شُرعت العمرةُ كعِبادةٍ روحيّةٍ ينتقل بها المسلم من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة، فيَتّصلُ بخالِقه مُباشرةً، وهي تؤدّى في أيّ وقتٍ من أوقات السنة، فإذا نوى المسلم العمرة وانتقل إليها لزمه القيام بأعمالٍ وأمور مخصوصة. وتختلف هذه الأعمال في أهميّتها ولزومها للمسلم. وللعُمرة مجموعةٌ من الأركان والواجبات والشروط والسُنن التي ينبغي الإتيانُ بها؛ وفيما يأتي بيانها. معنى العمرة يمكن تعريف العمرة بما يأتي: العَمرة في اللغة جمعها عَمَرات وعَمْرات، وتعني العَمرة كلُّ شيءٍ يوضع على الرأس؛ كالعِمامة والقلنسوة وما شابههما. وتعني العَمْرةُ كذلك: جميع ما يفصل بين حَبَّات العِقد، والعُمرة بضم العين؛ تُجمع على عُمُرات وعُمْرات وعُمَر، وهي نُسُكٌ يؤدّى كالحج إلا أنه لا يوجد فيه وقوفٌ بعرفة، وليس له وقتٌ مَخصوصٌ كالحج، والعُمْرةُ كذلك تعني: أَن يدخُل الرجلُ على امرأَتَه في بيتِ أَهلِها، وهي تعني كذلك القَصْدُ إِلَى مَكَانٍ عَامِر. العمرة اصطلاحًا هي "زيارة بيت الله الحرام على وَجْهٍ مخصوص، وهو النُّسك المَعروف المتركِّب من الإحرام والتلبية، والطَّواف بالبيت، والسَّعي بين الصفا والمروة، والحلْق أو التقصير". أركان العمرة تعددت أقوال الفُقهاء في أركان العمرة إلى ثلاثة أقوال؛ فبينما اعتبَرَ بعضُ الفُقهاء أركانًا ألغاها آخرون، واعتبروها شروطًا من شُروط العُمرة أو واجباتٍ لها، وأضاف آخرون شروطًا لم يشترطها غيرهم من الفقهاء، وفي الآتي بيانُ أركان العمرة المُتّفق والمُختلف فيها عندَ الفُقَهاء: الإحرام يَكون الإحرام من الميقاتِ المكاني الذي حدّدهُ المُصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وذلك لمَن مرَّ بذلك الميقات أو مرَّ بمُحاذاته، وقد ذهب إلى ركنيّة الإحرام فُقهاء المالكية والشافعية والحنابلة، في حين يرى فقهاء الحنفية أنّ الإحرام شرطٌ من شروطِ العمرة، لا رُكنًا من أركانها. الطواف في الكعبة المشرّفة سبعة أشواطٍ تامة يَكون ابتداءُ الطّواف من الحجر الأسود والانتهاء به في كُلّ شوط، وهو رُكنٌ باتّفاق الفُقهاء الأربعة؛ أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وهو الركن الوَحيد عند الحنفيّة؛ فَلم يَعتبروا غيره أركانًا للعمرة، فمن اعتمر ولم يطُف لم تُقبَل عمرته. وذلك لقولِ الله -سبحانه وتعالى- في سورة الحج: (وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِالۡبَيۡتِ الۡعَتِيقِ)، إلّا أنّ الحنفيّة اعتبروا أنَّ ركن الطواف مُعظمه لا جميعه، فإن طاف المُعتمر أربعة أشواطٍ أجزأ ذلك وقُبلت عُمرته، والتمام سبعة أشواط. السعي بين الصفا والمروة ذلك بأن يَسعى المُعتمر سبعة أشواط ابتداءً من الصّفا وانتهاءً بالمروة، وقد اتّفق الفُقهاء كذلك على ركنيّة السعي، وأنّ من اعتمر ولم يسعَ لم تُقبل عمرته، باستثناء الحنفيّة الذين اعتبروا السعي واجبًا من واجباتِ العُمرة لا ركنًا من أركانها، ومن المَعلوم أنّ الحنفية يُفرّقونَ بين الرُّكن والواجبِ من حيث القوة. الحلق أو التقصير تَفرَّد الشافعيّةُ في ركنيّة الحلق، وخالفهم بقيّة الفُقهاء فلم يَعتبروه رُكنًا.
مشاركة :