تحقيق إخباري: النازحون السوريون بجنوب وشرق لبنان قلقون في ظل تصاعد التجاذبات حول ترحيلهم

  • 8/20/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عند المدخل الشرقي لمخيم النازحين السوريين وسط بلدة برالياس شرق لبنان وفي ظل شجرة وارفة اتقاء لأشعة شمس أغسطس الحارقة، التقت مجموعة من النازحين السوريين فيما يشبه ندوة حوارية ناقشوا خلالها التحركات والتجاذبات المكثفة محليا ودوليا حول إعادة ترحيلهم وبشكل آمن إلى بلادهم. شاويش هذا المخيم الخمسيني جاسم ابو العويلي والذي بدا متوترا خلال النقاش أشار لوكالة أنباء ((شينخوا)) إلى أن الشغل الشاغل للنازحين السوريين في هذه الفترة معرفة ما ستؤول اليها الاتصالات والمباحثات والتي يقوم بها الجانب اللبناني مع سوريا والجهات الدولية في هذا الاتجاه. وقال "نعيش في وضع حرج للغاية لا نحسد عليه فالمستقبل امامنا غير واضح والرؤية معتمة بحيث بتنا امام اتجاهين متضادين فالجانب اللبناني مصر على اعادتنا والجهات الدولية رافضة حتى الآن علما بأن لكلا الطرفين مبرراته وحيثياته". وأضاف "اننا حقا في ضياع وحيرة وتعب نفسي حيث اجتمعت من حولنا مطالبات ترحيلنا إلى البطالة المستشرية والغلاء الفاحش الذي طال كل شيء في لبنان وتدني المساعدات الدولية ناهيك عن التدابير الامنية والادارية للبلديات والجهات العسكرية اللبنانية المتخذة تحت شعار تنظيم وجود واقامة النازحين والحد من أعمال الدخول خلسة من سوريا إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية". وكانت تجمعات النازحين السوريين قد شهدت خلال الفترة القليلة الماضية وما زالت تدابير عدة اتخذتها البلديات بتوجيه من وزارة الداخلية اللبنانية ومنها تعداد واحصاء رسمي للنازحين وعائلاتهم في كل بلدة وتحديد أماكن اقامتهم وأرقام هواتفهم والابلاغ عن اي نازح ليس بحوزته اقامة رسمية، اضافة لتنفيذ الجهات الأمنية العسكرية مداهمات دورية لاعتقال من دخل لبنان خلسة. مصادر في قوى الأمن الداخلي اللبناني، أوضحت لـ((شينخوا)) أن التقارير التي اعدتها بالتنسيق مع البلديات اشارت إلى أن حوالي 51 % من النازحين ليس بحوزتهم بطاقات هوية والكثير من اقاماتهم الرسمية منتهية الصالحية منذ 6 إلى 7 سنوات ولم يعمدوا إلى تجديدها للتهرب من الرسوم المتوجبة للدولة اللبنانية. ويبلغ العدد الرسمي للاجئين السوريين في لبنان بحسب الأمن العام اللبناني مليونين و80 ألف لاجئ يشكلون ضغوطا اجتماعية واقتصادية وأمنية على لبنان الذي يواجه منذ أواخر العام 2019 أزمة اقتصادية ومالية حادة. وفي السياق ذاته، قال النازح السوري من ريف حلب إلى مخيم مرج الخوخ بجنوب لبنان جاسم السعيدي وهو رب عائلة مؤلفة من 9 أفراد لـ((لشينخوا)) إن وضعنا في لبنان أصبح خطيراً وقد بتنا تحت المجهر حيث تفرض علينا تدابير قاسية. وأضاف "اننا كمجتمع نازح في حذر دائم خاصة خلال توجهنا إلى أشغالنا حيث خطاب الكراهية من اللبنانيين يتصاعد باتجاهنا وينظر الينا كمجرمين أو ارهابيين مما جعلنا نفضل التزام مخيماتنا والتوقف عن العمل"، على حد قوله. وأشار إلى أن حلمه العودة إلى بلده لكن ما يجعله يتردد التدمير الذي اصاب