النزاع في أوكرانيا أحيا المخاوف من حرب نووية

  • 12/29/2022
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

باريس‭ ‬–‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭): ‬أحيا‭ ‬النزاع‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬وقوع‭ ‬حرب‭ ‬نووية،‭ ‬ولو‭ ‬أنّ‭ ‬التركيبة‭ ‬الأمنية‭ ‬الدولية‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬أقيمت‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬بالانهيار‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭.‬ ويقول‭ ‬مساعد‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬السابق‭ ‬لحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬كاميل‭ ‬جراند‭: ‬‮«‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العصر‭ ‬النووي‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬فيها‭ ‬قوة‭ ‬نووية‭ ‬واقع‭ ‬امتلاكها‭ ‬لهذا‭ ‬السلاح‭ ‬وتشنّ‭ ‬حرباً‭ ‬تقليدية‭ ‬مستظلّة‭ ‬بالقوة‭ ‬النووية‮»‬‭. ‬ ورغم‭ ‬أنّ‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يبدو‭ ‬‮«‬مستبعدا‮»‬،‭ ‬يضيف‭: ‬‮«‬كنا‭ ‬نعتقد‭ ‬أنّ‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬دول‭ ‬مارقة‭. ‬ولكن‭ ‬فجأة،‭ ‬تتصرّف‭ ‬إحدى‭ ‬القوّتين‭ ‬النوويتين‭ ‬الرئيسيتين‭ ‬العضو‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي،‭ ‬وفق‭ (‬استراتيجية‭ ‬قرصنة‭)‬،‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬جديد‭ ‬ومقلق‮»‬‭. ‬ ولا‭ ‬يزال‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬المحرّمات‭ ‬النووية‮»‬‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والاستراتيجي‭ ‬بشأن‭ ‬عدم‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح‭ ‬الذرّي‭ ‬الذي‭ ‬تبلور‭ ‬بعد‭ ‬القصف‭ ‬الأمريكي‭ ‬لهيروشيما‭ ‬وناجازاكي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1945‭ ‬قائما،‭ ‬لكن‭ ‬الخطاب‭ ‬حوله‭ ‬ليس‭ ‬كذلك‭. ‬ في‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬لم‭ ‬تتردّد‭ ‬قنوات‭ ‬تلفزيونية‭ ‬روسية‭ ‬في‭ ‬استحضار‭ ‬احتمالات‭ ‬توجيه‭ ‬ضربة‭ ‬نووية‭ ‬على‭ ‬باريس‭ ‬أو‭ ‬نيويورك،‭ ‬بينما‭ ‬أكد‭ ‬دبلوماسي‭ ‬روسي‭ ‬سابق‭ ‬أنّ‭ ‬بوتين‭ ‬‮«‬سيضغط‭ ‬على‭ ‬الزرّ‮»‬‭ ‬إذا‭ ‬اعتبر‭ ‬أنّ‭ ‬روسيا‭ ‬مهدّدة‭ ‬بالاختفاء‭. ‬ وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬التي‭ ‬عاشت‭ ‬طويلاً‭ ‬على‭ ‬‮«‬مكاسب‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬الصحوة‭ ‬قاسية،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أنّ‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬حذّر‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬‮«‬كارثة‮»‬‭ ‬نووية‭ ‬محتملة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعكس‭ ‬الشعور‭ ‬السائد‭ ‬الآن‭ ‬بأنّ‭ ‬العالم‭ ‬يرقص‭ ‬على‭ ‬بركان‭.‬ وفي‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬كتب‭ ‬توماس‭ ‬شيلينغ‭ ‬الحائز‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للاقتصاد‭ ‬والخبير‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬المسائل‭ ‬الاستراتيجية‭: ‬‮«‬الحدث‭ ‬الأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬في‭ ‬نصف‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬هو‭ ‬حدثٌ‭ ‬لم‭ ‬يحدث‮»‬،‭ ‬ملخّصاً‭ ‬بذلك‭ ‬هشاشة‭ ‬التوازن‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬يستند‭ ‬إليه‭ ‬منذ‭ ‬هيروشيما‭ ‬وناجازاكي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1945‭. ‬ وقبل‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بوقت‭ ‬طويل‭ ‬بدأت‭ ‬التركيبة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬العالمية‭ ‬تتداعى،‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬وأيضاً‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬ وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المؤرّخ‭ ‬والخبير‭ ‬الفرنسي‭ ‬في‭ ‬مسائل‭ ‬منع‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‭ ‬ونزع‭ ‬السلاح‭ ‬بنيامين‭ ‬اوتكوفرتور‭ ‬فإنّ‭ ‬الاضطرابات‭ ‬كانت‭ ‬قائمة‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الـ21‭.‬ ويمثّل‭ ‬انسحاب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬معاهدة‭ ‬الصواريخ‭ ‬المضادة‭ ‬للصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬التي‭ ‬لطالما‭ ‬كانت‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬التوازن‭ ‬النووي‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬بداية‭ ‬تفكّك‭ ‬معاهدات‭ ‬مراقبة‭ ‬أو‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬الموقّعة‭ ‬بين‭ ‬الخصوم‭ ‬السابقين‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬المعاهدات‭ ‬معاهدة‭ ‬الصواريخ‭ ‬النووية‭ ‬المتوسطة‭ ‬المدى‭ ‬الموقعة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1987‭ ‬التي‭ ‬تلاشت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬بعد‭ ‬الانسحاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬ثم‭ ‬الروسي‭ ‬منها‭.‬ ويقول‭ ‬كاميل‭ ‬جراند‭: ‬‮«‬على‭ ‬مستوى‭ ‬نزع‭ ‬السلاح،‭ ‬إنه‭ ‬الخراب،‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬نيو‭ ‬ستارت‮»‬،‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وروسيا‭. ‬ وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تفكّك‭ ‬المعاهدات،‭ ‬شكّل‭ ‬انسحاب‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬الأحادي‭ ‬الجانب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬من‭ ‬معاهدة‭ ‬منع‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬أيضاً‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬المخاطر‭ ‬المتزايدة؛‭ ‬فقد‭ ‬ازداد‭ ‬نشاط‭ ‬بيونغ‭ ‬يانغ‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬بشكل‭ ‬خطير،‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬قياسي‭ ‬من‭ ‬إطلاق‭ ‬الصواريخ‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فيما‭ ‬تتوقّع‭ ‬واشنطن‭ ‬وطوكيو‭ ‬وسيول‭ ‬تجربة‭ ‬نووية‭ ‬سابعة‭ ‬وشيكة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬ وكانت‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬قد‭ ‬أعلنت‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬عقيدة‭ ‬جديدة‭ ‬تنصّ‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تتخلّى‭ ‬أبداً‭ ‬عن‭ ‬السلاح‭ ‬الذرّي،‭ ‬مؤكدة‭ ‬استخدامه‭ ‬لأغراض‭ ‬وقائية‭. ‬ وكل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬الزيادة‭ ‬السريعة‭ ‬في‭ ‬القدرات‭ ‬النووية‭ ‬الصينية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يُقلق‭ ‬الخبراء‭. ‬ وفي‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬تتصدّر‭ ‬المسألة‭ ‬الإيرانية‭ ‬المخاوف،‭ ‬إذ‭ ‬يُشتبه‭ ‬منذ‭ ‬20‭ ‬عاماً‭ ‬في‭ ‬أنّ‭ ‬طهران‭ ‬تسعى‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬القنبلة‭ ‬الذرية‭.‬

مشاركة :