أصدر مشروع «كلمة» للترجمة في مركز أبوظبي للغة العربية بدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، الترجمة العربية لرواية «الفارس على السطح»، للكاتب الفرنسيّ جان جيونو، أنجزها المترجم والكاتب التونسيّ أبوبكر العيّادي، وراجعها وقدّم لها الشّاعر والأكاديميّ العراقيّ المقيم في باريس كاظم جهاد. ويصدر هذا الكتاب ضمن أربعة أعمال كبيرة منتخبة من أدب الجوائح الفرنسيّ، اختارها كاظم جهاد وتصدر ترجماتها عن مشروع «كلمة»، وتضمّ إلى جانب هذا العمل رواية «الكرنتينة» لجان ماري غوستاف لوكليزيو، و«الحرب الخفيّة» لجان مارك مورا، و«جغرافية البعوض السّياسيّة» لإريك أورسينا وإيزابيل دو سانت أوبان. و«الفارس على السّطح» رواية تنمو فصولها في ظلّ حدثين كبيرين: انتشار جائحة الكوليرا في منطقة بروفنس في 1830، والتجاء بعض الثّوار المشاركين في انتفاضة منطقة البييمونتي الإيطالية إلى الجنوب الفرنسيّ. وفي ظلّ هذين الحدثين تأتينا محاورات شائقة وتداعيات ثريّة وسرد ملحميّ لصراعات ومغامرات تمنح الرواية كلّ بُعدها الإنسانيّ وفلسفتها العميقة. يجتاز أنجيلو -حسبَ مقدّمة المُراجِع- طبيعة فقدت رواءها. وفي عديد حواراته كما في مناجياته لنفسه يبرع في تصوير أثر الجائحة وخفائها المريع: «شيء لا نعرفه يمسكك من أذنيك كأنّك أرنب في قفص، ويصيبك بضربة على قفاك فيُقضى أمرك. لا توجد وسيلة كي تسترخي في وضع مريح». وعن عمدٍ -والكلام لمُراجِع الترجمة- يفارق الكاتب واقعَ الجائحة الحَرْفيّ فيجعل أنجيلو ينجو من العدوى بالرّغم من احتكاكه بأفراد عديدين ومساهمته في تغسيل ضحايا الوباء. فكأنّ رسالة الكاتب هي أنّ الوباء يُصاب به من كان مستعدّاً للإصابة، وأنّ سلامة النيّة وقوّة العزم تمكّنان صاحبهما من اجتياز الجائحة بسلام. والمهمّ في اعتقاده هو النّجاة من براثن الوباء الآخر الذي يتمخّض عنه وباء الكوليرا، وكلّ وباء، ألا وهو موت الرّوح والقيَم وشيوع الأنانيّة والاتّجار بالخوف المعمّم من الجائحة. وهنا بالذّات يكمن المحمول الرّمزيّ والفكريّ لهذه الرّواية. إنّها استعارة عن أهوال الحرب وأثرها المُفسِد على النّفوس، منحها جيونو أبعاداً ملحميّة. ومؤلّف الروّاية جان جيونو (1895-1970) كاتب من الجنوب الفرنسيّ، عاش أغلب سِني حياته في قرية مانوسك، وجعل منها مسرح الكثير من رواياته، ومدّها فيها بأبعاد دلاليّة وكثافة إنسانية عالية فارتقت لديه إلى مصاف رمز أو بالأحرى بوتقة رموز. أمّا ناقل الكتاب إلى العربية، أبوبكر العيادي، فهو كاتب ومترجم تونسي مهاجر، ولد عام 1949 في جندوبة، ويقيم في فرنسا منذ 1988. نشر ستّ روايات وسبع مجموعات قصصية، ووضع كتباً بالفرنسية مستوحاة من التراث القصصيّ العربيّ والحكايات الشعبية التونسية، ونقل إلى العربية أعمالاً من الأدب العالمي.
مشاركة :