هرم ماسلو في العمل المؤسسي والأداء الوظيفي

  • 1/1/2023
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لمن‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬نظرية‭ ‬هرم‭ ‬ماسلو،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬تعريفها‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬النظريات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬حققت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النجاحات‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬النفس،‭ ‬ودراسة‭ ‬الاحتياجات‭ ‬البشرية،‭ ‬إذ‭ ‬قدم‭ ‬العالم‭ ‬إبراهام‭ ‬ماسلو‭ ‬ورقة‭ ‬بحثيّة‭ ‬بعنوان‭ (‬نظريّة‭ ‬الدافع‭ ‬البشري‭) ‬عام‭ ‬1943‭ ‬في‮‬دورية‭ (‬المراجعة‭ ‬النفسية‭) ‬العلمية،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬بفترة‭ ‬زمنية‭ ‬وسّع‭ ‬ماسلو‭ ‬فِكرَته‭ ‬لتشمل‭ ‬مُلاحظاته‭ ‬حول‭ ‬الفضول‭ ‬البشري‭ ‬الفطري‭. ‬ولقد‭ ‬وجد‭ ‬العلماء‭ ‬أن‭ ‬نظريَته‭ ‬تتبع‭ ‬فرعَ‮‬علم‭ ‬النفس‭ ‬التنموي‮‬الذي‭ ‬يدرس‭ ‬تطوّر‭ ‬ونمو‭ ‬الإنسان‭ ‬خلال‭ ‬المراحل‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬حياتِه،‭ ‬وتناقش‭ ‬هذه‭ ‬النظرية‭ ‬ترتيب‭ ‬حاجات‭ ‬الإنسان‭ ‬ووصف‭ ‬الدوافع‭ ‬التي‭ ‬تُحرّكه؛‭ ‬وتتلخص‭ ‬هذه‭ ‬الاحتياجات‭ ‬–‭ ‬حسب‭ ‬النظرية–‭ ‬في‭ ‬خمس‭ ‬مستويات‭ ‬وهي‭: ‬الاحتياجات‭ ‬الفسيولوجية،‮‬وحاجات‭ ‬الأمان،‮‬والاحتياجات‭ ‬الاجتماعية،‮‬والحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التقدير،‮‬والحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الذات‭.‬ ورُسمت‭ ‬هذه‭ ‬الحاجات‭ ‬وتلك‭ ‬النظرية‭ ‬بصورة‭ ‬هرم،‭ ‬إذ‭ ‬أتت‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الفطرية‭ ‬في‭ ‬قاع‭ ‬الهرم،‭ ‬وتتبعها‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬الثاني‭ ‬حاجات‭ ‬الأمان،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وهكذا‭ ‬حتى‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬الهرم‭ ‬التي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الذات،‭ ‬ولقد‭ ‬تحدثنا‭ ‬سابقًا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬النظرية‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬ولا‭ ‬نريد‭ ‬الخوض‭ ‬فيها‭ ‬وشرحها‭ ‬وتفنيدها،‭ ‬ولقد‭ ‬كانت‭ ‬لنا‭ ‬وجهات‭ ‬نظر‭ ‬فيها،‭ ‬ويمكن‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬مقالاتنا‭ ‬السابقة‭ ‬لنتعرف‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬كتبناه‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬النظرية‭.‬ ولكن‭ ‬اليوم‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نحيد‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬وأن‭ ‬نُسقط‭ ‬هذه‭ ‬النظرية‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬المؤسسي‭ ‬والأداء‭ ‬الوظيفي،‭ ‬فهل‭ ‬يمكننا‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬ذلك؟‭ ‬لنحاول‭.‬ المستوى‭ ‬الأول‭: ‬توفير‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الفسيولوجية؛‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬في‭ ‬النظرية‭ ‬الأصلية‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتوفر‭ ‬للإنسان‭ ‬كل‭ ‬المستلزمات‭ ‬التي‭ ‬تساعده‭ ‬على‭ ‬الحياة،‭ ‬كالغذاء‭ ‬والماء‭ ‬والنوم‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ونحن‭ ‬نعلم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للإنسان‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬توفير‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المستلزمات،‭ ‬وهنا‭ ‬تتشارك‭ ‬الحيوانات‭ ‬وبقية‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية‭ ‬مع‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الاحتياجات،‭ ‬فالنباتات‭ ‬–‭ ‬مثلاً‭ ‬–‭ ‬لابد‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬غذاء‭ ‬وضوء‭ ‬الشمس‭ ‬وماء‭ ‬لتعيش‭.