"الطير المحبوس يغرد في رعشة خوف من أشياء لا يعرفها لكن مازال يتوق إليها فيسمع لحنه من أقصى التلال أن الطير المحبوس يغني للحرية." (مايا انجلو). عندما تحضر المرأة تحضر معها رائحة المطر، والسوسن، والنفل، والأقحوان، وكلما هبّت الريح انتشرت رائحتها، وإذا نزل المطر تشم عبق أنفاسها، هذا الحضور البهي الباذخ، قابله معاناة تعيشها المرأة، فقد عانت من الإقصاء كثيراً، وقد كتبت الكثير من الأديبات عن تغييبهن، وطمس وجودهن، حيث مورست عليهن الكثير من العنصرية، في حين أن الرجل كان حاضراً بعظمته في الشعر، والرواية، والقصة، وغيرها من فنون الكتابة، ويُكتب عنه روائي عظيم، وشاعر فطحل، وكاتب لا يشق له غبار، ولكن المرأة ظلت أقلية وسط ضجيج الرجل الصارخ، وكل ما تكتبه المرأة يظل تحت وصاية الرجل فيحتفي به متى شاء. هذه الحالة المستمرة والتي تحاول المرأة كسر صدفتها لتخرج من تحت هذه الوصاية الاجتماعية والادبية وغيرها، جعلتني أستعرض بفكري موقف العديد من المفكرين والفلاسفة الغربيين تجاه المرأة حيث ذكر "د.إبراهيم الناصر بأن" (أفلاطون) صنف المرأة في العديد من كتبه ومحاوراته مع العبيد والأشرار ومع المخبولين والمرضى، إلى (ديكارت) من خلال فلسفته الثنائية التي تقوم على العقل والمادة: فيربط العقل بالذكر ويربط المادة بالمرأة، والفيلسوف (كانط) أحد أدباء الفلسفة الغربية: يصف المرأة بأنها ضعيفة في كافة الاتجاهات بالذات في قدراتها العقلية، كذلك فيلسوف الثورة الفرنسية (جان جاك رسو) يقول: إن المرأة وجدت من أجل الجنس ومن أجل الإنجاب فقط إلى (فرويد) اليهودي رائد مدرسة التحليل النفسي وموقفه المعروف من المرأة الذي يتضمن أن المرأة جنس ناقص لا يمكن أن يصل إلى الرجل أو أن تكون قريبة منه. لا أعلم لماذا هذه الحديّة والعنصرية.؟! تقلقني التفسيرات التي لا تنتهي عن المرأة وكأنها قادمة من كوكب آخر، من هي المرأة التي تصنفونها وتتحدثون عنها، أليست هي أمي وأختي وصديقتي وأنا؟ هي العالمة، والأكاديمية، والطبيبة، والمهندسة، والأم العظيمة، ألسنا نساء ولا يستطيع أن يتفهمنا إلا نساء مثلنا؟ لو حاولت امرأة أن تفسر الرجل وتحلل سلوكه وتصنفه كما تصنف المرأة التي هي أخت الشيطان عند البعض، لسوف تقوم عليها قيامة الذكور، وتُصب عليها لعنات حمراء جهنمية، وسوف تكون امرأة خارجة عن قانون المجتمع لتصبح هذه المرأة نائية عن ساحات الرجل والمرأة التابعة له حد الفجيعة، إلا في حالة رجوعها إلى صوابها بعدم الحديث عن الرجل "الفكرة" وتقبله بكل ما فيه. فبعض الرجال لدينا كما تقول (غادة السمان) رجعيّ السلوك تقدميّ العبارات والشعارات. إلا أن الملاحظ أن هناك تجييشا في مجتمعاتنا العربية ضد المرأة وكأن عجلة الزمن بدأت تدور للخلف لعصر الحريم (الحرملك)، لعصر الخضوع للرجل بطريقة لا إنسانية خالية من أي احترام أو حقوق لها، فتهميش المرأة وسلبها حقوقها من قبل أخيها العظيم الرجل، يزيد من كسوراتها، ويجعلها تعيش الحداد على نفسها، فهي تعيش التناقض المحكم، إلا أنها تريد أن تنفلت من الدائرة التي أحيطت بها كالمحارة، دائرة التخلف والعبودية. يقول ميخائيل نعيمة: (ما ظهرت امرأة صالحة على وجه الأرض إلا أصلحت رجالا كثيرين، ومادامت البشرية على الأرض، فستبقى المرأة حضنها الرحب، وساعدها الحنون، وقلبها النابض. فالرجل والمرأة جناحا طائر واحد هو البشرية).
مشاركة :