إذا تكيفنا مع النمو السكاني، فإن صدمة جائحة كورونا تبلغ نحو أربعة أمثال الصدمة التي شهدتها الأزمة المالية الآسيوية. وقد تكون الزيادة الناجمة عن جائحة كورونا في معدلات الفقر المدقع أكبر زيادة منذ الحرب العالمية الثانية. وإضافة إلى استمرار الجائحة، حدثت أشياء كثيرة منذ إغلاق العالم في 2020. وهناك حدثان عالميان لا يزالان يتطوران ويحتمل أن تكون لهما آثار سلبية في أوضاع الفقر، وهما الضغوط التضخمية واسعة النطاق والحرب الدائرة في أوكرانيا. ولمراعاة هذه الاحتمالات المجهولة المتزايدة، نعرض أيضا سيناريو التطورات السلبية لـ2022. يفترض هذا السيناريو أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية الذي لوحظ خلال النصف الأول من 2022 يؤثر في قاع توزيعات الدخل أكثر من تأثيره في الجزء الأعلى على المدى القصير، "للاطلاع على مناقشة أكمل لتأثير زيادة أسعار المواد الغذائية في الفقر، انظر الفصل الأول من تقرير أداء القطاع الخاص". بما يتفق مع أرتوك وآخرون "2022"، نخصص أثرا أعلى بنسبة ثلاث نقاط مئوية لزيادات أسعار الغذاء على دخول أفقر 40 في المائة من السكان مقارنة بدخل أعلى 60 في المائة. ونقوم بذلك على نحو يبقي متوسط النمو الوطني على حاله. وفي الأساس، يحاول سيناريو التطورات السلبية رصد صدمات توزيعية إضافية بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية. ووجدنا أن معدل الفقر انخفض في 2021، ما أتاح تحقيق بعض التعافي، لكن وتيرة الحد من الفقر كانت مماثلة لاتجاهات ما قبل الجائحة ولم تكن قوية تقريبا بما يكفي لعكس مسار الزيادة في 2020، ولا يزال 42 مليون شخص آخرين فقراء في 2021 مقارنة بـ2019. وفي 2022، إذا شهدت جميع الأسر داخل بلد ما نموا في الدخل على قدم المساواة مع النمو في الحسابات القومية، فإننا نتوقع أن يعيش 667 مليون شخص في فقر مدقع. ويزيد هذا العدد بما يعادل 70 مليونا عما كان متوقعا لـ2022 قبل الجائحة. لكن إذا كان ارتفاع أسعار المواد الغذائية يؤثر في قاع توزيع الدخل أكثر من المستوى الأعلى، فقد نرى أن ما يصل إلى 685 مليون شخص يعيشون في فقر. وهذا ما يعادل 89 مليون فقير أكثر مما كنا نتوقع قبل الجائحة. وهو تقريبا العدد نفسه الذي أضيف إليه 90 مليون فقير في 2020، ما يعني أنه من المتوقع أن يؤدي تباطؤ النمو وارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى القضاء على أي مكاسب تحققت في 2021. وتخبرنا هذه التوقعات أنه بعد عامين من الجائحة، لم نتمكن من تحقيق نجاح يذكر في القضاء على الزيادة التاريخية في معدلات الفقر بسبب الجائحة. ونحن على مسار جديد أكثر صعوبة، ويجب بذل مزيد من الجهد إذا أردنا تصحيح المسار الذي وضعتنا عليه الجائحة. ويقدم تقرير الفقر والرخاء المشترك لـ2022 الذي صدر منذ فترة قصيرة رؤى متبصرة حول كيفية تصحيح المسار من خلال سياسات المالية العامة التقدمية والمحفزة للنمو، وبالنسبة إلى الدول التي نضبت قدراتها المالية بشدة جراء جائحة كورونا، فإن المساندة المالية مقدمة من دول أخرى.
مشاركة :