‬ وهذا‭ ‬في‭ ‬أصل‭ ‬النظرية،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬العمل‭ ‬المؤسسي‭ ‬فإنه‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬المؤسسة‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬للموظفين‭ ‬والعاملين‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬الاحتياجات‭ ‬والمتطلبات‭ ‬الأساسية‭ ‬للحياة،‭ ‬مثل‭ ‬الدخل‭ ‬أو‭ ‬الراتب‭ ‬الثابت‭ ‬المريح‭ ‬والذي‭ ‬يتزايد‭ ‬بوتيرة‭ ‬مستدامة‭ ‬دوريًّا‭ ‬أو‭ ‬سنويًّا،‭ ‬فالإنسان‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬راتب‭ ‬ودخل‭ ‬ثابت،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬جميع‭ ‬المرافق‭ ‬والاحتياجات‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬مثلاً‭: ‬أن‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬مؤسسي‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬مراحيض‭ ‬أو‭ ‬مطبخ،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬ماء‭ ‬للشرب،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الشاي‭ ‬والقهوة‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬فهذه‭ ‬المرافق‭ ‬وتلك‭ ‬المستلزمات‭ ‬توفر‭ ‬للموظف‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الأساسية‭ ‬لبيئة‭ ‬مريحة‭ ‬للبقاء‭ ‬في‭ ‬الوظيفة‭ ‬بصورة‭ ‬مستدامة‭. ‬ المستوى‭ ‬الثاني‭: ‬توفير‭ ‬احتياجات‭ ‬الأمان؛‭ ‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الأمان‭ ‬فإننا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الشعور‭ ‬بالأمان‭ ‬الجسدي‭ ‬والفكري‭ ‬والعقائدي‭ ‬والنفسي‭ ‬والأسري‭ ‬وحتى‭ ‬المعاشي‭ ‬والمعيشي،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬الأمان‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬العملية‭ ‬إلا‭ ‬بالإحساس‭ ‬بالأمن‭ ‬الوظيفي‭ ‬وضمان‭ ‬مستقبل‭ ‬الأبناء‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فعدم‭ ‬تحقيق‭ ‬تلك‭ ‬الحاجات‭ ‬سيؤدي‭ ‬بالفرد‭ ‬إلى‭ ‬انشغاله‭ ‬فكريًا‭ ‬ونفسيًا‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬وأولاده‭ ‬وأسرته‭ ‬ومن‭ ‬يحيط‭ ‬به،‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬أدائه‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬وحياته‭ ‬الشخصية‭ ‬والاجتماعية‭.‬ وربما‭ ‬يتبع‭ ‬ذلك‭ ‬توظيف‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وإدراجهم‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬مستدامة،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬ببساطة‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬إدراجهم‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬عبر‭ ‬عقود‭ ‬العمل‭ ‬المؤقتة‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬للعمل،‭ ‬وكما‭ ‬يجب‭ ‬منحهم‭ ‬الشعور‭ ‬أنهم‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬وهذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وجودهم‭ ‬وبقائهم،‭ ‬وهذا‭ ‬يوفر‭ ‬لهم‭ ‬الأمان‭ ‬المستدام‭. ‬ المستوى‭ ‬الثالث‭: ‬تحقيق‭ ‬الحاجات‭ ‬الاجتماعية؛‭ ‬في‭ ‬النظرية‭ ‬الأصلية‭ ‬تأتي‭ ‬الحاجات‭ ‬والانتماءات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬كمرحلة‭ ‬ثالثة‭ ‬من‭ ‬الاحتياجات‭ ‬التي‭ ‬حددها‭ ‬ماسلو‭ ‬في‭ ‬نظريته،‭ ‬فالإنسان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬أنه‭ ‬منتم‭ ‬إلى‭ ‬جماعة‭ ‬ولديه‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الصداقات‭ ‬ولديه‭ ‬أسرة،‭ ‬وبينه‭ ‬وبين‭ ‬جماعته‭ ‬وأصدقائه‭ ‬وأسرته‭ ‬علاقة‭ ‬حب‭ ‬وولاء،‭ ‬لذلك‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬لديه‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الآخرين‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الناس‭ ‬لشخصه‭.‬ ولقد‭ ‬أوضحت‭ ‬الدراسات‭ ‬أن‭ ‬البيئة‭ ‬المؤسسية‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬بيئة‭ ‬يعيشها‭ ‬الإنسان‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬إشباع‭ ‬هذه‭ ‬الحاجات‭ ‬حتمًا‭ ‬سيؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬اختلال‭ ‬التوازن‭ ‬النفسي‭ ‬لدى‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهذا‭ ‬ربما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الانطوائية‭ ‬والاكتئاب‭ ‬والقلق،‭ ‬وربما‭ ‬سيؤثر‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬الوظيفي‭ ‬وكذلك‭ ‬الحياتي‭.