في تطور يُنذر بتعميق التوتر في العلاقات الفرنسية - الإيرانية، أغلقت طهران «المعهد الفرنسي للبحوث في إيران» الموجود في طهران منذ العام 1983، وذلك كـ«رد أوّلي»، على نشر مجلة «شارلي إيبدو» الساخرة، الأربعاء، رسوماً عدّتها «مهينة» للمرشد علي خامنئي. وسبق ذلك استدعاء السفير الفرنسي في طهران نيكولا روش إلى وزارة الخارجية احتجاجاً على «السلوك المسيء لإحدى الصحف الفرنسية إزاء المرجعية والمقدسات والقيم الدينية والوطنية». وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قد نبه في تغريدة له إلى أن «العمل المهين وغير اللائق الذي بادرت إليه مجلة فرنسية ضد المرجعية السياسية والدينية لن يمر بلا رد حاسم وفعال». وجاء في بيان صادر عن الخارجية الإيرانية، أمس، أن طهران «تندّد بعدم تحرّك السلطات الفرنسية المعنية المتواصل في مواجهة معاداة الإسلام والترويج للكراهية العنصرية في الإعلام الفرنسي»، مطالباً باريس بـ«محاسبة المسؤولين عن نشر الأعمال العدائية الأخيرة والترويج لها، ومنع تكرارها». وقالت الخارجية إن إيران ستتابع «بجدية» الإجراءات التي ستتخذها فرنسا، كما دعتها إلى «مكافحة الإسلاموفوبيا بجدية». وتابع الناطق باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، أن إيران «تحمّل الحكومة الفرنسية المسؤولية بشأن التداعيات المترتبة على هذا السلوك البغيض»، وأنه «لا يحقّ لفرنسا تبرير الإساءة إلى مقدسات الدول الأخرى والشعوب المسلمة، بذريعة الدفاع عن حرية التعبير». إلا أن باريس لم تبقَ صامتة، إذ قالت وزيرة خارجيتها كاترين كولونا، في حديث تلفزيوني أمس، إن إيران «تنتهج سياسات سيئة عبر اتباع العنف مع مواطنيها وباعتقال فرنسيين»، كما دعتها إلى الاهتمام بما يجري داخلها قبل أن تنتقد فرنسا. ونوهت كولونا بحرية الصحافة في فرنسا قائلة: «دعونا نتذكر أن حرية الصحافة موجودة في فرنسا على عكس ما يحدث في إيران، وأن تلك (الحرية) يشرف عليها قاضٍ في إطار قضاء مستقل، وهو أمر لا تعرفه إيران جيداً بلا شك»، مضيفةً أن فرنسا ليست بها قوانين تجرّم التجديف. وقالت الخارجية الفرنسية أمس، إنها لم تتبلغ «رسمياً» بإغلاق المركز الثقافي المذكور، أما إذا تأكد الإغلاق فسيكون ذلك «أمراً مؤسفاً». لكنَّ الصحف الإيرانية أكدت الإغلاق. ويأتي هذا الملف ليفاقم التوتر القائم بين فرنسا وإيران، وليحرم باريس من إمكانية التدخل لدى طهران في ملفات عالقة، مثل الانتخابات الرئاسية اللبنانية، أو دورها في الحرب الروسية على أوكرانيا.
مشاركة :