بدأت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون المنظمات الدولية ميشيل سيسون، جولة مغاربية تشمل كلا من الجزائر والمغرب. والتقت المسؤولة الأميركية الأحد بوزير الخارجية رمطان لعمامرة لبحث عضوية مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ووضعية الحقوق والحريات والمنظمات. يأتي ذلك بالموازاة مع انتقادات وجهها المجلس الأممي للحكومة الجزائرية خلال الفحص الدوري الأخير لملف الحقوق والحريات. وذكر بيان صادر عن الخارجية الجزائرية عقب اللقاء أن “المحادثات بين الطرفين تركزت حول العلاقات الثنائية وآفاق تعزيز الحوار الإستراتيجي، والتعاون الاقتصادي بين البلدين”، وهو ما يوحي بأن الزيارة حلقة من مسلسل تركيز أنظار واشنطن في الآونة الأخيرة على الجزائر، وأن المحادثات لم تقتصر على الطبيعة المهنية لكاتبة الدولة، وإنما توسعت لتشمل مختلف الملفات. منظمة "شعاع لحقوق الإنسان" تحث مساعدة وزير الخارجية الأميركي على الضغط على الجزائرية من أجل الإفراج عن النشطاء ولفت البيان إلى أن المسؤولين استعرضا ملفات إقليمية ودولية، دون تحديدها، لكن المؤكد، وفق متابعين، أن مسألة الاصطفافات في الأزمة الأوكرانية والوضع في ليبيا، كانا في صدارة تلك المشاورات، خاصة وأن رمطان لعمامرة غادر الأحد إلى طرابلس الليبية لحضور اجتماع وزراء الخارجية العرب، ولا يستبعد أن تكون كاتبة الدولة الأميركية قد أبلغت الجزائريين بمقاربة بلادها التي بلورتها لحل الأزمة الليبية خلال زيارة رئيس هيئة الاستخبارات مؤخرا إلى ليبيا. ويبدو أن الولايات المتحدة تريد من الجزائر أداء دور يساعد على فرض الحل الذي تراه في الأزمة الليبية، كما لا يستبعد وجود رغبة أميركية في الاطمئنان على مراجعة جزائرية لموقفها تجاه الحرب في أوكرانيا ومسألة الاصطفافات والتحالفات التي فرضت نفسها، خاصة مسألة التقارب بين الجزائر وروسيا، فضلا عن ضرورة تأمين الجزائر لحاجيات أوروبا من الغاز، لقطع الطريق على الغاز الروسي وكبح جماح ضغوطه على المنطقة. وأفادت وزارة الخارجية الأميركية بأن “ميشيل سيسون ستركز في زيارتها للجزائر والمغرب على أهمية حقوق الإنسان، خاصة وأن البلدين على وشك الانضمام إلى المجلس الأممي لحقوق الإنسان”. وأضافت الوزارة أن “مساعدة وزير الخارجية ستؤكد في اجتماعاتها على دعم الولايات المتحدة لبعثة الأمم المتحدة ‘المينورسو’ إلى الصحراء، وجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، في قيادة العملية السياسية في المنطقة”. ويبدو أن الزيارة التي تقودها مساعدة وزير الخارجية الأميركي للجزائر والمغرب، تبحث فرص اختراق جدران الأزمة القائمة بين البلدين، وإقناعهما بحلحلة النزاع القائم في المنطقة عبر بوابة الأمم المتحدة. ويشكل ملف الحقوق والحريات إحدى الأوراق التي تلوّح بها واشنطن في المدة الأخيرة تجاه الجزائر، خاصة مع تصاعد انتقادات الدوائر والمنظمات الحقوقية حول سياسة الحكومة المنتهجة ضد الناشطين والهيئات الناقدة والمعارضة للسلطة. اقرأ أيضا: الجزائر أمام مشكلة التعامل مع المثلية الجنسية وكان الرئيس عبدالمجيد تبون قد أصدر عفوا رئاسيا في حق الناشط السياسي رشيد نكاز، الذي ظهر في أول صوره في حالة إنسانية بائسة نتيجة وضعه الصحي وظروف السجن، وقد قايض في وقت سابق حريته باعتزال العمل السياسي، وطلب من رئيس الدولة من تمكينه من جواز سفره للانضمام إلى عائلته الصغيرة المقيمة في الولايات المتحدة. كما تأتي إثارة الملف الحقوقي غداة توقيف الإعلامي المستقل القاضي إحسان منذ نحو شهر، وإغلاق مقر مؤسسته الإعلامية المكونة من “راديو أم” الإلكتروني، وموقع “مغرب إيمارجون”، بتهم “تلقي وجمع أموال من الخارج والداخل للقيام بعمل مخالف للنصوص الناظمة للمهنة الإعلامية”، فضلا عن الإعلان عن حل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان التي تأسست نهاية ثمانينات القرن الماضي. وطالبت منظمة “شعاع لحقوق الإنسان” مساعدة وزير الخارجية الأميركي بـ”الضغط” على السلطات الجزائرية من أجل الإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان ومعتقلي الرأي وناشطي الحراك المسجونين. وقالت المنظمة في رسالتها لسيسون إن السلطات الجزائرية تمارس سياسات “قمعية، واعتداءات واضحة على حقوق الإنسان، وسط تفشي انتهاكات حقوق الإنسان بشكل غير مسبوق”. واعتبرت الهيئة الحقوقية التي تتخذ من العاصمة لندن مقرا لها، الوضع الحقوقي “المتردي” بالجزائر “حقيقة ساطعة لا يمكن تجاهلها، وستزيد من انعدام الاستقرار في المنطقة”.
مشاركة :