في سابقة هي الأولى من نوعها، وبعد كيل مزيد من الاتهامات من قبل أطراف سياسية لفترة حكم رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، خرج الأخير عن صمته مدافعاً بقوة عن إنجازات حكومته. ففي الوقت الذي آثر فيه كل رؤساء الحكومات العراقية السابقين بعد التغيير عام 2003 الرد حيال ما يثار ضد فترات حكمهم عبر بيانات، قبل عصر «تويتر» أو على شكل تغريدات فيما بعد، فإن الكاظمي فاجأ الجميع ببيان مطول مدافعاً ومهاجماً، غير عابئ بالكم الهائل مما ينشر ضده وضد فريقه؛ وفي مقدمتهم الفريق أحمد أبو رغيف رئيس اللجنة التي حملت اسمه «لجنة أبو رغيف» المعنية بمكافحة الفساد. ورد الكاظمي في بيانه، الذي أرسل نسخة منه في ساعة متأخرة من ليلة أول من أمس إلى «الشرق الأوسط»، على ما وصفها بـ«الأحاديث عن انتهاكات» حدثت في عهده. وفيما دافع ضد الاتهامات التي وجهت إلى «لجنة أبو رغيف»؛ فإنه رفض تحميل حكومته أسباب انحدار سعر صرف الدينار مقابل الدولار، بعد أن ربط البعض الأزمة بفضائح فساد مرتبطة بمصارف؛ حدثت في عهده. وقال الكاظمي؛ طبقاً للبيان، إن «لجنة مكافحة الفساد تشكلت تلبية للمطالب الشعبية، وجميع أوامر القبض التي نفذتها كانت بأوامر قضائية»، عادّاً أنها «حققت نجاحاً في كبح الفساد المستشري في مؤسسات الدولة». وأضاف أن اللجنة كانت تخضع لمراقبة مستمرة من قبل المؤسسات الرقابية المعنية، مشيراً إلى أن «جهاز الادعاء العام أصدر تقريراً مفصلاً بشأن عملها في 2021 وأقر بالتزامها بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان». وعدّ الكاظمي أن «ادعاء البعض بوقوع انتهاكات يتطلب أدلة قانونية معتبرة». وفي ما يتعلق بالحديث عن انتهاكات مالية خلال توليه رئاسة الحكومة، قال: «كشفنا عنها رسمياً في عهدنا، وشكلنا لجان تحقيق بشأنها وقدمت الأدلة إلى الجهات القضائية المعنية التي أصدرت أحكامها ضد الفاسدين»، مطالباً بالاستمرار في التحقيقات ومتابعة الملف حتى نهايته والكشف عن الحقيقة للرأي العام. وفيما يتعلق بارتفاع الدولار، رفض ما وصفه بـ«الخطاب الشعبوي المتزايد، الذي يفتقر إلى المعلومات والحقائق الدقيقة؛ لأنه يدفع بالأزمة إلى مزيد من التعقيد». ودعا الكاظمي المسؤولين إلى «الحفاظ على استقرار سعر الصرف، ومنع الفوضى النقدية، وضبط السحوبات المالية الكبيرة، وتقليص مستوى التضخم المالي، ومنع تهريب العملة الصعبة إلى خارج العراق». وفي حين لم يصدر موقف رسمي بشأن بيان الكاظمي الذي دافع عن إجراءاته في مجال الكشف عما سميت فيما بعد «سرقة القرن» في الأيام الأخيرة من فترة حكمه حين كشف عن السرقة وزير النفط والمالية السابق إحسان عبد الجبار، فضلاً عن التدابير الخاصة بمعالجة سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار، فإن المراقبين السياسيين يربطون بين بدء توجيه الانتقادات للحكومة الحالية؛ نتيجة الارتفاع غير المسبوق لأسعار الدولار، وبدء تداول اعترافات لأحد أبرز المتهمين في مجال الفساد؛ وهو بهاء الجوراني، التي بدأت تظهر على شكل حلقات تلفزيونية في إحدى قنوات «يوتيوب»، مدعمة بأدلة ووثائق من القضاء العراقي. وفي الوقت الذي أصدر فيه القضاء العراقي أمر قبض بحق رئيس «لجنة الأمر الديواني 29»، الفريق أحمد أبو رغيف، وكيل وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات ورئيس اللجنة؛ التي شكلها الكاظمي لمكافحة الفساد، بتهمة ممارسة انتزاع الاعترافات من المتهمين بالإكراه، فإنه؛ طبقاً لما أظهرته اعترافات الجوراني؛ وبالوثائق والأدلة بحق مسؤولين كبار؛ بمن فيهم وزراء ونواب ومحافظون ومديرون عامون، بشأن تمشية مشروعاته، فإن هناك عدداً كبيراً من المسؤولين الكبار طالتهم اتهامات جديدة تتطلب تحقيقاً جديداً.
مشاركة :