‬ لذلك‭ ‬فإن‭ ‬المؤسسات‭ ‬المهنية‭ ‬–أيًا‭ ‬كانت–‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬وأن‭ ‬تقيم‭ ‬أنشطة‭ ‬اجتماعية،‭ ‬وعلاقات‭ ‬بشرية،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتسلط‭ ‬المسؤول‭ ‬على‭ ‬الموظفين‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يتخذ‭ ‬بعض‭ ‬الموظفين‭ ‬عبيدا‭ ‬لأداء‭ ‬مهماته‭ ‬الشخصية،‭ ‬وأما‭ ‬الموظف‭ ‬الذي‭ ‬يرفض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عبدًا‭ ‬للمسؤول‭ ‬فإنه‭ ‬يحرم‭ ‬من‭ ‬الترقيات،‭ ‬بل‭ ‬وربما‭ ‬يركن‭ ‬ويهمش،‭ ‬فقد‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬خلافات‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬بين‭ ‬مسؤول‭ ‬وموظف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تهميش‭ ‬الموظف‭ ‬سنوات،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬للدوام‭ ‬لمجرد‭ ‬أنه‭ ‬يأتي‭ ‬لشرب‭ ‬الشاي‭ ‬والتوقيع‭ ‬فقط،‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بأي‭ ‬عمل‭ ‬يذكر،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬أنه‭ ‬قال‭ ‬رأيه‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬معين‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬وفكر‭. ‬إن‭ ‬توفير‭ ‬الحاجات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يعاد‭ ‬النظر‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬حتى‭ ‬تتحقق‭ ‬بقية‭ ‬المستويات‭ ‬من‭ ‬هرم‭ ‬ماسلو‭.‬ المستوى‭ ‬الرابع‭: ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التقدير؛‭ ‬كل‭ ‬البشر‭ ‬وكل‭ ‬إنسان‭ ‬أيًا‭ ‬كان‭ ‬موقعه‭ ‬يحتاج‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬هرم‭ ‬ماسلو‭ ‬إلى‭ ‬كسب‭ ‬احترام‭ ‬الناس‭ ‬والتقدير‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬الظهور‭ ‬والتميز‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الحياة‭. ‬ففي‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬فإن‭ ‬الإنسان‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬مكانته‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وعلى‭ ‬تقدير‭ ‬واحترام‭ ‬الآخرين‭ ‬له،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يشعره‭ ‬بالثقة‭ ‬والقوة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬سيقوم‭ ‬بتطوير‭ ‬نفسه‭ ‬وتحسين‭ ‬وضعه‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬الوظيفة‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬أنه‭ ‬مُقدر‭ ‬وأن‭ ‬الدولة‭ ‬والمؤسسة‭ ‬التي‭ ‬ينتمي‭ ‬لها‭ ‬تقدره‭.‬ وربما‭ ‬هنا‭ ‬يأتي‭ ‬موضوع‭ ‬التحفيز،‭ ‬سواء‭ ‬بشهادة‭ ‬شكر‭ ‬أو‭ ‬مكافأة‭ ‬مالية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بكلمة‭ ‬طيبة،‭ ‬فإن‭ ‬شعر‭ ‬الموظف‭ ‬بالتقدير‭ ‬والثناء‭ ‬فإنه‭ ‬تزداد‭ ‬الثقة‭ ‬بنفسه،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬موضوع‭ ‬موظف‭ ‬الشهر‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬كلها‭ ‬إجراءات‭ ‬تحفيزية‭ ‬ينتظرها‭ ‬الموظف‭ ‬من‭ ‬المسؤول،‭ ‬فيمكن‭ ‬مثلاً‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬إدارة‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬بإقامة‭ ‬حفلة‭ ‬عامة‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬توزيع‭ ‬شهادات‭ ‬شكر‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬العاملين‭ ‬والموظفين‭ ‬المجدين،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يقام‭ ‬هذا‭ ‬الحفل‭ ‬برعاية‭ ‬وبحضور‭ ‬أكبر‭ ‬مسؤول‭ ‬في‭ ‬المؤسسة،‭ ‬ويقوم‭ ‬هو‭ ‬بمنح‭ ‬تلك‭ ‬الشهادات،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬سيؤثر‭ ‬حتمًا‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬الوظيفي‭ ‬للشخص،‭ ‬وخاصة‭ ‬إن‭ ‬رافق‭ ‬ذلك‭ ‬هدية‭ ‬بسيطة‭ ‬أو‭ ‬درع‭. ‬ المستوى‭ ‬الخامس‭: ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الذات؛‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تتحقق‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الأساسية‭ ‬للإنسان‭ ‬فإنه‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬المرحلة‭ ‬النهائية‭ ‬ليحقق‭ ‬آخر‭ ‬احتياجاته،‭ ‬وهو‭ ‬تحقيق‭ ‬ذاته،‭ ‬والصورة‭ ‬التي‭ ‬يتخيلها‭ ‬لنفسه‭. ‬ففي‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬يتمكن‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬خوف‭ ‬من‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬النجاح،‭ ‬فهو‭ ‬يحاول‭ ‬بكل‭ ‬جهد‭ ‬أن‭ ‬يطور‭ ‬نفسه‭ ‬ومواهبه‭ ‬وقدراته‭ ‬حتى‭ ‬يحقق‭ ‬ذاته‭ ‬وأكبر‭ ‬ما‭ ‬يمكنه‭ ‬من‭ ‬إنجازات،‭ ‬عندئذ‭ ‬يشعر‭ ‬بذاته‭ ‬وكينونته‭ ‬ووجوده‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬أو‭ ‬البيئة‭ ‬المؤسسية‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭.