تحقيق إخباري: نازحون سوريون يواجهون مزيدا من المصاعب في ظل تخطيط الأمم المتحدة لخفض المساعدات

  • 12/30/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حول موقد عتيق يعمل على الحطب ركز وسط خيمة في محيط بلدة سعدنايل شرق لبنان، اجتمعت عائلة النازح السوري من ريف إدلب جمال أبو لطفي تندب حظها بعدما تلقى رب العائلة على هاتفه الخلوي رسالة نصية من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي تعلمه بوقف المساعدة المادية التي يتقاضاها شهريا، اعتبارا من مطلع العام المقبل. وقال أبو لطفي الذي بدت على وجهه علامات التوتر والقلق لوكالة أنباء ((شينخوا)) "صدمنا هذا القرار المفاجئ المخيب للآمال الذي سيوقع عائلتي المؤلفة من 5 أفراد بحرج وضيق حال ويجعلها عاجزة عن تأمين ضروريات الحياة". وأضاف أن "حرماننا من هذه المساعدة الشهرية من مطلع عام 2023 يعني عجزنا عن تأمين حاجياتنا الملحة في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار في لبنان والتي تحتسب جميعها على سعر صرف الدولار الأمريكي بالسوق الموازية والذي تجاوز 40 ألف ليرة لبنانية". واعتبر أن وقف المساعدات الممنوحة لنسبة كبيرة من النازحين بمثابة "ضربة قاضية لا يمكن تجاوزها في ظل استشراء البطالة في لبنان". واتخذت مفوضية اللاجئين الأممية وبرنامج الأغذية العالمي قرارا بوقف المساعدات النقدية الشهرية لفئة كبيرة من النازحين سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير من عام 2023 ويشمل نحو 35 ألف أسرة سورية نازحة من أصل 269 ألف أسرة تتلقى مثل هذه المساعدات. من جهته قال النازح السوري جمال أبو عويصي، وهو مهندس كهرباء يقطن مع عائلته المؤلفة من 4 أفراد في مخيم قب الياس شرق لبنان، إن قرار وقف المساعدات لآلاف الأسر سيضاعف من معاناة النازحين خاصة خلال أشهر الشتاء حيث تتقلص فرص العمل بنسبة كبيرة وتزداد الاحتياجات وترتفع المصاريف. ووصفت النازحة دلال أبو حويلي القرار بـ"المجحف والذي سيزيد فقر النازحين"، معربة عن اعتقادها بأنه "لن يكون لهذا القرار الظالم أي تأثير أو دافع للنازحين بمغادرة لبنان والعودة إلى بلادهم بل سيزيد من قهرهم ويضاعف مأساتهم". وقالت إن "الكثير من النازحين يفضلون العودة إلى بلدهم وأرزاقهم، ولكن العودة مربوطة بتوفر الظروف الملائمة وفي مقدمتها الحل السياسي الشامل في سوريا والذي من شأنه وقف الحروب والوصول إلى وضع آمن يتيح إصلاح ما دمرته آلة الحرب". بدوره، قال شاويش مخيم النازحين في مرج الخوخ جنوب لبنان أحمد السويقي إن "الرسائل التي تلقاها عدد كبير من النازحين أثارت موجة غضب وذعر في صفوفهم، لأن الأكثرية منهم تعتمد في معيشتها على المساعدات التي تحفظ أمنها الغذائي الذي سيتأثر سلبا في ظل حرمانهم منها وسط تداعيات الأزمة الاقتصادية الحادة التي تضرب لبنان منذ العام 2019". وأشار إلى أنه "لا يوجد رابط بين وقف التقديمات وقرار لبنان بتسريع عودة النازحين، لأن العودة مرتبطة بالحل السياسي في سوريا الذي يضع حدا لكافة الأعمال العسكرية، فتصبح العودة ضرورية وملزمة". وكان لبنان قد عاود في 26 أكتوبر الماضي العمل بتسهيل "العودة الطوعية" للنازحين السوريين في لبنان إلى سوريا والتي كانت توقفت عام 2019 بسبب جائحة كورونا بعد انطلاقتها عام 2017، حيث بلغ عدد العائدين خلال عامين حوالي 540 ألف نازح سوري. وقال وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية هكتور حجار في تصريح صحفي خلال جولة على مخيمات للنازحين بشرق لبنان إن "مفوضية اللاجئين لا تستطيع أن تؤمن الدعم لجميع النازحين، وفي الوقت نفسه لا تشجعهم على العودة، ليبدو لنا أننا أمام توجه عام لإبقاء النازحين رهينة قرار معين". وأضاف "نسأل أين ذهبت الأموال الممنوحة للنازحين وكم من المليارات صرفت على تعليم أولادهم في وقت نرى أن غالبية هؤلاء بدون مدارس، وإذا توقف دفع مساعداتهم فهل سيحملون أعباءهم للدولة اللبنانية". وقال إن "هناك آلاف الأطفال من النازحين غير المسجلين ومن دون أوراق، ولدينا أجيال من الأميين، وأجيال من الأطفال ممّن هم دون العشر سنوات يعملون ويتعرضون لكل أنواع المخاطر والمظالم، فهذه المخيمات فيها آفات اجتماعيّة نفسية بيئية صحية اقتصادية، وستشكل انفجارا في المستقبل في لبنان وفي الجوار الأورو متوسطي". من جهتها أكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن حوالي 78% من العائلات اللاجئة السورية في لبنان تتلقى مساعدات نقدية شهرية من المفوضية وبرنامج الأغذية العالمي والمنظمات غير الحكومية. وقالت المتحدثة الرسمية باسم المفوضية في لبنان ليزا أبو خالد لوكالة أنباء ((شينخوا)) انه في عام 2023 ستتلقى 234 ألف أسرة سورية لاجئة مساعدات نقدية شهرية. وأشارت إلى أن العدد الاجمالي للأسر التي تتلقى مساعدات نقدية شهرية سينخفض في عام 2023 بمقدار 35 ألف أسرة، بسبب عدم كفاية الموارد لتلبية الاحتياجات المتزايدة. وذكرت أنه سيتم استبدال معظم العائلات التي ستتوقف عن تلقي المساعدة بأسر تم اختيارها حديثا من بين العائلات التي لم تحصل حتى الآن على المساعدة. وبحسب مديرية الأمن العام اللبناني، يبلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان مليونين و80 ألف لاجئ منتشرين في معظم المناطق اللبنانية.■

مشاركة :