'شارلي ابدو' تضع فرنسا وإيران على حافة أزمة دبلوماسية

  • 1/5/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

باريس - وضعت الرسوم "المهينة" التي نشرتها المجلة الأسبوعية الفرنسية الساخرة شارلي ابدو للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، إيران وفرنسا على حافة أزمة دبلوماسية وسط توتر كامن أصلا بين البلدين الذين تبادلا منذ أمس الأربعاء واليوم الخميس سجالات واتهامات. وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا اليوم الخميس إن على إيران أن تهتم بما يحدث داخلها قبل أن تنتقد فرنسا بعد أن استدعت طهران سفير باريس بسبب رسوم كاريكاتورية نشرتها مجلة شارلي إبدو الفرنسية الساخرة. وتدهورت العلاقات بين باريس وطهران في الأشهر الأخيرة مع تعطل جهود إحياء المحادثات النووية التي تشمل فرنسا ومع اعتقال طهران لسبعة فرنسيين. ونشرت شارلي إبدو هذا الأسبوع عشرات الرسوم الكاريكاتورية التي تصور الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي في ما قيل إنه دعم لاحتجاجات مناهضة للحكومة خرجت بعد وفاة شابة إيرانية كردية في سبتمبر/أيلول وهي رهن احتجاز شرطة الأخلاق. وقالت كولونا في تصريحات لمحطة 'إل.سي.آي' التلفزيونية إن إيران تنتهج سياسات سيئة عبر إتباع العنف مع مواطنيها وباعتقال فرنسيين، مضيفة "دعونا نتذكر أن حرية الصحافة موجودة في فرنسا على عكس ما يحدث في إيران وأن تلك الحرية يشرف عليها قاض في إطار قضاء مستقل وهو أمر لا تعرفه طهران جيدا بلا شك"، موضحة أنه ليس لدى فرنسا قوانين تجرم التجديف. واتهم رجال الدين الحاكمون في إيران الذين يواجهون أسوأ أزمة لشرعيتهم منذ الثورة الإسلامية في 1979، أعداء أجانب بالوقوف وراء احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة بهدف زعزعة استقرار البلاد. وأثارت الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها شارلي إبدو رد فعل غاضبا من إيران وحذر وزير خارجيتها أمير حسين عبداللهيان من أن الخطوة التي وصفها بأنها "عدائية ومشينة" ستستتبع ردا حازما من طهران واتهم الحكومة الفرنسية بالتمادي. وقالت المجلة إنها نشرت الرسوم في طبعة خاصة لإحياء ذكرى هجوم دموي على مكتبها في باريس وقع في السابع من يناير/كانون الثاني 2015 ونفذه إسلاميون متشددون بعد أن نشرت المجلة الأسبوعية رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد. ومن المتوقع أن تبادر إيران بالتصعيد خاصة في ما يتعلق بملف الأجانب المعتقلين لديها وبينهم فرنسيون يواجهون تهما خطيرة بينها التجسس والتآمر على أمن الدولة والتحريض والانخراط في مخطط تخريبي وهي تهم تصل فيها العقوبات إلى الإعدام. وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية الخميس إغلاق المعهد الفرنسي للبحوث في إيران (إفري) في أول رد على نشر 'شارلي إبدو' الفرنسية الساخرة رسوما كاريكاتورية اعتبرتها طهران مهينة للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية. وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية أن "الجمهورية الإسلامية تندّد بعدم تحرّك السلطات الفرنسية المعنية المتواصل في مواجهة معاداة الإسلام والترويج للكراهية العنصرية في الإعلام الفرنسي"، معلنة "وضع حد لنشاطات المعهد الفرنسي للبحوث في إيران كمرحلة أولى" من الردّ الإيراني على الرسوم الكاريكاتورية. وبحسب موقعه الإلكتروني، فإن المعهد الفرنسي للبحوث في إيران ملحق بوزارة الخارجية الفرنسية. وقد أبصر النور في العام 1983 بعد اندماج "البعثة الأثرية الفرنسية في إيران" (دافي) التي أنشأت في العام 1897، والمعهد الفرنسي لعلوم إيران في طهران (إفيت) الذي أسسه هنري كوربان عام 1947. وحذّرت إيران باريس الأربعاء من أن ردّها سيكون "حاسما" بعد نشر رسوم كاريكاتورية "مهينة" لخامنئي، أعلى شخصية سياسية ودينية. وقُتل المئات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، خلال الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات. كذلك أوقف الآلاف على هامش التحركات التي يعتبر مسؤولون إيرانيون جزءا كبيرا منها بمثابة "أعمال شغب" يقف خلفها "أعداء" الجمهورية الإسلامية. وكتب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان عبر تويتر الأربعاء "إن العمل المهين وغير اللائق الذي بادرت إليه مجلة فرنسية ضد المرجعية السياسية والدينية لن يمر دون رد حاسم وفعال". وفي وقت لاحق، أعلنت الخارجية الإيرانية استدعاء السفير الفرنسي في طهران نيكولا روش على خلفية "السلوك المسيء لإحدى الصحف الفرنسية إزاء المرجعية والمقدسات والقيم الدينية والوطنية"، وفق وكالة أنباء "إرنا". وتابعت "إرنا" أن الناطق باسم الوزارة ناصر كنعاني أبلغ السفير الفرنسي في لقاء عقد الأربعاء "احتجاج إيران الشديد على الحكومة الفرنسية"، مؤكدا أن "الجمهورية الإسلامية لن تقبل إطلاقا بالإساءة إلى المقدسات ومبادئها الإسلامية والمذهبية والوطنية"، مضيفا "لا يحقّ لفرنسا تبرير الإساءة إلى مقدسات الدول الأخرى والشعوب المسلمة، بذريعة الدفاع عن حرية التعبير"، وفق الوكالة. وقال كنعاني "الجمهورية الإسلامية الإيرانية تحمّل الحكومة الفرنسية المسؤولية بشأن التداعيات المترتبة على هذا السلوك البغيض".  وبقي المعهد الفرنسي للبحوث في إيران الواقع في وسط طهران مغلقا لسنوات وقد أعيد فتحه خلال عهد الرئيس السابق حسن روحاني (2013-2021) كعلامة على عودة الدفء إلى العلاقات بين فرنسا وإيران. ويضم المعهد خصوصا مكتبة غنية يستخدمها طلاب اللغة الفرنسية وأكاديميون إيرانيون.

مشاركة :