منزله جراء المعارك وعدم قدرته على اعادة ترميمه اضافة لخوفه من الملاحقة لاسباب سياسية، كما أن نجله الأكبر لم يلتحق بالخدمة العسكرية الالزامية في الجيش السوري مما يعرضه للمحاسبة. ولفت إلى أن "معلومات وصلت للنازحين من سوريا تحدثت عن قرار اتخذه النظام السوري ويقضي باعفاء النازحين العائدين من اية تدابير او عقوبات مما يشجعنا على العودة ولكن علينا التثبت اولا من البدء بتنفيذه". مصدر عسكري لبناني معني بالوضع في المنطقة الحدودية مع سوريا، أوضح لـ((لشينخوا)) أنه "جرى تكثيف من اعمال الدوريات والكمائن عبر المعابر البرية غير الشرعية بين لبنان وسوريا وإن اعمال المداهمات التي تنفذها القوى الأمنية في تجمعات النازحين تطال المخالفين الذين يدخلون عبر هذه المعابر مما يحتم اعادتهم إلى بلدهم". وأشار لـ((شينخوا)) شاويش مخيم القرعون شرق لبنان جابر ابو العلاوي إلى أن "الاسباب التي تحول دون عودة نسبة كبيرة من النازحين إلى بلدهم تتلخص بالخوف من الوضع الامني وعدم ايجاد فرص للعمل وارتفاع الأسعار وانهيار العملة السورية امام الدولار الأمريكي نتيجة للحصار الأمريكي والنقص في الخدمات الاساسية والخوف من التوقيف". اما النازحة السورية من ادلب إلى مخيم عين عرب بجنوب لبنان دلال ابو داوود فأوضحت لـ((شينخوا)) أن منطقة ادلب ما زالت غير آمنة كونها واقعة تحت سيطرة المنظمات الارهابية وفي مقارنة بين الوضع هنا في لبنان وما ينتظرنا في سوريا فاننا نفضل البقاء في لبنان بانتظار تطورات مستقبلية في بلدنا نأمل أن تكون ايجابية". من جهته، النازح جمال السويدي من ريف حلب وهو رب عائلة من 6 أفراد ويقطن في شقة صغيرة مستأجرة عند مدخل بلدة راشيا الوادي بشرق لبنان، أكد لـ((شينخوا)) أن الوضع في سوريا بات آمنا ولم يعد هناك أي مبرر أو سبب للبقاء في بلدنا الثاني لبنان واننا ننتظر لحظة العودة إلى وطننا بكل شوق وفرح. ويتخوف نازح من حلب إلى بلدة شبعا بجنوب لبنان رفض ذكر اسمه لـ((شينخوا)) من "وضع اولادي الثلاثة فاكبرهم كان بعمر الـ 15 عاما في فترة النزوح واليوم تجاوز الـ25 سنة، وبالتالي لا يملك إقامة مع زوجته وطفله، كما اضاع شقيقاه هويّتهما السورية خلال هروبنا إلى لبنان على عجل وامام هذا الوضع المأساوي لا نعرف كيف ستعترف سوريا بأفراد عائلتي الذين لا يملكون اية وثيقة رسمية تثبت هويتهم السورية علما اننا سنكون من اول العائدين إلى بلدنا في حال تقررت عملية العودة". البرلمان الأوروبي كان قد أصدر قرارا في 12 يوليو الماضي يدعم إبقاء اللاجئين السوريين في لبنان وأعرب عن "القلق من تصاعد الخطاب المناهض للاجئين من قبل الأحزاب السياسية والوزراء اللبنانيين". وحض القرار لبنان "على الامتناع عن الترحيل وفرض إجراءات تمييزية والتحريض على الكراهية ضد اللاجئين السوريين في حال اتخاذ أي إجراء في شأن الهجرة". وكانت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية أكدت في 13 يونيو الماضي وجوب عودة اللاجئين السوريين في لبنان إلى بلدهم بالتنسيق مع سوريا وجامعة الدول العربية على أن تكون عودة كريمة وآمنة تنسجم مع القرارات الدولية لا سيما القرار 2254.

مشاركة :