برغم الظروف الحياتية الصعبة التي يعيشها المجتمع النازح في ظل تردي الوضع الاقتصادي اللبناني وجنون الأسعار وتدهور الليرة اللبنانية إلى مستويات متدنية أمام العملات الأجنبية والبطالة المستشرية ، يجهد النازحون السوريون بقوة لتمضية الشهر الفضيل بإمكانياتهم المادية المحدودة. يقصد النازحون السوريون عادة الأسواق الشعبية الأرخص ثمنا والتي تشهد عادة في مثل هذه الفترة حركة مقبولة لشراء الاحتياجات الضرورية جدا والتي لابد منها لشهر الصوم من خضار وفاكهة وتمور لزوم موائد الإفطار. واللافت خلال شراء النازحين لاحتياجاتهم أن نسبة كبيرة منهم تقتصر في ذلك على الضروري بكميات قليلة بسبب الأرتفاع الجنوني غير المسبوق بأسعارها. وأعرب النازح من ريف أدلب إلى مخيم سهل مرجعيون بحنوب لبنان أدهم أبو عويدي لوكالة أنباء ((شينخوا)) عن أسفه واستغرابه لما آلت إليه أوضاع النازحين من فقر وعوز وعدم توفر التيار الكهربائي، حيث يفطرون على نور الشمعة ويتسحرون على ضوء الهاتف. وقال "حل علينا الشهر الفضيل هذا العام ونحن في أسوأ وضع معيشي منذ نزوحنا، فجيوبنا فارعة ولا مدخرات ولا مساعدات رغم ارتفاع أسعار كافة السلع دون استثناء وخاصة الخضار والفاكهة والمواد الغذائية والألبسة بشكل جنوني وغير مسبوق". وأشار إلى أن الغلاء والظروف المعيشية الصعبة ستحرم حتما المجتمع النازح من أطعمة كثيرة وحلوى اعتاد على تناولها في هذا الشهر الفضيل. من جهتها قالت ساهرة الحلبي النازحة من حلب إلى مخيم الوزاني بجنوب لبنان لـ ((شينخوا)) إنها أم لـ 6 أطفال قضى والدهم في الحرب السورية. وأوضحت أنها تقصد سوق الخيام الشعبي بجنوب لبنان بحثا عن الضروري من المشتريات . وقالت "أعداد لابأس بها من الأطعمة باتت مستثناة من موائدنا الرمضانية هذا العام بسبب تدني دخلنا امام استفحال الغلاء، فأسعار الغاز إلى ارتفاع وكذلك الخضار حيث يبلغ ثمن كيلوغرام الطماطم 25 ألف ليرة واللحم 300 الف والدجاج إلى 160 الفا". وقال شاويش مخيم سهل الخيام أحمد الحويلي لـ ((شينخوا)) "كنا ننتظر بفارع الصبر الشهر الفضيل لكي نمارس طقوسنا الدينية والاجتماع على الموائد وتبادل الزيارات المنزلية ومساعدة بعضنا البعض ، ولكن للأسف تراجعت هذه الأعراف مع تراجع الوضع المادي الذي نعيشه حتى بات يمكن القول أنه أقسى رمضان مر علينا في نزوحنا". من جهتها النازحة فاتن أبو غياد القاطنة في مخيم سردة بجنوب لبنان أكدت لـ ((شينخوا)) أنه بالرغم من " الفقر والقهر سأجتهد بكل قواي حتى لا أحرم أولادي الأربعة مما تشتهي أنفسهم على مائدة الأفطار، لأنه في شهر الخير والبركة يأتي الرزق من حيث لا يحتسب الإنسان وهذا ما يخفف آلمي وغضبي من الحال الذي وصلنا إليه". من جانبها عبرت النازحة سعدية أبو الفيصل عن فرحتها بقدوم شهر رمضان "الذي يعطينا الأمل والعزم والقوة لتجاوز هذه الفترة المعيشية الصعبة التي نتقاسم ضراوتها وقساوتها مع الشعب اللبناني المضيف الذي يعاني بدوره من العوز والحاجة وغلاء الأسعار في اسوأ تردي وضع اقتصادي يشهده لبنان". وقالت "الكثير من النازحات تقصدن البراري الفسيحة الخضراء لجمع كميات كبيرة من مختلف أنواع الحشائش الصالحة لبعض أفطاراتنا لما لذلك من توفير في أعباء هذا الشهر الفضيل فالأرض كريمة تعطي مجانا ودون منة" . من جهته احتفل الشاب العشريني جلال الأحمد بقدوم شهر رمضان بجمع بعض أغصان الأشجار المزهرة وصنع منها هلالا زين به بعض الخيم المهترئة عند مدخل مخيم حلتا بجنوب لبنان. وقال الأحمد لـ ((شينخوا)) "مثل هذه الزينة تضفي على المناسبة لمسة من الفرح والبهجة والأمل بمستقل أفضل للاحتفال بهذا الشهر الفضيل تكون فيه الأوضاع المعيشية قد تحسنت وعاد معها التيار الكهربائي المقطوع عن مخيمنا منذ أكثر من عام،في حين ما يصلنا لا يتعدى ساعة تغذية أسبوعيا في أفضل الحالات" . وقد أدت أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية وصحية متشابكة في لبنان لانهيار عملته الوطنية ولتجاوز معدل الفقر بنسبة 82 % مع تفاقم البطالة والتضخم وتآكل المداخيل والمدخرات وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار مع نقص في الوقود والأدوية وحليب الأطفال. ■
مشاركة :