كما كانت مدارس زمن الطيبين غير، فرحتهم بالنجاح أيضاً كانت غير، خاصة في نهاية المرحلة الابتدائية ( الصف السادس)، ونهاية المرحلة الإعدادية ( الصف التاسع ) والثانوية العامة التي كان لها احتفال واحتفاء خاص بغض النظر عن النسبة أو المعدل الذي أحرزه. وببساطة المجتمع آنذاك وبمعايير فرحة ذلك الزمان كانت الأسر تحتفل في الفريج الواحد، لم تكن الفرحة تخص بيتاً بعينه بل الجميع كان يفرح ويسعد ويشارك في مهرجان الفرح دون أن ينتظر دعوة لذلك. صناديق المرطبات والمشروبات الغازية كانت أساس الاحتفال من بقالة الحي أو السيارات الكبيرة التي تدخل الحي بصوت محركها القوي المميز إيذانا بوصولها فيخرج الصغار فقط لمراقبة إنزال الصناديق الممتلئة بزجاجات المشروبات الغازية بأنواعها وحمل الصناديق الفارغة لإعادة تعبئتها. فرحة النجاح الفرحة كانت كبيرة بالنجاح وكذلك بنيل زجاجة مشروب غازي، أبواب البيوت مشرعة تستقبل الأهل والجيران، هود...وهدا كلمتا الاستئذان بالولوج إلى البيت ومنح الإذن للرجال من غير المحارم مراعاة لحرمة البيوت، كل شيء كان حسب الأصول ووفق العادات والتقاليد، في كرنفال جميل كان يبدأ وقت الظهر ويستمر حتى ما بعد العصر. تلك الفرحة التي غابت يفتقدها اليوم جيل كان يحرز 60 % ويفرح فرحة الـ 99 %. جامعة الإمارات التي أنشئت في العام 1976 في مدينة العين كانت تفتح ذراعيها لكل الطلبة وبالتالي لم يكن المعدل عائقا أمامهم في البدايات. كانت فرحة المجتمع بالدارسين والدارسات كبيرة. من ينهي الصف السادس أو التاسع يعامل معاملة من حصل شهادة الثانوية العامة، تعلن نتائجهم في الإذاعة وتلفزيون أبوظبي الذي يقطع بثه من أجل إذاعة النتائج، ويجتمع الجميع حول جهاز المذياع أو التلفاز لسماع النتيجة، ربما يبدو الأمر غريبا ومبالغا فيه اليوم لكن بمقاييس الزمن الجميل كانت بادرة طيبة تشجع الطلبة وتحفزهم للنجاح. أيام الدراسة كانت من السبت وحتى الخميس والإجازة يوم واحد فقط، تفصل بين السنة الدراسية عطلة الربيع ينجز الطلبة نصف المنهاج في النصف الأول من السنة الدراسية، وينهونه بامتحانات شاملة ويبدؤون النصف الثاني من السنة الدراسية بالجزء الثاني من المنهاج في الكتاب نفسه ذي الحجم الكبير وامتحان نهاية السنة يشمل جميع ما سبق تدريسه من الغلاف إلى الغلاف. حفظ القرآن تنتهي السنة الدراسية ويبدأ فصل جديد في العلم والتعليم في مراكز تحفيظ القرآن الكريم الذي أمر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه بإنشائه على نفقته الخاصة لأبنائه الطلبة خلال شهري الإجازة على أيدي معلمين ومعلمات أفاضل، ليكافئ الدارسون في نهايته بمبلغ 600 درهم كان كبيرا بمعايير ذلك الوقت. رحم الله من عمل على غرس حب العلم في النفوس في زمن لم يكن بمقدور الأسر أن تنفق على التعليم، مع شظف العيش وضيق ذات اليد.. رحم الله زايد وأسكنه فسيح جنانه. وجبات مجانية وزير التربية والتعليم كان آنذاك المرحوم بإذن الله الدكتور عبدالله عمران تريم، وكان الطلبة يحظون بوجبات مدرسية مجانية وزي مدرسي توفره الحكومة لهم، يأتي الخياط إلى المدرسة لأخذ مقاسات الطلبة وحياكتها، ليتساوى الجميع في الطعام والملبس الغني والفقير وأبناء الحاكم لا فرق.
مشاركة :