الجزائر- أعفى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون اليوم الثلاثاء وبشكل مفاجئ وزير المالية عبدالرحمن راوية من منصبه بعد نحو 3 أشهر على تعيينه في خطوة تأتي في سياق تغييرات تجريها الجزائر لمواجهة أزمة مالية تفاقمت على اثر الغزو الروسي لأوكرانيا والذي تسبب في ارتفاع فاتورة واردات القمح والأغذية التي تسجل أسعارها زيادات قياسية. وجاءت إقالة راوية بعد أيام فقط على إنهاء مهام محافظ البنك المركزي رستم فاضلي وتعيين صلاح الدين طالب خلفا له في 25 مايو/أيار الماضي. ويشير قرار إعفاء راوية المفاجئ بعد إقالة محافظ البنك المركزي إلى أن الأمر يتعلق بجهود لمعالجة الاضطراب المالي الذي تعيشه الجزائر منذ الصدمة النفطية في صيف العام 2014 وأن تعافي أسعار النفط لم يخرج البلاد من أزمتها خاصة وأنها لا تزال تئن تحت وطأة تفشي فيروس كورونا. كما شهدت البلاد أزمة سياسية وحراكا شعبيا انطلق في فبراير/شباط 2019 احتجاجا بداية على ترشح الرئيس الجزائري الأسبق (الراحل) عبدالعزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة قبل أن تتحول إلى مطالب برحيل النظام. وفاقمت الأزمة السياسية حالة الاضطراب المالي ودفعت الجزائر إلى تجميد مشاريع كبرى وإلى اتخاذ إجراءات تقشف قاسية، لكن تراكمات الصدمة النفطية والأزمة السياسية والأزمة الصحية كانت أكبر من أن يتم السيطرة عليها حتى بعد تسجيل اسعار النفط والغاز قفزة قياسية بسبب حرب أوكرانيا. واستفادت الجزائر شأنها في ذلك شأن الدول المنتجة للنفط والغاز من الارتفاع القياسي لأسعار الخام، لكنها في المقابل لا تزال تعاني من تبعات الإغلاق الذي رافق الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا والذي تحول إلى جائحة عالمية. وقال بيان للرئاسة الجزائرية، إنه "بعد استشارة الوزير الأول (رئيس الوزراء) أيمن بن عبدالرحمن، وقّع رئيس الجمهورية مرسوما يقضي بإنهاء مهام وزير المالية عبدالرحمن راوية". وأضاف البيان أن الرئيس تبون "كلّف الأمين العام لوزارة المالية إبراهيم كسالي بتسيير شؤون الوزارة بالنيابة"، لكن البيان لم يذكر أسباب إنهاء مهام وزير المالية الذي عين في منصبه في فبراير/شباط الماضي، بعد أن ظل يشغله رئيس الوزراء أيمن بن عبدالرحمن منذ يونيو/حزيران 2020. وراوية مدير سابق للضرائب في الجزائر وخبير سابق في صندوق النقد الدولي، كما شغل منصب وزير المالية في فترة سابقة بين عامي 2017 و2020، حيث رحل عن المنصب آنذاك، إثر تعديل حكومي شامل. وكان صندوق النقد الدولي قد أشار في تقرير نشره في العام الماضي إلى ارتفاع فاتورة الواردات إلى 42 مليار دولار والصادرات بأكثر 31 مليار دولار، أي بعجز تجاري يفوق عشرة مليارات دولار، بينما توقع تسجيل التضخم نحو خمسة بالمئة في 2021 ونحو ستة بالمئة خلال 2022، إضافة إلى عجز في الموازنة يفوق 18 بالمئة، مقابل أكثر من 12 بالمئة خلال العام الماضي.
مشاركة :