‬ لقد‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬والعاملين‭ ‬الذين‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬ذواتهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الارتقاء‭ ‬في‭ ‬المناصب،‭ ‬وآخرين‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬نيل‭ ‬الشهادات‭ ‬الدراسية‭ ‬سواء‭ ‬الماجستير‭ ‬أو‭ ‬الدكتوراه،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬الذات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدورات‭ ‬التدريبية‭ ‬والمهنية،‭ ‬فكم‭ ‬من‭ ‬موظف‭ ‬تحقق‭ ‬له‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الوظيفة؟ ويجب‭ ‬أن‭ ‬نعلم‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬حقق‭ ‬الموظف‭ ‬ذاته‭ ‬فإن‭ ‬أداءه‭ ‬وإمكانياته‭ ‬ستتعاظم‭ ‬وفكره‭ ‬سيتوسع،‭ ‬ويصبح‭ ‬ميالا‭ ‬في‭ ‬الشعور‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يبذل‭ ‬قصارى‭ ‬جهده‭ ‬لتحقيق‭ ‬حاجات‭ ‬الأفراد‭ ‬الآخرين‭ ‬لأنه‭ ‬هو‭ ‬قد‭ ‬قام‭ ‬بتحقيق‭ ‬ذاته،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬فإنه‭ ‬حتمًا‭ ‬سيحقق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإنجازات‭ ‬والإبداعات‭ ‬والابتكارات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬وأن‭ ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬والأداء‭ ‬الوظيفي‭.‬ ما‭ ‬كتبناه‭ ‬هنا‭ ‬اليوم‭ ‬مجرد‭ ‬بعض‭ ‬التصورات‭ ‬البسيطة‭ ‬حول‭ ‬تحويل‭ ‬هرم‭ ‬ماسلو‭ ‬للاحتياجات‭ ‬البشرية‭ ‬إلى‭ ‬فكرة‭ ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬والأداء‭ ‬الوظيفي‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬سواء‭ ‬العامة‭ ‬أو‭ ‬الخاصة،‭ ‬فلو‭ ‬استطاعت‭ ‬كل‭ ‬مؤسسة‭ ‬خاصة‭ ‬أو‭ ‬عامة‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬وتوفير‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الإنسانية‭ ‬لموظفيها‭ ‬فإن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬ستتلاشى،‭ ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬فقد‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬بالموظف‭ ‬ولا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تراه‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬يقدمه‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الرضا‭ ‬أو‭ ‬لا‭.‬ والغريب‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬بدأت‭ ‬تحيد‭ ‬عن‭ ‬مصطلح‭ ‬وفكرة‭ ‬الرضا‭ ‬الوظيفي‭ ‬والاندماج‭ ‬الوظيفي‭ ‬إلى‭ ‬مصطلح‭ ‬جديد‭ ‬وهو‭ (‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭)‬،‭ ‬وهذا‭ ‬الموضوع‭ ‬سنتحدث‭ ‬فيه‭ ‬لاحقًا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ (‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭) ‬يجب‭ ‬التفكير‭ ‬فيه‭ ‬بصورة‭ ‬إيجابية،‭ ‬لأننا‭ ‬وجدنا‭ ‬أنه‭ ‬ذو‭ ‬تأثير‭ ‬فعال‭ ‬ومهم‭ ‬على‭ ‬الموظف،‭ ‬وخاصة‭ ‬عندما‭ ‬يأتي‭ ‬للعمل‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬أشد‭ ‬حالات‭ ‬الرغبة‭ ‬والرضا،‭ ‬فلا‭ ‬يأتي‭ ‬للعمل‭ ‬وهو‭ ‬ينتظر‭ ‬الإجازة‭ ‬الأسبوعية،‭ ‬وإنما‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬يأتي‭ ‬للعمل‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬الخاص‭ ‬وكأنه‭ ‬عمله‭ ‬هو‭ ‬شخصيًا،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬رب‭ ‬العمل‭.‬ وعندما‭ ‬يصل‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬فإنه‭ ‬حتمًا‭ ‬سيشعر‭ ‬بالسعادة‭ ‬الوظيفية‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬الوظيفة‭ ‬تحقق‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬احتياجاته‭.‬ Zkhunji@hotmail‭.‬com

مشاركة :