‬أما‭ ‬عن‭ ‬المسار‭ ‬الإجرائي‭ ‬بشأن‭ ‬عرض‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬والآثار‭ ‬القانونية‭ ‬المترتبة‭ ‬عليه‭ ‬فقد‭ ‬بينت‭ ‬الفقرة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬المادة‭ (‬46‭) ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬وذلك‭ ‬بالتفصيل‭ ‬الآتي‭.‬ حيث‭ ‬يقدم‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬خلال‭ ‬ثلاثين‭ ‬يومًا‭ ‬من‭ ‬أدائه‭ ‬اليمين‭ ‬القانونية‭ ‬أمام‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬برنامج‭ ‬وزارته‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬الذي‭ ‬بدوره‭ ‬يصدر‭ ‬قراره‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬بأغلبية‭ ‬أعضائه‭ ‬خلال‭ ‬ثلاثين‭ ‬يومًا‭ ‬إما‭ ‬بالموافقة‭ ‬على‭ ‬البرنامج‭ ‬وإما‭ ‬رفضه،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬رفض‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬البرنامج‭ ‬فتقوم‭ ‬الحكومة‭ ‬بإعادة‭ ‬تقديمه‭ ‬إلى‭ ‬المجلس‭ ‬بعد‭ ‬إجراء‭ ‬ما‭ ‬تراه‭ ‬من‭ ‬تعديلات،‭ ‬وذلك‭ ‬كله‭ ‬في‭ ‬مدة‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭ ‬يومًا‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الرفض‭.‬ فإذا‭ ‬أصر‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬على‭ ‬رفض‭ ‬البرنامج‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية‭ -‬بأغلبية‭ ‬ثلثي‭ ‬أعضائه‭- ‬خلال‭ ‬مدة‭ ‬واحد‭ ‬وعشرين‭ ‬يومًا‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬تقديمه‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الثانية‭ ‬قَبِل‭ ‬الملك‭ ‬استقالة‭ ‬الوزارة‭ ‬وتشكل‭ ‬وزارة‭ ‬جديدة،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬يقر‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬برنامج‭ ‬الوزارة‭ ‬الجديدة‭ ‬بذات‭ ‬الإجراءات‭ ‬والمدد‭ ‬السابقة‭ ‬كان‭ ‬للملك‭ ‬خيار‭ ‬حل‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬بأمر‭ ‬ملكي‭ ‬أو‭ ‬قبول‭ ‬استقالة‭ ‬الوزارة‭ ‬وتشكيل‭ ‬وزارة‭ ‬جديدة‭.‬ أما‭ ‬بخصوص‭ ‬المدد‭ ‬المذكورة‭ ‬في‭ ‬المادة‭ (‬46‭) ‬من‭ ‬الدستور،‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬مدة‭ ‬تنظيمية‭ ‬أو‭ ‬مدة‭ ‬سقوط،‭ ‬فقد‭ ‬بينت‭ ‬الفقرة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬المادة‭ ‬أن‭ ‬مضي‭ ‬المدد‭ ‬المذكورة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتخذ‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬قرارًا‭ ‬صريحًا‭ ‬بالموافقة‭ ‬عليه‭ ‬أو‭ ‬رفضه‭ ‬يعد‭ ‬قبولاً‭ ‬ضمنيًا‭ ‬للبرنامج،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تعتبر‭ ‬مدة‭ ‬سقوط‭ ‬وليست‭ ‬مدة‭ ‬تنظيمية،‭ ‬وبناء‭ ‬عليه‭ ‬يسقط‭ ‬حق‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬في‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬البرنامج‭ ‬بعد‭ ‬مضي‭ ‬المدد‭ ‬المذكورة‭. ‬ وباستقراء‭ ‬الأحكام‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬المادة‭ (‬46‭) ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬المشرع‭ ‬الدستوري‭ ‬البحريني‭ -‬ونحن‭ ‬نشاطره‭ ‬الرأي–‭ ‬قد‭ ‬انتهج‭ ‬نهجًا‭ ‬سليمًا‭ ‬حين‭ ‬فرَّق‭ ‬بين‭ ‬المدد‭ ‬والأغلبية‭ ‬المطلوبة‭ ‬لرفض‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الثانية‭ ‬عن‭ ‬المرة‭ ‬الأولى،‭ ‬حيث‭ ‬قلل‭ ‬المدة‭ ‬إلى‭ (‬21‭) ‬يوما‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الثانية‭ ‬بعدما‭ ‬كانت‭ ‬المدة‭ ‬المحددة‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ (‬30‭) ‬يومًا‭.‬ كما‭ ‬تشدد‭ ‬في‭ ‬الأغلبية‭ ‬المطلوبة‭ ‬لرفض‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬الحكومة‭ ‬أيضًا،‭ ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬اشترط‭ ‬رفض‭ ‬أغلبية‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬للبرنامج‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الأولى،‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬اشترط‭ ‬رفض‭ ‬أغلبية‭ ‬ثلثي‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الثانية‭.‬ ومن‭ ‬زاوية‭ ‬أخرى،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬بيان‭ ‬أن‭ ‬نص‭ ‬المادة‭ (‬42‭) ‬الفقرة‭ (‬ج‭) ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬التي‭ ‬تطلبت‭ ‬أخذ‭ ‬رأي‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬رئيسي‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭ ‬ورئيس‭ ‬المحكمة‭ ‬الدستورية‭ ‬قبل‭ ‬حل‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اعمالها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تطلب‭ ‬الأمر‭ ‬حل‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬وفقاً‭ ‬للإجراءات‭ ‬التي‭ ‬أشرنا‭ ‬إليها‭ ‬أعلاه‭ ‬بشأن‭ ‬المادة‭ (‬46‭) ‬من‭ ‬الدستور،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬تطبيق‭ ‬نص‭ ‬المادة‭ (‬42‭) ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬ينسحب‭ ‬إلى‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬يحصل‭ ‬فيها‭ ‬خلاف‭ ‬بين‭ ‬حكومة‭ ‬حازت‭ ‬ثقة‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬ثم‭ ‬اختلفت‭ ‬معه‭ ‬لاحقًا،‭ ‬وبناء‭ ‬عليه‭ ‬فإن‭ ‬تطبيق‭ ‬إجراءات‭ ‬حل‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬وفقاً‭ ‬للمادة‭ (‬46‭) ‬يخضع‭ ‬لتقدير‭ ‬شخصي‭ ‬من‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭.‬ دكتوراه‭ ‬فـي‭ ‬القانون‭ ‬العام

مشاركة :