باريس – الوكالات: أحيا النزاع في اوكرانيا المخاوف من وقوع حرب نووية، ولو أنّ التركيبة الأمنية الدولية الدقيقة التي أقيمت بعد الحرب العالمية الثانية، كان قد بدأت بالانهيار منذ سنوات. ويقول مساعد الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي كاميل جراند: «هي المرة الأولى منذ بداية العصر النووي التي تستخدم فيها قوة نووية واقع امتلاكها لهذا السلاح وتشنّ حرباً تقليدية مستظلّة بالقوة النووية». في وقت سابق من هذا العام لم تتردّد قنوات تلفزيونية روسية في استحضار احتمالات توجيه ضربة نووية على باريس أو نيويورك، بينما أكد دبلوماسي روسي سابق أنّ بوتين «سيضغط على الزرّ» إذا اعتبر أنّ روسيا مهدّدة بالاختفاء. ولا يزال مفهوم «المحرّمات النووية» الأخلاقي والاستراتيجي بشأن عدم استخدام السلاح الذرّي والذي تبلور بعد القصف الأمريكي لهيروشيما وناجازاكي في عام 1945، قائما، لكن الخطاب حوله ليس كذلك. في عام 2007، كتب توماس شيلينغ الحائز جائزة نوبل للاقتصاد والخبير الأمريكي في المسائل الاستراتيجية، «الحدث الأكثر إثارة في نصف القرن الماضي هو حدثٌ لم يحدث»، ملخّصاً بذلك هشاشة التوازن الذي كان العالم يستند إليه منذ هيروشيما وناغازاكي في عام 1945. قبل أوكرانيا بوقت طويل، بدأت التركيبة الاستراتيجية العالمية تتداعى، في أوروبا، وأيضاً في آسيا والشرق الأوسط. ويمثّل انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية في العام 2002، والتي لطالما كانت حجر الزاوية في التوازن النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، بداية تفكّك معاهدات مراقبة أو نزع السلاح الموقّعة بين الخصوم السابقين خلال الحرب الباردة. ومن بين هذه المعاهدات، معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى الموقعة في عام 1987 والتي تلاشت في عام 2019 بعد الانسحاب الأمريكي ثم الروسي منها. على صعيد اخر بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس مع كبار مسؤولي «الأمن الداخلي» في روسيا بعد أن قال الكرملين إن الهجمات الأوكرانية الأخيرة بطائرات مُسيَّرة تشكل خطراً على البلاد. قال المتحدث باسم بوتين دميتري بيسكوف للصحفيين إن السلطات تتخذ الإجراءات «الضرورية» لحماية البلاد من الهجمات الأوكرانية. وأضاف ردا على سؤال حول ضربات الطائرات المُسيَّرة «بالطبع، السياسة التي أعلنها النظام الأوكراني صراحة لمواصلة مثل هذه الأعمال الإرهابية هو عامل خطر». في وقت سابق أمس، قالت السلطات إن طائرة مسيرة قصفت بالقرب من مطار في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا، بعد يوم من إلقاء موسكو اللوم على كييف في هجمات بطائرات مسيرة على مطارين آخرين. وقال حاكم كورسك رومان ستاروفويت إنه نتيجة لهجوم بطائرة مُسيَّرة بالقرب من مطار محلي، اشتعلت النيران في خزان للنفط. لم تقع إصابات ولم يحدد الحاكم المكان الذي جاءت منه الطائرة المُسيَّرة. قالت وزارة الدفاع الروسية الاثنين إن أوكرانيا «حاولت ضرب» قاعدة دياغيليفو الجوّية في منطقة ريازان وقاعدة إنغيلز في منطقة ساراتوف «بطائرات مسيرة سوفياتية الصنع». إنغيلز هي قاعدة للطائرات الاستراتيجية التي تقول كييف إنها استخدمت لضرب أوكرانيا. وقالت الوزارة الروسية إن تلك الضربات أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود وإصابة أربعة آخرين، من دون تقديم مزيد من التفاصيل. كما لحقت أضرار طفيفة بطائرتين. ولقي ستة أشخاص على الأقل حتفهم امس في قصف طال مدينة دونيتسك بشرق أوكرانيا. واستمرت امس محاولات أوكرانيا إصلاح منشآتها للطاقة التي تضررت بعدما استُهدفت بوابل من الصواريخ الروسية. وكان الجيش الروسي قد أقرّ «بضربة ضخمة نفذت بأسلحة عالية الدقة» الاثنين استهدفت مواقع عسكرية أوكرانية ومنشآت للطاقة مرتبطة بالقوات الأوكرانية. واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الضربات «حتمية». وجاءت الضربات الروسية الجديدة في اليوم الذي دخلت فيه حيز التنفيذ آلية لتحديد سقف لسعر مبيع النفط الروسي، في محاولة من الدول الغربية لتجفيف إيرادات موسكو لتمويل حربها على أوكرانيا.
مشاركة :